مصر والطبقة الوسطى

مصر والطبقة الوسطى

04 يوليو 2015
+ الخط -
بمجرد أن تطأ قدماك أرض مصر، يخال لك أن أرضها انشقت وانقسمت إلى طبقتين، مما تراه من غنى فاحش وفقر مقدع، يجتمعان في الشوارع والطرقات، فترى السيارات الفارهة، وترى الفقراء بجوارها نائمين تتجافى جنوبهم على الأرصفة. يأكل الفقراء مهملات الأغنياء وبقايا الأطعمة التي لا يدركون اسمها، ولا يستشعرون مذاقها، وتلك هي فطرة مصر من بدء عصورها، وفي خضم حضارتها، وما تشهد به أهرامها، وتنطق به أحجارها، أن مجتمعها كان ملوكاً وعبيداً، غنياً وفقيراً. 

الطبقة الوسطى لم تنقرض، لأنها في الأصل لم تولد، فبمرور الأزمنة نمت فكرة وقسمة الغنى والفقير، ولم تر الطبقة الوسطى النور، ولم تحيا في مصر سوى في بعض القصص والروايات، أو في أذهان وخيال الفقراء المستورين، حين يقارنوا أنفسهم بالمعدومين. ولكن، سرعان ما يقفون أمام مرآة الواقع، ومع اختبار الداء والدواء، فيمرض أمراضاً، هي من نتاج بيئته وطعامه المسرطن ومائه الملوث، فيتلقى علاجاً في مشافي للفقراء غير ما يتلقاه الأغنياء إن وجد. 

حالم من رأى لمصر حاكماً يترك مطاردة معارضيه وقمعهم، ليصلح حال من أجلسوه على كرسيه. حالم من ظن لمصر حاكماً يترك ميراث سابقيه وفكرهم. ويبقى السؤال: هل للفقر من زوال أم نكتفي بالحمد على كل حال، ونرضى العيش بلا أحلام ولا آمال، ونقبل رأس الطبقة الوسطى في الأوهام والخيال.
avata
avata
محمد زكريا (مصر)
محمد زكريا (مصر)