"ستيلتو" بالعربي

"ستيلتو" بالعربي

24 أكتوبر 2022
+ الخط -

ستيلتو المسلسل الضارب أو هكذا يروج أنه ضارب، وهو النسخة العربية من المسلسل التركي جرائم صغيرة الذي عرض عام 2017. تدور أحداث القصة حول جريمة قتل تحدث أثناء حفل في أحد البيوت الفارهة تحضره شخصيات كبيرة، وأثناء ذلك، يتعرض المسلسل لعلاقات الحب والكره والغيرة والحقد ومعالجة المشاكل اليومية الحياتية.

وبما أني أعرف طبيعة مثل هذه المسلسلات سلفا، فلم أكن حريصة على متابعة حلقاته كاملة، ولكن ما لفت انتباهي في المسلسل هي العلاقات، التي تقف عندها لتسأل نفسك ما الذي يروج له المسلسل؟

فمثلا علاقة ألمى والأستاذ خالد، لا أعلم ولم أر رجلا طبيعيا يقبل بمثل هكذا علاقة، ولا أعلم أن رجلا قد يقبل لحبيبته صديقا كأنه امرأة يلازمها في كل الأوقات، نحن بشر ولسنا ملائكة، ولا أتذكر أني تابعت مسلسلا أو فيلما أجنبيا يحمل مثل هذه الفكرة، وإذا كانت المرأة بحاجة لصديق بهذه الصورة فلماذا لا تكون صديقة؟

علاقة كريم وألمى، مشاهد التقارب التي تأخذ أكثر من نصف الحلقة، إن ما أخشاه هو مشاهدة العقول غير الناضجة بما يكفي واعتقادهم أن هذا واقع، لم يكن البشر أبدا ملائكة ولم يكونوا منزوعي الغرائز أبدا، عندما تؤمن المرأة بمثل هذه الأفكار التي تسعى جاهدة لتسليعها والعودة لزمن الجاريات، فالرجل تُعرض أمامه النساء بكامل زينتهن وشياكتهن، وما عليه هو سوى الاختيار، فستدفع الثمن هي وحدها، قديما كان الرجل يدفع الثمن نقودا، أما الآن فالمرأة هي التي تدفع الثمن من كرامتها وعفتها، من تتبع بقلبها مثل هذه الأفكار ستصحو لتجد نفسها وقعت في مصيبة أكبر منها، وستكره معها نفسها وجنس الرجال جميعهم، ثم امرأة مثل فلك امرأة كاملة، عندما يقرر الرجل الفاضل أنها كانت نزوة في حياته أو أنها لم تكن حبا فتلك حجة الرجال جميعا حينما يقرون الترك لأجل امرأة أخرى والنتيجة ماذا؟ تدمير أسرة.

في كثير من الأحيان لا نميز معه بين الإعجاب والحب، وكلاهما يعطيك نشوة تحلق بك للسماء

مثل كريم مهما كان رجلا فاضلا، فهو كاذب يحيك حباله حول المرأة بأناقة وشياكة حتى لا تعود قادرة على التمييز ورؤيته مثل أي رجل آخر زير نساء، إن المسلسل رتيب ولا توجد فيه أحداث، وتمثيل الممثلين بارد جدا فيما عدا فلك، دورها مقنع وحضورها قوي، ولربما وجودها هو أحد عوامل نجاح المسلسل، أما ما تبقى فهو بارد بطريقة مملة.

إذا كان المسلسل ناجحا بالفعل، فإنني أرى أن نجاحه يعود لعرضه حلما جميلا يحلم به أكثر من نصف العالم العربي، الحياة الفارهة والنساء المعروضات كالفاكهة في محل راق فخم، حتى بالرغم من خسارة كريم، استمرت حياة الرفاهية، ما أجمل هذا الواقع في ظل الأزمة الاقتصادية، خسران وبقي الخدم والحفلات والأبهة الاجتماعية.

أضف إلى ذلك تلميحات الإعجاب والحب بين كريم وألمى التي أخذت أكثر حلقات المسلسل، وهذا أجمل ما في الحب أو الإعجاب، إن أجمل ما في الحب بداياته، النظرات المسروقة، الخوف من الرفض، الضحكات المكتومة، اللمسات بقصد أو مصادفة، اللمسة الأولى والقبلة الأولى، جميعها إحساس في كل مرة يحبس الأنفاس، وتسري في الجسد قشعريرة تلهب الحواس، في كثير من الأحيان لا نميز معه بين الإعجاب والحب، وكلاهما يعطيك نشوة تحلق بك للسماء، لا تعود تشعر بوقع خطاك على الأرض، لا تستطيع القول سوى أنه شعور حلو يحلق بك للسماء، وتلك اللحظات بين ألمى الناعمة الحنون والجنتلمان كريم في قمة المثالية، إنها متعة اللحظات الأولى تغطي على هشاشة المسلسل والأفكار التي يروج لها، مثل مساكنة لؤي وحبيبته، وزميل نايلة، وكأن دخول وخروج زميل المرأة في العمل بيتها أمر طبيعي وعادي، إن المسلسل من عالم آخر فضائي، لو أن المسلسل قام على تعدد الزوجات لقامت الدنيا وما قعدت، أما أن يعرض بهذا الشكل فهذه قمة الحضارة والتمدن، أجارنا الله من القادم وحمانا وأطفالنا من الأفكار الهادمة التي يروج لها.

A70A6B05-880A-46F3-93C3-09859D5CFC65
إيناس عبد الفتاح
صيدلانية كاتبة مقالات وقصص على مواقع التواصل الاجتماعي، نرتقي بالفكر ونكتب لنصل إلى العقول وشيء من العاطفة