وقفة مع: إبراهيم فرغلي

وقفة مع: إبراهيم فرغلي

19 ديسمبر 2019
(إبراهيم فرغلي)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي، في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "لو عاد بي الزمن إلى الوراء، كنت سأوجد وسائل للتفرُّغ للكتابة بأسرع وقت ممكن"، يقول الكاتب المصري.


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟

- مشاغلي كثيرة، والوقت سيفٌ لا يمنحني رفاهية الانتهاء ممّا أودّ الانتهاء منه. عندي كتاب عن فلسطين أتمنّى أن أتفرّغ له، ويَشغلني منذ فترة عملان أحدهما يهتمّ بالذاكرة والآخر بالعقل، وقد ألحّا عليَّ معاً، فكان كلٌّ منهما يخطفني من الآخر لفترة، ثم تعطّلتُ عنهما لأسباب عديدة وظروف مختلفة. والآن يُفتَرض أن أختتم أحدهما لأتفرّغ للآخر. أظنّني سأنتهي من رواية الذاكرة لأتفرّغ لموضوع العقل، وأتمنّى أن أنتهي من العملَين خلال العام المقبل.


■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟

- آخر عمل صدر لي كان مجموعةً قصصيةً للناشئة بعنوان "أراجوز البحر"، وعملي القادم غير المنشور والذي انتهيتُ منه هو رواية للناشئة أيضاً بعنوان "الفتاة الآلية والأشجار آكلة البشر". أمّا عملي القادم للكبار فهو غالباً رواية عنوانها المبدئي "قارئة القطار".


■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟

- أنتجتُ حتى الآن 16 عملاً بين الرواية وأدب الرحلة والقصّة القصيرة وأدب الطفل والناشئة، ولا يمكنني القول إنّني راضٍ عنها لأسباب عديدة. في عالمنا العربي السعيد لا نمتلك ظروف إنتاج كتابة كتلك المتاحة للكاتب المتفرّغ في الغرب: الوقت ويُسر العيش الكافي لإنتاج الكتب، ووجود وكيل يخلّص الكاتب من تفاصيل التعاقد والطباعة إعادة الطبع بأفضل شكل ممكن. نحن نفعل ذلك كلّه ونتولّى تربية أطفالنا وتعليمهم ونحارب حرفياً لإيجاد الوقت اللازم لإنتاج كتاب يمتلك الحد الأدنى من الجدية التي تجعله يعيش ويقاوم الزمن. وربما لهذه الأسباب، لا يرضيني ما أنتجتُ ليقيني الدائم أنَّ كل كتاب يُمكن أن يكون أجود. لكنّي فقط أُرضي طموحي في التجريب في ابتكار وسائل سردية جديدة، وهذا أضعف الإيمان.


■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أيّ مسار كنت ستختار؟

- البدء من جديد حلم جميل، لعلّني سأدرس الفلسفة وأُتقن على الأقل لغتَين إتقاناً تامّاً للقراءة بهما، وأجد وسائل للتفرُّغ للكتابة بأسرع وقت ممكن، لكي أقرأ أكثر أيضاً.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- لا أريد من هذا العالم إلّا أنْ يُدرك أن ثمّة جهازاً مهما جدّاً يمتلكه كل البشر، وقدراته هائلة حرفياً، وأتمنّى أن نعمل جميعاً على استخدام كلّ ما هو متاح في هذه الآلة الجبارة التي تقع في أعلى رؤوسنا. لا أريد سوى أن يغدو العالم عقلانياً، لأنَّ العقل أساسُ العدل ومصدر السعادة والحرية الحقيقية وكشف زيف أي شعار يستخدمه البشر من أجل نفوذ السلطة أو الدين أو الشهرة أو التنمُّر... إلخ. العقل سرّ سعادة البشر، لو استعاد آلية عمله المعطَّلة.


■ شخصيةٌ من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟

- ابن رشد غالباً، فحين زرت الأندلس ورأيت شواهد الحضارة العربية هناك، شعرتُ أنّني أمضي قُدُماً في الزمن، وليس الأمر مجرّد عودة إلى تاريخ قديم. كان ثمّة تقدُّم ذهني وفكري وإنساني مذهل، وابن رشد من النماذج الذين يغبطني حقّاً أن أعايش زمناً عاشت فيه، وأن ألتقيه لأنه متقدّم كثيراً على زمنه في إدراك إمكانات العقل البشري.


■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟

- وأنا في الغربة، تخطُر على بالي كثيراً جلساتٌ مع الصديق مصطفى ذكري، وأيضا ياسر عبد اللطيف، وأحمد الرحبي. الأوّل مثقّفٌ استثنائي، والثاني شيخ حارة معلوماتية وتاريخية وصاحب ذائقة لا يُستهان بها، والجلسة مع أيٍّ منهما بالنسبة إليّ متعة كبيرة. أمّا الثالث فصديقُ فترةٍ من أجمل فترات حياتي في عُمان. تعلّمنا الفرنسية معاً، وقضى فترةً معي في القاهرة بعد عودتي إليها. بشكل عام، أحب أصدقائي كثيراً، وأذكُرهم كثيراً، أكانوا أصدقاء الطفولة أو أصدقاء العمر.


■ ماذا تقرأ الآن؟

- "الديمقراطية.. الإله الذي فشل" لـ هانز هيرمان هوبا، بترجمة نادر كاظم؛ كتابٌ بالغ الأهمية، و"رسائل من مصر" لـ ليدي دوف جوردون، بترجمة إبراهيم عبد المجيد. القائمةُ طويلةٌ عموماً، لكن هذا ما أقرأه حالياً.


■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟

- في أثناء الكتابة أسمع موسيقى كلاسيكية عادةً، أو موسيقى فيلم "الساعات" التي ألّفها الموسيقار فيليب غلاس. لكن بعيداً عن الكتابة أحبّ أم كلثوم، أظنُّها عبقرية لا تتكرّر. أختار أغنياتها حسب المزاج، لكن "الأطلال" و"أراك عصيَّ الدمع" أحبّهما، وأحب أغنيات منير التي يمزج فيها الكمان بالإيقاع بالغيتار الإلكتروني. أسمع أشياء كثيرة، وأنا شغوف أيضاً بـ "النيو أوبرا" ومثالُها موسيقى "إنيغما" وأغلب الفرق التي تشبهها.


بطاقة
كاتبٌ مصري من مواليد 1967. عمل محرّراً في عددٍ من الصحف والمجلّات الثقافية المصرية والعربية؛ مثل "روز اليوسف" المصرية، و"نزوى" العُمانية، و"العربي" الكويتية. من إصداراته في القصّة: "باتجاه المآقي" (1997)، و"أشباح الحواس" (2001)، و"شامات الحسن" (2014)، وفي الرواية: "كهف الفراشات" (2003)، و"ابتسامات القدّيسين" (2004)، و"أبناء الجبلاوي" (2009)، و"مفتاح الحياة" (2018)، وفي أدب الناشئة: "مغامرة في مدينة الموتى" (2014)، و"مصَاصو الحِبر" (2015)، وفي أدب الرحلة: "مداد الحِوار.. وجوه ألمانية بعيون عربية" (2006)، و"البلاد.. وهَم الحدود المصنوعة بالدم" (2015). تُرجمت بعض أعماله إلى الإنكليزية والفرنسية والدنماركية والألمانية.

دلالات

المساهمون