نذر توتر جديد بمناطق عراقية رافضة لعودة "البشمركة" وتلويح بالشارع

نذر توتر جديد بمناطق عراقية رافضة لعودة "البشمركة" وتلويح بورقة الشارع

01 سبتمبر 2020
شُكلت لجان مشتركة بين بغداد وأربيل لتحديد أماكن وجود البشمركة (أوزين جولا/الأناضول)
+ الخط -

يجري الحديث عن بوادر اتفاق، يرفضه نواب في البرلمان، بين الحكومة العراقية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان في أربيل، على إنشاء مراكز تنسيق أمنية مشتركة في المناطق التي تدخل ضمن تصنيف المتنازع على إدارتها بين الجانبين، ضمن محافظات كركوك وديالى ونينوى تحديداً، بشكل يمهّد لعودة قوات البشمركة إلى تلك المناطق بعد طردها منها نهاية عام 2017، إثر اقدام الإقليم على تنظيم استفتاء للانفصال عن العراق، ما دفع القوات العراقية لتنفيذ عملية استعادة السيطرة على أكثر من 20 منطقة وبلدة كانت تحت سيطرة البشمركة، أبرزها كركوك والطوز والدبس ومخمور وزمار وربيعة وسنجار وسهل نينوى.

واعتبر نواب في البرلمان العراقي الخطوة مرفوضة، وقد تدفع إلى نتائج عكسية على الأمن، ملوحين بورقة الشارع والتظاهر للوقوف بوجه محاولات إعادة البشمركة إلى تلك المناطق، معربين عن خشيتهم من تأثير ذلك على الأمن عموماً في تلك المناطق.

وقال عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى عبد الرحيم الشمري، إن مراكز التنسيق المشتركة بين القوات العراقية والبشمركة غير ضرورية، لأن التنسيق بين حكومتي المركز والإقليم يمكن أن يتم بين قيادة العمليات العراقية المشتركة في بغداد، والجهات الأمنية في أربيل، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن أهالي نينوى بمختلف مكوناتهم يرفضون إنشاء مراكز التنسيق. وتابع أن "البشمركة قوة لا تتبع إلى الحكومة العراقية، ولا يستطيع القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، تحريك عنصر واحد بالبشمركة من مكان إلى آخر"، مضيفاً: "نرفض بشكل قاطع دخول البشمركة إلى نينوى".

أُعلن في العراق الشهر الماضي، الاتفاق على إنشاء مراكز تنسيق أمنية مشتركة بين القوات العراقية والبشمركة في 3 محافظات هي نينوى وديالى وكركوك

وأشار الشمري إلى أن الوضع السياسي هو الذي يسيطر على الوضع الأمني، مبيناً أن سكان نينوى يتفاعلون مع الكاظمي باستثناء قضية مراكز التنسيق. وأضاف: "إذا لم تستجب الحكومة للأصوات الرافضة لعودة البشمركة، فإن نينوى ستشهد تظاهرات، وقد تنطلق فعلاً هذا الأسبوع".

في المقابل، قلّل النائب السابق عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" ماجد شنكالي من أهمية التظاهرات التي يجري التلويح بها ضد مراكز التنسيق المشتركة قائلاً: "لا أعتقد بوجود تظاهرات". ولفت إلى أن الأكراد قادرون أيضاً على الخروج بتظاهرات، موضحاً أن "المسألة لا ترتبط بالتظاهرات، بل تتعلق بأن نحو 90% من الأكراد في منطقتي سهل نينوى وسنجار لم يعودوا إلى مناطقهم لأنهم يعلمون أن الأمن غير مستتب فيهما بسبب عصابات حزب "العمال" في سنجار، وانتشار "الحشد الشبكي" في سهل نينوى". وتابع أن "عودة البشمركة إلى مناطق في نينوى تمثل ضمانا لإعادة الأسر النازحة إلى مناطقها"، متهما كل من يرفض تشكيل مراكز تنسيق مشتركة بين القوات العراقية والبشمركة بأنه "مستفيد من الوضع الحالي، خصوصا النواب الذين لديهم فصائل مسلحة".

وتساءل شنكالي "في أي قانون وفي أي دولة نائب لديه حشد وفصيل مسلّح؟"، مبيناً أن بعض الأطراف ترفض عودة القوات النظامية بما فيها البشمركة إلى بعض المناطق. وتابع: "كان الأجدر بالقوى السياسية والنواب الرافضين للبشمركة، العمل على إخراج مقاتلي "حزب العمال الكردستاني" الذين بسببهم نسبة كبيرة من أهالي سنجار لم يعودوا إلى المدينة"، مبيناً أن مقاتلي "الكردستاني" يعيثون فساداً في سنجار، كما أن "حشد الشبك" يسيطر على أماكن وأراضٍ في منطقة سهل نينوى.

ولفت النائب الكردي السابق إلى وجود حشود عشائرية وفصائل أخرى، غالبية منتسبيها موجودون بالأسماء فقط، مضيفاً: "نعلم ماذا كان يملك قادة هذه الحشود قبل سنوات وماذا يملكون اليوم، لماذا لا تقول لهم الدولة من أي لك هذا؟".

وبيّن أن تشكيل مراكز التنسيق في نينوى وديالى وكركوك جاء من أجل ضبط الأمن في مناطقها الرخوة التي تشهد نشاطاً لعناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، وأن التنسيق سيكون في مناطق متنازع عليها، وأن عودة البشمركة إليها ستكون وفقاً لاتفاقيات.

ولا يقتصر الجدل بشأن عودة البشمركة إلى المناطق المتنازع عليها على محافظة نينوى، بل شمل محافظة ديالى أيضاً، التي يشير أحمد مظهر وهو نائب عن المحافظة في البرلمان، إلى وجود تنافس للسيطرة على مناطق متنازع عليها فيها، مشيراً في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى وجود طمع كردي فيها بغية تحقيق أهداف سياسية.

ولفت إلى وجود مشاكل ليست وليدة اليوم في المناطق المتنازع عليها، تعود إلى مرحلة ما بعد عام 2003 (الاحتلال الأميركي للعراق)، مؤكداً أن الملف السياسي يضغط على هذه المناطق من قبل الحكومة المركزية تارة، وحكومة إقليم كردستان تارة أخرى. وتابع: "دائماً ما تحدث عمليات بيع وشراء في هذه المناطق"، مشيراً إلى وجود صفقات سياسية على مستوى عالٍ في مناطق متنازع عليها.

وأكد أن لا وجود سكانياً كبيراً للأكراد في بعض المناطق المتنازع عليها، مبيناً أن سكان هذه المناطق بدأوا يخشون من الحديث عن وجود مراكز تنسيق مشتركة، وما قد ينتج عن ذلك من انسحاب للقوات العراقية، ثم العودة للمربع الأول من خلال سيطرة الأحزاب الكردية عليها. وأوضح أن كل شيء اليوم مرتبط بالسياسة، مؤكداً أن من يريد إثبات الوجود والبقاء.

وبشأن احتمال خروج تظاهرات رافضة لعودة البشمركة إلى المناطق المتنازع عليها، قال: "ستجد ذلك لأن هذه المناطق ترفض عودة البشمركة بشكل قاطع".

والأحد، أكد المتحدث باسم نائب رئيس وزراء إقليم كردستان قوباد طالباني، سمير هورامي، وصول لجنة من وزارة البشمركة الكردية إلى بغداد للتباحث حول إجراءات البدء بتدريب قوات البشمركة، ومسألة المستحقات المالية لتلك القوات في الموازنة الاتحادية العامة.

وقال عضو "الحزب الديمقراطي الكردستاني" عصمت رجب في وقت سابق، إن الأصوات الرافضة لمراكز التنسيق بين القوات العراقية والبشمركة هي أصوات متعصبة، مبيناً أن بعض الأطراف بدأت بإصدار بيانات وتصريحات متشنجة، تهدف لـ"الدعاية الانتخابية المبكرة وتسويق نفسها أمام جماهيرها". 

وأُعلن في العراق الشهر الماضي، الاتفاق على إنشاء مراكز تنسيق أمنية مشتركة بين القوات العراقية والبشمركة في 3 محافظات هي نينوى وديالى وكركوك.

كما أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان علي الغانمي، في وقت سابق، تشكيل لجان مشتركة بين بغداد وأربيل لتحديد أماكن وجود البشمركة، مبيناً أنّ هذه اللجان ستتولى مهمة تحديد عدد هذه القوات في كل المناطق المتنازع عليها حسب التوزيع الجغرافي.

المساهمون