السوريون في لبنان وخطاب الكراهية رقمياً وواقعياً

السوريون في لبنان وخطاب الكراهية رقمياً وواقعياً

30 يوليو 2022
+ الخط -

في عالم اليوم وبظل الانتشار الواسع لمنصات وسائل التواصل الاجتماعي ومُستخدميها، فقد لا نبالغ إن قلنا أنه لا يوجد من لا يملك حساباً على هذه المواقع المُختلفة، حيث اتسعت آفاق تصدير خطاب الكراهية والعنصرية، وبات من السهل نشر هذا الخطاب بسرعة غير مسبوقة ليصل إلى أبعد نقطة في العالم، فنحن أمام فضاء رقمي مفتوح للجميع حيث تنتشر المعلومة بطريقة غير محدودة وبدون أي موانع والخبر سيسري كالنار في الهشيم خلال دقائقٍ معدودة، ومن أكثر الظواهر المُقلقة تنامي خطاب الكراهية والعنصرية لا سيمّا خلال الأزمات السياسية أو الاجتماعية والمعيشية التي قد تعصف بمجتمع ما، وفي تقييم لبعض هذه الظواهر يتبين أنّ هذا الخطاب صادر عن الجهات السياسية الحاكمة في هذه المجتمعات لإشغال الشعوب وإلهائها عن قضاياها وأزماتها الاجتماعية والمعيشية، وهذه تُعتبر من الإستراتيجيات التي تعتمدها بعض الأنظمة السياسية في الساحة الرقمية خدمةً لمصالحها وسياساتها.

وإن هذه التفاعلات داخل الشبكات الاجتماعية وما تحمل من خطابات عنصرية ومُحرّضة على العنف خصوصاً إذا كانت ضمن مجتمع ونطاق جغرافي واحد، فحتماً ستتحوّل من تفاعلات افتراضية إلى عنف حقيقي يُهدّد السلامة العامة ويُعرّض المُستهدفين إلى خطر جسدي قد يودي بحياتهم، وهذا ما حصل خلال الأيام الأخيرة في لبنان حيث يشهد أزمات متعدّدة ومنها أزمة الخبز والطحين، وبعد أن اشتعلت شبكات التواصل الاجتماعي في لبنان بوسم "أرضنا مش للنازح السوري"  تضمن إساءات وإهانات عنصرية وصلت لحد التحريض ضد اللاجئين السوريين في لبنان للاعتداءعليهم وطردهم من أمام الأفران ومنعهم من الحصول على الخبز ولو بالقوّة، ونتيجة لهذا التحريض والخطاب الرقمي فقد تحوّل إلى أعمال عنف في الشارع اللبناني، حيث وثّق مقطع فيديو صادم يُظهر اعتداء لبنانيين على لاجئ سوري بعد حصوله على "ربطة خبز" في العاصمة اللبنانية بيروت – منطقة برج حمود، وُيظهر الفيديو عدداً من اللبنانيين وهم يمسكون الشاب السوري وسط الشارع، فيما يقوم آخرون بضربه وركله بأقدامهم في مشهد تقشعر له الأبدان، وهذه تُعتبر حادثة من عدة حوادث حصلت ضمن مناطق مختلفة.

إن ما حصل مؤذ جداً ومُستنكر ويخالف كل المبادئ الإنسانية والأخلاقية. والمرتكبون هم مجرمون ويجب أن يحاسبوا وفقاً للقوانين المرعية، وعلى الصعيد الرقمي فإن المسؤولية القانونية تقع أيضاً على المُغرّدين والمشاركين في هذه الحملات التحريضية التي تسبّبت بالأذى الجسدي والنفسي والمعنوي لأناسٍ أبرياء، لذلك يجب خلق وعي رقمي عند مُستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي لمكافحة خطاب الكراهية والعنصرية في هذه الساحة وترتيب آثار قانونية لكل من يشارك في هذه الخطابات والحملات الرقمية المُتطرفة.

اخواني من الشعب اللبناني، إن قضايانا وآفاتنا الاجتماعية والمعيشية هي بسبب المنظومة التي تتحكّم بالبلاد منذ عشرات السنين وما زالت، فليكن حضورنا الرقمي للمطالبة بحل هذه القضايا ونقل أوجاع الناس والمطالبة بحقوقهم. إن حرف البوصلة نحو قضايا أخرى كما حصل مع اخواننا من الشعب السوري وإلصاق مشكلة عدم توفر الخبز بسببهم هو عمل ممنهج ومُدبّر من قبل المُتسببين بكل ما يحدث في البلاد لحرف الأنظار عنهم وخلق قضايا لإلهاء الشعب اللبناني بها.

 

راغب ملي/ فيسبوك
راغب ملي
مدير الاتصال الرقمي في مركز أبحاث الحكومة الإلكترونية، كاتب وباحث ومتخصص في مجال إدارة مواقع التواصل الاجتماعي.