هل يريدون تجديد الخطاب الديني حقاً؟

هل يريدون تجديد الخطاب الديني حقاً؟

20 يوليو 2015
+ الخط -
أصبحت جملة تجديد الخطاب الديني رائجة بقوة، هذه الأيام، شأن جمل وكلمات كثيرة، أصبحت تتردد على مسامع الناس، عبر وسائل الإعلام، حتى تتحول لديهم إلى حقيقة وثابت من الثوابت، وذلك من كثرة التكرار، لأنه من المعروف أن العقل عندما يتم تكرار شيء معين عليه مرات ومرات، فإنه يصبح حقيقة، لا يساورها شك لدى الشخص، وإن كانت غير ذلك، وهذا ما يفعله الإعلام هذه الأيام، ومحاولة توجيه الناس إلى حيث مراد لهم. 
وهنا، أتحدث تحديدا عن جملة (تجديد الخطاب الديني)، نظرا لانتشارها بقوة، وتأثر كثيرين بها، وأيضا لخطورتها من حيث المضمون.
فهل من أطلقوا هذه الدعوة، في الأساس، ومن يقفون خلفها، يريدون تجديد الخطاب الديني حقيقة؟ أم طمسه ومسخه؟ ولا أستبعد هنا نظرية المؤامرة، والتي لا تروق لكثيرين، مع أنها حقيقة ومن ثوابت الحياة التي تعتمد على التنافس في الأساس.
ما أظنه يحدث الآن، وربما يتفق معي آخرون، أنه بعد فشل كل الحملات العسكرية على بلاد الإسلام، ومن بعدها الحملات النفسية التي مورست وتمارس إلى الآن على المسلمين، أدرك أعداؤنا أنه من الصعب القضاء على ذلك الدين، بصورة كاملة ونهائية، فقرروا الدخول من ناحية أخرى، هي الاستعانة بمن لا يشغلهم سوى مصالحهم، لزعزعة كل الشخصيات والرموز الدينية في نفوس المسلمين، من خلال تشويه كل الحركات والجماعات العاملة في مجال الدعوة الإسلامية، واستغلال أخطاء تلك الكيانات والجماعات، وتضخيمها للقضاء عليها تماماً، ثم يجد الناس أنفسهم حائرين، لا يعرفون أين الحقيقة، وممن يأخذون دينهم، فتكون الخطوة التالية لذلك ظهور رؤوس جهال، يقودون الناس، ويحاولون إقناعهم بأن النصوص الدينية لا بد من تنقيحها، وأنها لم تعد صالحة لهذا العصر. ومع مرور الوقت، يتم تفريغ الدين من مضمونه الحقيقي، ومسخه وتحويله إلى دين كوكتيل من كل عقل خرّب فكرة، وخال من كل قيمة وفضيلة. ومع مرور الزمن، يتعود الناس على ذلك الدين المحرّف، وهكذا يكون الجميع في الهواء سواء.
ومع الأسف، كل ذلك يدبر له أن يحدث تحت غطاء هذه الدعوة الخبيثة التي في ظاهرها الحق، ولكن في باطنها كل الباطل. وما يحدث لعدم فهم هؤلاء بحقيقة الإسلام السمحة، والربط بينه وبين أشخاص يحملون أفكاراً معينة، لا تمثل ولا يمكن أن تمثل الإسلام؛ لمحدوديتها، وقلة عدد معتنقيها، ونبذهم من كل العاملين في مجال الدعوة، بلا استثناء. بالإضافة إلى اعتبارات سياسية أخرى، ترى أن انتشار الإسلام وتمدده وقوته يهدد مصالح كثيرة، في مقدمتها مصالح الكيان الصهيوني، على سبيل المثال لا الحصر، وعوامل أخرى لا يتسع المجال لذكرها، إلا أن كل ذي بصيرة يمكنه إدراكها بمنتهى السهولة.
أيها المنادون بضرورة تجديد الخطاب الديني، إنه ليس بحاجة إلى تجديد. ولكن أنتم من هم بحاجة إلى فهمه فهماً صحيحاً، إن كنتم تريدونه من الأساس.
54371B97-F27A-4F03-A352-C9873B781B99
54371B97-F27A-4F03-A352-C9873B781B99
السعيد حمدي (مصر)
السعيد حمدي (مصر)