الفوضى تروّج لشركات الأمن الخاصة في أفريقيا

الفوضى تروّج لشركات الأمن الخاصة في أفريقيا

18 نوفمبر 2014
شركة خاصة هربت رئيس أفريقيا الوسطى السابق خارج بلاده(أرشيف/Getty)
+ الخط -
في ثنايا مناخ قارّي غير مستقر وموسوم أكثر من أي وقت مضى بانتشار الإرهاب وسطوة الجماعات المسلحة، ومع تعدد الانقلابات وازدهار أنشطة التهريب والقرصنة البحرية، أصبحت أفريقيا سوقاً مستقبلية للشركات العسكرية الخاصة.
وتقدر قيمة معاملات السوق العالمية للحماية الأمنية التي تسيطر عليها خدمات الشركات الأنغلوسكسونية على غرار "بلاك واتر" بنحو 100 مليار دولار سنوياً، فيما تظل القارة الأفريقية، "المجال الحيوي" للشركات الأمنية الفرنسية.
ويقول، جيل روسيل، الذي يدير شركة "أو-بي-آس أفريك"، إحدى الشركات العسكرية الناشطة على امتداد القارة الأفريقية، في تصريحات نقلتها وكالة الأناضول: "نحن نقوم منذ 10 سنوات بعمليات تدخل في أفريقيا، على غرار غينيا الاستوائية والكونغو الديمقراطية وموريتانيا وأفريقيا الوسطى، ومؤخرا نقوم بذلك في تونس".
شركات الحماية الأمنية الفرنسية، التي طالما لازمها النعت الذي أطلقه عليها المتابعون، بوصفها شركات "مرتزقة" وبكونها وريثة بوب دينارد، المرتزق الفرنسي الشهير، مضت بعيداً في الاختلاف عن هذا الأخير بتوفرها على هياكل قانونية وتزودها بلوجيستية دولية، فضلاً عن الفاعلية التي برهنت عليها في الميدان.
هذه الشركات تطالب اليوم بأن يقع النظر إليها كمقدم خدمات، تنشر عناصرها حين يظهر الفشل على إحدى أنظمة الدفاع في الدول الأفريقية، على غرار ما حصل في 2013، حينما تدخلت شركة "أو-بي-آس" الفرنسية لحماية رئيس أفريقيا الوسطى السابق فرانسوا بوزيزي، من هجوم قادته السيليكا (تنظيم عسكري سياسي) وتمكنت من تهريبه خارج البلاد.

وبخلاف هذه العملية، فإن أغلب العمليات الأمنية التي تقودها هذه الشركات تلزم نطاق السرية ولا تحتمل تسليط الأضواء.
وتتنوع عمليات هذه الشركات لتشمل طيفاً واسعاً من الأنشطة، مثل توفير الحماية لقادة الدول وتقديم دعم لفرق الحرس الرئاسي وعمليات انتشال مسؤولين سياسيين وتحرير الرهائن وحماية منشآت الشركات العابرة للقارات المتواجدة في أفريقيا وتأمين السفن التي تعبر المياه الإقليمية الأفريقية، ولا سيما ضد أنشطة القرصنة.
روسيل يقر بأن "أفريقيا تعتبر سوقاً مستقبلية للشركات الأمنية الخاصة، ولا سيما الفرنسية منها، كونها تستفيد من الشبكات التي تتوفر عليها فرنسا على مستوى القارة". ويمضي موضحاً كيف أن "اعداد عناصر الجيوش النظامية تشهد تقلصاً كبيراً، وأن الوضع يفرض قدرة على التأقلم، في حين تمضي الشركات الأمنية الفرنسية في أفريقيا على خطى الشركات الأميركية في العراق وفي أفغانستان حيث يبلغ عدد المتعاقدين (فرق عسكرية خاصة) لنحو 200 ألف شخص".
وفي الإطلال على الوضع القانوني للشركات الأمنية الخاصة، يلاحظ غياب أي إطار قانوني دولي أو قاري يحكم مجال نشاط وتدخل هذه الشركات، ما يجعل شبح عودة الاسترزاق إلى أفريقيا يخيم من جديد على القارة السمراء ويهدد بتقويض شامل لجهود السلام هنا وهناك على مدى القارة.
ويطرح روسيل تساؤلاته بخصوص نجاعة توفر أنظمة قانونية تهيكل القطاع: "وجود إطار قانوني دولي سيكون أمراً جيداً، ولكن، من سيحرص على تطبيقه؟".
أحد الخبراء في مجال "إدارة التهديدات الدولية" لفت، في التصريحات ذاتها، إلى الخطورة التي ينطوي عليها غياب تنظيم قانوني لنشاط هذه الشركات: من الضروري اعتماد إطار قانوني ينظم أنشطة الشركات العسكرية الخاصة كي لا نجد أنفسنا في وضع تفرض من خلاله هذه الشركات إملاءاتها على الدول التي ستكون حينئذ قد تخلت عن دورها السيادي بتأمين وظيفة الدفاع".