لوبان تغازل إسرائيل طمعاً في أصوات اليهود الفرنسيين

لوبان تغازل إسرائيل طمعاً في أصوات اليهود الفرنسيين

15 ابريل 2017
استطلاعات الرأي تمنح لوبان موقعاً متقدماً (Charly Triballeau/فرانس برس)
+ الخط -



حرصت زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف المرشحة لانتخابات الرئاسة الفرنسية، ماري لوبان، على مغازلة إسرائيل قبيل أيام على إجراء الجولة الأولى من هذه الانتخابات، من خلال الإعلان عن مواقف تتقاطع مع توجهات حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو، علاوة على تعمّدها التراجع عن بعض المواقف التي أثارت مخاوف اليهود الفرنسيين.


وقد كان من اللافت أن لوبان بادرت هي تحديداً بعرض فكرة إجراء مقابلة معها على صحيفة "ميكور ريشون"، التي تمثل اليمين المتطرف في إسرائيل، والتي يرأس تحريرها حجاي سيغل، العضو السابق في التنظيم الإرهابي اليهودي، الذي خطط أواسط ثمانينيات القرن الماضي لتفجير المسجد الأقصى، علاوة على مسؤوليته عن تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية التي أسفرت عن مقتل وجرح العشرات، وضمن ذلك محاولة اغتيال رؤساء بلديات فلسطينيين في الضفة الغربية.

ويقول الصحافي شالوم يروشالمي، الذي أجرى المقابلة مع لوبان، والتي نشرت على موقع الصحيفة اليوم، إن لوبان التي بذلت جهوداً شخصية من أجل ترتيب المقابلة وقبلت مسبقاً أن يتم توجيه أسئلة "صعبة" لها، رفضت في المقابل عروضاً من عدد كبير من وسائل الإعلام العالمية لإجراء مقابلات معها.

ويثير يروشالمي الشكوك حول دوافع حرص لوبان على أن تكون صحيفة إسرائيلية ذات توجه يميني هي من تجري هذه المقابلة وتعمدها "تملق" إسرائيل واليهود في هذه المقابلة، مرجحاً أن يكون هدفها من وراء ذلك محاولة التأثير على توجهات مئات الآلاف من اليهود الفرنسيين الذين يمكن أن تحسم أصواتهم مصير الانتخابات الرئاسية.

وحرصت لوبان أن تحضر المقابلة شخصيتان إسرائيلتان ترتبطان بعلاقات وثيقة بها وبحزبها، أحدهما مسؤول العلاقات الخارجية في "رابطة الشمال"، أهارون ماروف، التي تمثل اليمين المتطرف في إيطاليا، والذي يحمل الجنسية الفرنسية، وعضو اللجنة المركزية لحزب "الليكود" الحاكم في إسرائيل، دفيد أيش شالوم، والذي كان يوماً من رموز اليسار الإسرائيلي وغدا من منظري اليمين الصهيوني المتطرف.

وهاجمت لوبان بشدة حركة المقاطعة الدولية (BDS) التي تطالب بفرض عقوبات دولية على إسرائيل بسبب تواصل احتلالها للأراضي الفلسطينية، منددة بشكل خاص بالحملة التي تخوضها الحركة لإقناع المستهلكين في الغرب بمقاطعة البضائع التي تنتج في المستوطنات الإسرائيلية المقامة في الضفة الغربية، منوهة إلى أن فرنسا تحظر أنشطتها. وانتقدت لوبان البرلمان الأوروبي الذي تبنى مطالب (BDS) بتمييز البضائع التي تنتج في المستوطنات لدفع المستهلكين في أوروبا لعدم اقتنائها، حيث ادعت أن (BDS) تحتفظ بلوبي قوي في هذا البرلمان. وشددت لوبان على حقيقة أن المستوطنات مصدر بضائع تصدرها إسرائيل لأوروبا لا يبرر مقاطعتها.

ودحضت لوبان الانتقادات التي توجهها قيادة الجالية اليهودية الفرنسية ضدها سيما اتهامها بتنبي توجهات معادية للسامية، مدعية أن "التهديد الرئيس الذي يهدد اليهود الفرنسيين هو الإسلام المتطرف، الذي يقتل اليهود في شوارع المدن الفرنسية، أما نحن نحارب هذا الإسلام بكل قوة منذ سنين طويلة، وأنا والحزب الذي أقوده نمثل السور الواقي الذي يحمي اليهودي من هذا الخطر"، على حد تعبيرها.

ولفتت لوبان الأنظار إلى أنها لا ترى في اليهود الفرنسيين مهاجرين كما ترى في المسلمين الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية، على الرغم من أن معظم اليهود الفرنسيين هاجروا في ستينيات القرن الماضي من دول المغرب العربي.

ومن أجل استرضاء اليهود الفرنسيين تراجعت لوبان في المقابلة عن موقفها السابق بضرورة سحب الجنسية الفرنسية من اليهود الفرنسيين الذين هاجروا إلى إسرائيل ويحتفظون أيضاً بجنسيتها. وشددت لوبان على أنه بإمكان الفرنسيين اليهود الذين يحتفظون حالية بالجنسيتين في آن معاً أن يواصلوا الاحتفاظ بهما، مشيرة إلى أن الفرنسي الذي يحتفظ الآن فقط بالجنسية الفرنسية ليس بإمكانه اكتساب جنسية أخرى في المستقبل ومواصلة الاحتفاظ بالجنسية الفرنسية.

وبررت لوبان مطالبتها بحظر الرموز الدينية وضمن ذلك القبعات الدينية التي يعتمرها اليهود في فرنسا، قائلة إنها تصر على شمل اليهود بهذا القرار من أجل حمايتهم وللحيلولة دون تمييزهم من قبل المسلمين فيقومون بالاعتداء عليهم.

وشددت لوبان في المقابلة على رفضها الإطاحة بنظام بشار الأسد حتى لو تبين أنه استخدم السلاح الكيميائي مجدداً، زاعمة أن التجربة دللت على أنه عندما يتم التخلص من الأنظمة القائمة في العالم العربي "تحل الفوضى وتسيطر الأصولية الإسلامية المتطرفة، كما حدث في ليبيا والعراق".

من ناحيته قال الباحث الإسرائيلي المختص بالشؤون الفرنسية، دانيل بن سيمون، لـ"ميكور ريشون" إن الاهتمام الإسرائيلي واليهودي الكبير بنتائج الانتخابات الرئاسية في فرنسا هذه المرة ينبع من حقيقة أنه لم يكن اليمين المتطرف الفرنسي قريباً من سدة الحكم في يوم من الأيام كما هو عليه الحال حالياً.