لماذا السياسات الرمزية؟

لماذا السياسات الرمزية؟

27 اغسطس 2017
+ الخط -
السياسات العامة في إحدى تعاريف العلوم السياسية هي "برنامج مدروس لتحقيق قيم نهائية، والقيام بتطبيقات محدّدة، ويتصرف مدلول السياسات العامة إلى مجموع القرارات التي تتخدها السلطة السياسية لحل المشاكل ومسايرة الواقع في شكل مخرجات".
السلطة السياسية ملزمة بضرورة حلّ مجموعة من المشكلات التي يعاني منها المجتمع، كالفقر والبطالة والصحة...، ويمكن أن تتجسد في مطالب معبّر عنها من مواطنين، سواء عبر الهيئات الوسيطة أو يتم التعبير عنها في مظاهرات أو في وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال دراستها هذه الظواهر (السلطة السياسية)، وتعاملها مع المطالب المرفوعة من المواطنين، تقوم بصياغة السياسات العامة، من خلال اتخاذها مجموعة من القرارات من بين بدائل كثيرة مطروحة، آخدة بالاعتبار تحديد الموارد المتوفرة والظروف القائمة.
يمكن أن تأخد السياسات العامة عدّة أوجه، هناك السياسات الاستخراجية، يسن فيها النظام السياسي سياسات استخراجية لتعبئة الموارد للرد على الطلبات الاجتماعية، يوجد السياسات التوزيعية، وتهم كلّ الأنشطة التي تقوم بها السلطة السياسية لتأدية الخدمات وتوزيع المنافع على المواطنين، المتمثلة أساسا في التعليم والتشغيل والصحة، وتظهر السلطة السياسية من خلال إقرار هذه السياسات كشخص معنوي يمنح الإعانات المادية.
سياسات إعادة التوزيع، وتتجلّى في السياسات التي تقوم بها السلطة السياسية، بهدف توزيع الموارد، وجعلها لصالح فئات من ذوي الدخل المحدود، مثل فرض ضرائب مرتفعة على ذوي الدخل المرتفع لتحقيق خدمات وامتيازات لذوي الدخل المنخفض، وإعفائها من تأدية بعض الرسوم، وتشمل سياسات إعادة التوزيع إنفاقات الرفاه الاجتماعي، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية ودعم المواد الأساسية، بالإضافة إلى منح التعويضات العائلية.
ما يميّز هدا النوع من السياسات أنها لا تحتاج إلى سياسات استخراجية ولا إلى سياسات التوزيعية أو إعادة التوزيع أو جوابية، فهده السياسات حسب السلطة السياسية التي تستعمل السياسات الرمزية تعد سياسات مكلفة ماديا وفكريا، وتقوم محتوى السياسة الرمزية بخلق رموز سياسية وزعامات، من أجل تدعيم الشعور بالمواطنة، وتغذية الإحساس بالولاء للسلطة السياسية، وتشجيع المواطنين على تقبّل التضحيات في سبيل الوطن، وهي سياسة لا تتطلب توزيع الموارد.
وتهدف السلطة السياسية من خلال السياسات الرمزية إلى تحقيق التكامل بين المواطنين والنظام السياسي، وفي هذا الإطار، يدخل الاهتمام بالأثار والتاريخ، لتذكير المواطنين بالأثار الماضية وبطولات السلطة السياسية والأمة، سواء في محاربة الاستعمار أو تهديدات أخرى، والاحتفال بالأعياد الوطنية والدينية.
وعند البحث عن الدول التي تستعمل هذا النوع من السياسات نجد أنّ غالبيتها "دول نامية"، وهي التي تعاني من اختلالات كبيرة في إعادة توزيع الثروات والمداخيل، بل المدهش في هذا الأمر أنّ السلطة السياسية عندما تقوم بسياسة إعادة التوزيع تقوم به لصالح الأغنياء، ما يفضي إلى اتساع الهوة بينهم وبين الفقراء ويؤدي إلى تفاوت كبير في طبقات المجتمع وعدم إحداث توازن بينهما.
تبقى السياسات الرمزية غير مكلفة ولا تحتاج إلى موارد كبيرة وتوزيع نفقات على المجتمع، بل القليل من الرمزية كافية لمسايرة الوضع، لكن ما يطرح التساؤل هنا: هل السياسات الرمزية كافية لاستقرار النظام السياسي؟ وهل إلى جانبها يلزم أن تتوفر سياسات أخرى؟
طبعا لا أقصد المجابهة، وهي استراتيجية قائمة على احتكار السلطة السياسية القوة، بهدف فرض نظر الحاكمين. للنظر إلى هذه الأسئلة يكفينا إلقاء نظرة من تحت على الدول النامية، والواقع العربي لاستخلاص الإجابات، ونظرة من فوق على الدول المتقدمة لتعلّم الدروس.
A887B8EB-EE4D-4054-BC36-3EBB9AD048F3
A887B8EB-EE4D-4054-BC36-3EBB9AD048F3
حمزة بلشقر (المغرب)
حمزة بلشقر (المغرب)