جلسة نساء وفنجان قهوة (2/2)

جلسة نساء وفنجان قهوة (2/2)

01 سبتمبر 2021
+ الخط -

منتصف يونيو/حزيران 2014 دُعيت من قبل سيدات تركيات لجلسة سمر بأحد المقاهي، وسارعت بالموافقة لرغبتي في التعرف على أهل البلد وتعلم الثقافة التركية لينخرط أولادي وسط المجتمع بسهولة.

الجلسة الماضية قدمت نموذجاً للحوارات والعادات التي تدور في جلسات العربيات، وأقدم في هذه المدونة نموذج جلسة وسط سيدات تركيات، وما يوجد من نقاط اتفاق في جلسات السيدات رغم اختلاف الثقافة والجنسية.

ولكن قبل الدعوة والقبول، ما يعرف عن الأتراك من رفض التعامل مع الجنس العربي فهو صحيح، قدرتهم على تقبل جنسيات أخرى ضعيفة جداً، ولكونه شعباً مكافحاً لسنوات طويلة وعانى من الفقر والاحتياج، اضطر في السنوات الأخيرة تقبل السياح القادمين من الدول العربية والخليج وأصبح منهم المقيم لأنه يمثل لهم انتعاشة مادية.

في بداية الأمر حركهن الفضول للتعرف على الأجنبية الوحيدة المقيمة بمنطقتهن ومن النظرة الأولى قلن هل أنت من إيران؟ كنت أظن أنهن يرونني سورية، وسألتهن، قلن لم نتوقع ذلك لأن في منطقتنا السكنية لا نقدم شقق إيجار للسوريين، وعندما أبلغتهن أني مصرية الجنسية ومجال عملي أنا وزوجي، زاد التقدير والامتنان وعروض الضيافة وجلسات السمر والمساعدات الاجتماعية والدراسية للأولاد، وذلك من حسن نصيبي.

هؤلاء السيدات الجميلات، يحضرن عشرات الكيلو جرامات من الطماطم والفلفل الأخضر لصنع نوع من الصلصة تكفي طوال العام

وفي أحد الحوارات مع الجارة الأقرب لقلبي وأصبحت صديقة عزيزة الآن، قالت لي: "لا تقولي مرة أخرى أنك عربية، بل قولي أنا فرعونية، فذلك أفضل" ومن هنا علمت سر تقبلهن للتعامل معي.

نعود لأول جلسة وما جاء بعدها من جلسات، اشتركت النساء جميعا في حب القهوة والشكوى من الرجال، طلبنا جميعنا قهوة تركية، أعدت على مهل وقدمت برغوة عالية ومعها قطعة من حلوى الحلقوم، وكوب صغير من الماء، فور حضورها أخرجت كل منهن سيجارة، وسكت الجميع  حتى ينتهين من مهمة إشعال السيجارة، على صوت القداحات، وأنا اترقب الجميع حتى انتهين، أخرج الجميع النفس الأول من السيجارة، وأثناء ذلك عرضت علي الجالسة بجواري بسيجارة وقلت: "لا أدخن"، وذلك أصبح أول حوارات الجلسة بيننا ودار نقاش طويل ومحاولات للإقناع بالتجربة، حتى ظننت في وقت أني السيدة الوحيدة في العالم التي لا تدخن.

تحدثت الحاضرات كثيراً عن نظافة المنزل والملابس، وعلى الرغم من أنهن من طبقات مخملية مدللة، ذكرنني بسكان منطقة المعادي القدامى، ويبدو من مظهرهن أنهن عارضات أزياء، إلا أن كل واحدة تعمل على نظافة منزلها بنفسها، قد تلجأ لامرأة تساعدها مرة بالأسبوع في ترتيب المهام الصعبة، ولكن جميعهن يبذلن المجهود الكبير في الحفاظ على نظافة وتنظيم البيت وتعلمت منهن الكثير في ذلك.

انتقلن للحديث عن الأظافر والشعر والتجميل وأدوات التصفيف والموضة والرياضة والرجيم والصحة والمجوهرات، تحدثن عن كل شيء وأي شيء.

لم أكن أتوقع أن يتحدثن عن مؤونة الطعام التي يحضرنها من الصيف للشتاء، ولكن تحدثن، هؤلاء السيدات الجميلات، يحضرن عشرات الكيلو جرامات من الطماطم والفلفل الأخضر لصنع نوع من الصلصة تكفي طوال العام، ويعددن مخللات منزلية من كافة الخضراوات، في هذه الفقرة تحدثن عن التوفير والإدارة المادية والاقتصادية.

ما كنت أنتظره أن نتحدث عن الأبناء والتربية، تحدثن، ولكن بتفاخر، فكل أم ترى ابنها الأفضل، فكل واحدة لديها ابن واحد وربما اثنان على الأكثر، واعذرهم، ربما أنا أيضاً أقع في ذلك، وأرى "القرود غزلان".

انتهينا جميعاً من القهوة وكل واحدة قلبت وجه فنجانها على الطبق، لترى فألها، ومع التطور العصري، بعض منهن أخذن صورة لقعر الفنجان وأرسلنها لآخرين ليساعدوا في النظر لفألها.

دلالات