"مؤتمر الموسيقى العربية": سنةٌ للمسرح الغنائي

"مؤتمر الموسيقى العربية": سنةٌ للمسرح الغنائي

26 اغسطس 2022
كان محمد عبد الوهاب من أصغر الموسيقيين الذين شاركوا في مؤتمر عام 1932 (Getty)
+ الخط -

ليس من المفاجئ أننا بتنا اليوم شاهدين على تشكُّل مكتبة، في أكثر من لغة، حول مؤتمر الموسيقى العربيّ الأوّل، الذي عُقد في القاهرة عام 1932. مكتبةٌ من المؤلَّفات، والمقالات العِلمية، بالتأكيد، لكنْ أيضاً من التسجيلات ـــ ما يكشف عن اهتمام باحثين عرب وغربيين بهذا الحدث، ويكشف، قبل ذلك، عن أهمّية الحدث نفسه.

فالمؤتمر، الذي نُظّم برعاية من أعلى السلطات المصرية في ذلك الوقت (الملك فؤاد الأوّل)، سيصبح نقطة تحوُّل في تاريخ الموسيقى العربية، بدءاً من تحديد هويّتها وتمييزها عن باقي موسيقات المنطقة والشرق عموماً، والتنظير لخصوصيّاتها، ومقاماتها، من بلاد الشام إلى المغرب العربي، وتدوينها على السلّم الموسيقي، وتقديم توصيات لتطوير تعليمها والمحافظة عليها في البلدان العربية، إضافة إلى تسجيل عددٍ من الأغاني والقوالب الموسيقية التي كانت شائعة في العقود السابقة على المؤتمر، والتي يُحسَب للمؤتمر دورُه للاحتفاظ بها حتى يومنا هذا.

لم يعرف المؤتمر تاريخاً سلِساً؛ إذ لم تُقَم دورته الثانية إلّا عام 1964، في بغداد، وسينتظر حتى التسعينيات لتنتظم إقامته بشكل سنويّ، في القاهرة، بتنظيم من "دار الأوبرا المصرية". وقد خرجت "دار الأوبرا" قبل أيام بمعطيات عن النسخة الحادية والثلاثين من المؤتمر، الذي بات يُقام بالتزامن مع "مهرجان الموسيقى العربية"، حيث سيُعقدان في القاهرة بين 20 تشرين الأول/ أكتوبر و2 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبلَيْن.

وفي حين تمحورت نقاشات النسخة الماضية من المؤتمر حول موضوع "الآلات الموسيقية في الإبداع الموسيقي العربي المعاصر"، فإن المنظّمين اختاروا الالتفات، هذا العام، إلى المسرح الغنائي، باعتباره "علامة فارقة في مسيرة الموسيقى العربية"، بحسب بيان أصدرته اللجنة العِلمية للمؤتمر.

عودة إلى نشأة المسرح الغنائي في الشام ومصر نهاية القرن 19

وذكر البيان أن اختيار المسرح الغنائي كمحور للأوراق العِلمية التي ستشارك فيه، جاء بسبب دوره في فتح آفاق "جديدة ومسارات ثرية في الموسيقى العربية"، حيث "بزغت في كنفه أسماء لامعة من المبدعين المجدّدين في مجال التلحين"، كما قُدّمت فيه "موضوعات متنوّعة مسّت المجتمع وقضاياه وانعطفت عن المعالجات النمطية للعلاقة بين الرجل والمرأة إلى آفاق أرحب".

وحدّد البيان طبيعة المحاور التي ستدور حولها جلساته والأوراق المشاركة، حيث سيتوقّف المحور الأولى عند نشأة المسرح الغنائي العربي أواخر القرن التاسع عشر في الشام ومصر، وعوامل ازدهاره ثم انحساره. ويتطرّق المحور الثاني إلى النحو الذي جمع فيه هذا المسرح بين الرؤية الدرامية والرؤية الموسيقية، في حين يبحث المحور الثالث في تأثير المسرح الغنائي على القوالب الغنائية والآلات التقليدية في الموسيقى العربية. 

وبينما يضيء المحور الرابع على تجارب أعلام وروّاد التلحين والأداء في المسرح الغنائي العربي، فإن آخر المحاور، الخامس، يتوقّف عند إشكاليات توثيق وإعادة تقديم هذا المسرح، والبحث عن الأعمال المجهولة أو المفقودة التي نُسبت إليه، مع فتْح النقاش على قضية تدوين التراث عموماً.

المساهمون