يصبح الماضي بلا قيمة له كحدث، إلا في وظائفه الأيديولوجية، ومن يزعم أن التاريخ محايد، يصعب عليه الدخول في أجندات صراعات تنهب عالمنا العربي اليوم، وبالأخص سورية.
"في الأدب والفن يسأل الكاتب البشر عن أفعالهم، ولكن الخطير الذي لا يغفره التاريخ هو أن يصطفَّ الكاتب، أو الفنان إلى جانب القتلة، أو يحاول تبرير جرائمهم.
يزعم أنصار النظام الجديد في سورية، أن العصر الأموي وحده هو الزمن المفقود الذي يريدون استعادته، ومن الصعب على أنصار ذلك الزمن أن يذكروا تفاصيل ما الذي يريدونه.
كل الأيديولوجيات التي احتدم الصراع بينها على أرض سورية، تضع "السورية" وراء ظهرها، وكانت النتيجة أن السوري كانتماء وهوية جامعة ظل في طور التحضير، دون أن يثبت.
كثير من الكتاب السوريين، في ظل الحروب الأهلية والدينية والطائفية التي تعم منطقة الشرق الأوسط، وسورية، انحازوا إلى جانب القاتل، وقدموا آراء للدفاع عن سياسته.
لا يتعلق أمر التعفيش بالخلط بين هذا المفهوم أو غيره، أو الاستخدام المعرفي غير الدقيق، فالكاتب يستعير المفاهيم كي يزور الحقائق، ويمسح الدماء عن خناجر القتلة.
تجاهل الأدب السوري هذه الحالة عموماً، ويمكن القول إن نوعاً من اللامبالاة بالبيت، قد ظهرت في غياب النصوص الشعرية أو الروائية، التي لم تحاول حتى أن تستعيد البيوت.
كتاب تاريخ سورية يؤكد أن أبناء المناطق السورية كافة لا يقيمون وزناً لأي شخصية وطنية عامة من المناطق الأخرى، بل يعملون على حشرها في طوائفها أو في مدنها وأريافها.
اللافت في الأمر انضمام أعداد كبيرة من المثقفين، من شرائح مختلفة، لا إلى جوقة التطبيل، أي الولاء الخالي من روح النقد، بل إلى جيش محارب مستعد لتصفية المعارضة.