مصير مزايدات قانون الاستيطان أمام المحكمة العليا الإسرائيلية

مصير مزايدات قانون الاستيطان أمام المحكمة العليا الإسرائيلية

القدس المحتلة

نضال محمد وتد

نضال محمد وتد
08 فبراير 2017
+ الخط -

احتفى اليمين الإسرائيلي، ليلة أمس الثلاثاء، أخيراً بسنّ قانون تشريع الاستيطان، وفق النص النهائي الذي قدمته اللجنة المشتركة للجنة الأمن والخارجية البرلمانية ولجنة القانون والقضاء والدستور، وسط إعلان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، أنه لن يدافع عن القانون أمام المحكمة الإسرائيلية العليا، لأن القانون الجديد ليس دستورياً، ويعارض القانون الدولي والقانون الداخلي لإسرائيل.

ولعل هذا الموقف المعلن للمستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، هو الذي جعل المراقبين في إسرائيل يجمعون بشكل تام تقريباً، أن القانون، على الرغم من خطورته، هو في الأساس نتاج التنافس والمزايدة المتبادلة بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وبين زعيم البيت اليهودي، نفتالي بينت، على من يرعى الاستيطان أكثر من الآخر، وأن نتنياهو اضطر، مطلع الأسبوع الماضي، إلى تعجيل طرح القانون للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة، حتى يكون هو وليس بينت، من يدخل الوعي الإسرائيلي، وتحديداً وعي جمهور المستوطنين، بصفته صاحب القانون ومناصره. علماً أن نتنياهو كان هدد في يونيو/حزيران 2012، عندما قدم الوزير الحالي، يريف لفين، نفس القانون، بفصل كل وزير يصوت إلى جانب القانون المقترح آنذاك، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى إفشال القانون وعدم تمريره، ولو حتى بالقراءة التمهيدية.

والواقع أن القانون الجديد، على ما يحمله من مخاطر لجهة تسريع النشاط الاستيطاني، ما كان ليمر، لولا ركون نتنياهو إلى إفشال القانون وإلغائه من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا، مع تقديم التماس رسمي لإلغاء القانون، كما ينتظر من قبل جمعيات حقوق الإنسان والجمعيات اليسارية في إسرائيل. أي أن نتنياهو أبدى موافقته، وأوعز بتسريع سن القانون، فقط لتفادي استغلال عدم تشريع القانون أو إفشاله في الكنيست، من قبل حزب البيت اليهودي، بقيادة بينت، ضد نتنياهو.

وأشد ما يخشاه نتنياهو في ظروف وصول إدارة أميركية مساندة لليمين في إسرائيل، أن يتهمه المستوطنون، وعلى رأسهم نفتالي بينت، بالمسؤولية الكاملة عن عدم محاولة "إنقاذ" 3921 وحدة سكنية أقامها المستوطنون في مستوطنات إسرائيلية على أراض خاصة، من مصير البيوت التي أقامها المستوطنون في ما أطلق عليه مستوطنة عامونا، التي كانت أقيمت على أراض خاصة لفلسطينيين من قرى سلواد وعين يبرود والطيبة، شرقي رام الله، إذ اضطرت حكومة الاحتلال، الأربعاء الماضي، إلى إخلاء هذه البيوت وهدمها تنفيذاً لقرار من المحكمة الإسرائيلية العليا. هذه الاعتبارات والضغوط المتواصلة، وما رافقها مراراً في الأشهر الأخيرة من إنذارات بالانسحاب من الحكومة، اضطرت نتنياهو أخيراً إلى تأييد مشروع القانون المذكور أعلاه، فقط لإدراكه أن هذا القانون لن يصمد أمام التماس للمحكمة العليا الإسرائيلية، بعد قرار المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ونائبه بأن هذا القانون مخالف للقانون الدولي، ويهدد في حال إقراره بجر المسؤولين الإسرائيليين، من المستويين العسكري والسياسي، للمحكمة الدولية في لاهاي بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وتقوم حسابات نتنياهو الحالية، على اعتماد ميزان الربح والخسارة في مجال الأصوات، وعدم خسارة جمهور المستوطنين، من جهة، وإلقاء المسؤولية في نهاية المطاف، على كاهل المحكمة الإسرائيلية العليا، التي ينتظر أن تجهض القانون، بما يعزز الخط الدعائي الداخلي لنتنياهو واليمين بأن المحكمة الإسرائيلية العليا باتت تشكل عقبة أمام قدرة الحكومة المنتخبة على تنفيذ سياستها، التي انتخبها الجمهور لتنفيذها. وفي المقابل، فإن المعارضة الإسرائيلية، التي عارضت القانون، بينت أن معارضتها للقانون تنبع من الأخطار التي يحملها لإسرائيل، وتحديداً في كل ما يتعلق بجر المسؤولين الإسرائيليين إلى المحكمة الدولية في لاهاي، وفق ما أعربت عنه مثلاً وزيرة الخارجية السابقة، تسيبي ليفني. أما زعيم المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، فأعلن أن القانون الحالي يعني الضم الزاحف فعلياً "دي فاكتو" وهو ما يعارضه حزبه. وحذر هرتسوغ من أن هذا القانون هو بمثابة قطار ينطلق من هنا ويصل محطته الأخيرة في لاهاي، ومن عربات هذا القانون ستخرج لوائح الاتهام الدولية ضد جنود وضباط يهود وإسرائيليين. هذا القانون يهدد المشروع الاستيطاني كله، وهو يضم لإسرائيل ملايين الفلسطينيين الذين سيطالبون بحق التصويت وبالحقوق المدنية الكاملة.

أما القائمة المشتركة للأحزاب العربية في الكنيست فأصدرت بياناً، قالت فيه بدورها إن "قانون تسوية الاستيطان رسالة واضحة للعالم أجمع أن إسرائيل ماضية في سياسة الاحتلال والاستيطان والحرب"، مضيفة أن "‎القانون الفاشي والعنصري، والذي يشرعن جرائم الاحتلال وينهب الأراضي الفلسطينية، أعدم الخيار السلمي وسد الأفق أمام إمكانية استقلال الشعب الفلسطيني، إذ استغلت حكومة اليمين هيمنتها لتبييض وضم المستوطنات وشرعنة النهب والسلب". وأضافت أنه "‎رغم أن القانون يتناقض والقانون الدولي، إلا أن حكومة اليمين أصرت على تطبيق خطة الاستيطان الزاحف، الذي سيجر المنطقة بأسرها إلى شفير الهاوية ولسفك الدماء. وذلك بالإضافة إلى تصعيد التحريض والعداء والكراهية ضد المواطنين العرب الفلسطينيين، وسحق كل هامش ديمقراطي للعيش الكريم".

ذات صلة

الصورة
فلسطينيون وسط دمار خانيونس - 7 إبريل 2024 (إسماعيل أبو ديه/ أسوشييتد برس)

مجتمع

توجّه فلسطينيون كثر إلى مدينة خانيونس في جنوب قطاع غزة لانتشال ما يمكن انتشاله من بين الأنقاض، وسط الدمار الهائل الذي خلّفته قوات الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة

سياسة

قرّرت شعبة الأمن في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن تغلق مؤقتاً 28 سفارة إسرائيلية حول العالم، تحسباً لإقدام إيران على الانتقام لغارة دمشق.
الصورة
مشهد لموقع مجمع الشفاء الطبي في غزة في 1 إبريل 2024 (محمد الحجار)

مجتمع

كشف فلسطينيون كانوا في مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في شمال قطاع غزة عن فظائع ارتكبتها القوات الإسرائيلية في خلال اقتحامها المستشفى قبل انسحابها منه كلياً.
الصورة
فلسطينيون والمقر الرئيسي لوكالة أونروا في قطاع غزة وسط الحرب (فرانس برس)

سياسة

قالت صحيفة "ذا غارديان" إن إسرائيل قدمت للأمم المتحدة مقترحاً لتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ونقل موظفيها إلى وكالة أخرى.