مشروعات تونس تتأهب للتحرر من قيود التراخيص

مشروعات تونس تتأهب للتحرر من قيود التراخيص

25 مارس 2018
تسهيلات جديدة لجذب رؤوس الأموال (Getty)
+ الخط -
من المقرر أن تبدأ الحكومة التونسية في مايو/أيار القادم مرحلة التحرير الكامل لممارسة الأنشطة الاقتصادية، سواء التجارية أو الخدماتية، بإصدار قوانين تمكن من إلغاء التراخيص الإدارية المسبقة لتأسيس المشاريع، أو التخفيف منها بالاكتفاء فقط بالإجراءات التي تضمن السلامة الصحية للمنتجات أو الخدمات، وتأتي الخطوة استجابة لمطالب رجال الأعمال الذين دعوا إلى فك المبادرة الاقتصادية من قيود الإدارة.
ولا تزال تونس، بمقتضى القوانين المعمول بها حاليا، تفرض جملة من القيود الإدارية على ممارسة الأنشطة الاقتصادية، فيما يطالب رجال الأعمال بأن تكتفي الدولة فقط بالدور الرقابي وإنهاء العمل ببقية القيود.
ويصف مهتمون بالشأن الاقتصادي التحرر من الإجراءات الإدارية القديمة والرتيبة خطوة عملاقة نحو حفز الاستثمار الداخلي والخارجي، فضلا عن قطع الطريق أمام الفساد الإداري المنتعش من حاجة المتعاملين لقضاء مأربهم في مختلف المؤسسات الحكومية.
وقال وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي زياد لعذاري، مؤخراً، إنه سيتم قريبا نشر أمر يتعلق بمبدأ "صمت الإدارة بعد 60 يوما"، وبالتالي قبول رخصة ممارسة النشاط الاقتصادي خلال هذه الفترة، وأضاف المسؤول الحكومي أن الأمر الأول سيكون متبوعا بنص ثانٍ يتعلق بتحرير القطاعات من الرخص والاشتراط المسبق للتراخيص.
وتتمثل الإجراءات الجديدة التي ستطبق في بداية شهر مايو/أيار القادم في تمكين المستثمرين من الترخيص الآلي في حال عدم تلقيه الرد على طلب الترخيص، سواء بالسلب أو الإيجاب من قبل الإدارة في غضون 60 يوما، إلى جانب إلغاء جملة من التراخيص التي يتطلبها إحداث مشاريع في عدد من القطاعات.



وغالبا ما تسبب التعقيدات الإدارية وطول إجراءات الحصول على تراخيص في تحويل وجهة المتعاملين الاقتصاديين نحو أنشطة السوق الموازية هربا من الابتزاز الإداري أو إهدار الوقت.
ويعتبر الخبير الاقتصادي نادر حداد، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن متطلبات دفع المبادرة الاقتصادية أعمق بكثير من إلغاء التراخيص أو تقليص الإجراءات الإدارية، مشيرا إلى أن جذب المستثمرين الأجانب يتطلب خفض هذه المؤشرات السلبية للاقتصاد.
وأضاف حداد أن متطلبات مناخ الاستثمار تبدأ عند الاستقرار السياسي والأمني، وتنتهي عند سلامة البيئة ونظافة الشوارع مرورا بالإدارة والجمارك والبنى التحتية وقوانين الصرف.
وأبرز الخبير الاقتصادي أن هبوط احتياطي العملة الصعبة إلى معدلات ضعيفة يمثل حاليا أكبر عائق أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية، لافتا إلى أن ضعف الاحتياطي يمكن أن يحول دون تحويل المستثمرين لأرباحهم.
وفي الخامس عشر من مارس/ أذار الجاري خفضت وكالة التصنيف الدولي "موديز" تصنيف تونس الائتماني من "B1" مع نظرة مستقبلية سلبية إلى "B2" مع نظرة مستقرة، نتيجة تعثر إصلاحات النظام الضريبي وتراجع احتياط النقد الأجنبي.
وكان التصنيف الجديد الذي أعلنت عنه موديز متوقعاً من قبل خبراء الاقتصاد إثر إدراج الاتحاد الأوروبي لتونس على القائمات السوداء للتهرب الضريبي وتمويل الإرهاب وغسل الأموال.
وأطلق مؤخرا رئيس منظمة الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (اتحاد رجال الأعمال) سمير ماجول صافرة الإنذار داعيا الحكومة إلى التحرك السريع من أجل إنقاذ مناخ الاستثمار في البلاد وتحفيز المتعاملين الاقتصاديين الذين أصابهم الاحباط وفق قوله.
واتهمت منظمة رجال الأعمال الإدارة التونسية بالوقوف دون تحقيق مكاسب اقتصادية سريعة، معتبرة أن الفساد وقوانين بالية تحول دون تنفيذ مشاريع مهمة قادرة على توفير آلاف فرص العمل.
وسجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال شهر يناير/ كانون الثاني 2018 تطورا بنسبة 11%، وبلغت قيمة هذه الاستثمارات خلال ذات الشهر ما قيمته 128.4 مليون دينار أي نحو 53.3 مليون دولار مقابل 115.8 مليون دينار ما يعادل 47.9 مليون دولار لنفس الفترة من سنة 2017، وفق بيانات رسمية أصدرتها رئاسة الحكومة حول تطور الظرف الاقتصادي والمالي.



في المقابل، يقول وزير المالية الأسبق حسين الديماسي في تصريح لـ "العربي الجديد" إن البلاد خسرت في السنوات السبع الماضية ما قيمته 15 مليار دولار بسبب تعطل آلةالإنتاج في قطاعات حيوية، وشح الاستثمارات الدافعة لنسب النمو، معتبرا توتر المناخ السياسي السبب الأول في تعثر الإصلاح الاقتصادي.
وأكد رئيس منظمة كونكت لرجال الأعمال طارق الشريف غلق 4317 مؤسسة وخسارة أكثر من 200 ألف موطن شغل بعد اندلاع الثورة عام 2011 نقلا عن إحصائيات وكالة النهوض بالتشغيل، وقال رئيس المنظمة إنّ بطء الانتقال الاقتصادي مرده انتشار السوق الموازي والتهريب والتعطيلات الإدارية، وذلك خلال الندوة الوطنية "مقياس" لعرض وضعية المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس التي عقدت، مؤخراً.

المساهمون