مراكز استطلاع تسخر من الأردنيين
مراكز استطلاع تسخر من الأردنيين
أذكر جيداً، في تلك الأيام، أن مثل هذه القصص الخيالية وأمثلة العظماء تلك كيف كان لها الوقع الساحر، حيث كنّا نتقبّل بأريحيّة عدم حصولنا، دائماً وأبداً، على مطالبنا البسيطة، والتي ربما كانت لتشكل جزءاً يسيراً من بعض الحاجيات التي كانت توجد داخل حقائب بعض أقراننا من الطلبة، إذ كنا نعتقد جازمين بأن أثمان هذه الحاجيات في حقائب هؤلاء الطلبة، المرتاحين، كانت لتشكل أثمانها ثروة لأسرنا المعوزة، لكن أبطال قصص أمهاتنا الخيالية تلك وبأس صبرهم كان المحرك الأكبر لصبرنا.
في المقابل، لم يكن يخلو الأمر، أيضاً، من بعض العقاب والضرب لأولئك الأطفال في سنّنا تلك، والذين امتازوا بذكاء أكثر من ذكائنا، وعناد أشد، حيث لم تكن تنطلي عليهم تلك القصص وأمثلة العظماء، بل كانوا يعتبرونها في النهاية (ضحك عاللحى)، أو تصبيرة فاضية في أحسن الأحوال.
على طريقة أمهاتنا تلك (من قصص خيالية وأمثال لعظماء)، أطلّ علينا اليوم استطلاع للرأي قام به أحد مراكز الدراسات في الأردن، يظهر فيه ارتفاع شعبية الحكومة، وأن ما نسبتهم 66% من الشعب الأردني راضون عن أداء الحكومة، ويرون أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح!
لا نعلم بالضبط من ما زال ينظر إلى الشعب الأردني وكأنه طفل (كلمه تأخذه وكلمة تعيده)، هل هي الحكومة، أو مراكز الدراسات تلك أم كليهما معاً؟
أعتقد أنني أعيش في الأردن ربما، لنقول، منذ نعومة أظفار حكومة عبد الله النسور موضع الاستطلاع، لم أشاهد أو أقابل أي أردني أو أردنية، لا طفلاً ولا راشداً، لا كهلاً ولا شاباً وكان يوماً راضياً عن أداء هذه الحكومة، لا قبل تعديلها ولا قبل تجديدها ولا بعد! من أين أتى مركز الدراسات هذا بعيّنة الشعب الأردني هذه، لا أعلم والله، كفاكم استخفافاً بالشعب، كفاكم.
أين الدراسات والاستطلاعات العلمية التي تنتهج البحث العلمي الصرف، والتي تحترم مراكزها البحثية، قبل أن تحترم متلقيها من الشعب؟