آثار وهران... ترميمات تنتظر نهاية الحجر الصحّي

آثار وهران... ترميمات تنتظر نهاية الحجر الصحّي

17 ديسمبر 2020
(مسجد الباشا في وهران)
+ الخط -

لا يختلف وضعُ المواقع والمعالم الأثرية في مدينة وهران عن الكثيرٍ من مواقع ومعالم المُدن الجزائرية الأُخرى؛ فهي إمّا متروكةٌ للنسيان والإهمال وأيدي العابثين، أو "تحظى" بـ ترميماتٍ كثيراً ما تطمس ملامحها الأصلية وتُعطيها مظهراً جديداً لا يمُتُّ إلى تاريخها بِصلة.

أحدُ تلك المعالم هو "مسجد الباشا"، في حيّ سيدي الهوّاري؛ أحد أقدم مساجد المدينة الواقعة غرب الجزائر؛ إذ يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثامن عشر، وبالتحديد إلى عام 1797؛ حيثُ شُيّد في عهد الباي محمد الكبير الذي حكم "بايلك الغرب" في "إيالة الجزائر" بين 1779 و1797م.

استولت القوّات الاستعمارية الفرنسية على المسجد عند احتلالها الجزائر في عام 1830، لكنّها عادت وسمحت للجزائريّين بممارسة شعائرهم الدينية فيه بعد ثلاث سنواتٍ من ذلك، قبل أن يأمر نابوليون الثالث، بحسب مصادر تاريخية، بالاستيلاء عليه مُجدّداً، ثمّ أُعيد إلى وضعه السابق كمسجد رئيسي في وهران ومقرٍّ لمفتيها.

لا يزال المسجدُ بعد قرابة ثلاثة قرون من تشييده محتفظاً بمعالمه العثمانية؛ ومنها مئذنته المغطّاة بالقرميد، ومدخلَاه اللذان أُنجزا على شكل قوسٍ وزُيّنا بآيات قرآنية بالخطّ الكوفي وأُحيطا بأعمدة حجرية، إلى جانب حوضٍ ذي أرضية رخامية بيضاء مغطّاة بقبّة صغيرة. لكنَّ المبنى، وإنْ حافظَ على معالمه الرئيسية تلك، فقد تحوَّل بعد كل هذه السنواتِ إلى طللٍ بالٍ ومهدَّدٍ بالانهيار، في ظلّ تأجُّل ترميمه إلى موعد غير معلوم.

أُسند ترميم مسجد وهران إلى الأتراك الذين سبق أن رمّموا "كتشاوة"

في السنوات الأخيرة، تواتَر حديثٌ عن عزم السلطات الجزائرية ترميم المسجد بتمويل أجنبي، وهُو ما لم يحدُث. لكنَّ وزارة الثقافة الجزائرية أعلنت قبل فترةٍ عن الانتهاء من الدراسة الخاصّة بالمشروع والانطلاق في الترميم بمُجرّد انتهاء فترة الحجر الصحّي المفروضة في ظلّ انتشار فيروس كورونا، مشيرةً إلى أنَّ العملية تندرج في إطار اتفاقية تعاوُن مع الأتراك الذين سبق أن رمّموا "مسجد كتشاوة" (شُيّد عام 1792) في الجزائر العاصمة، والذي أُعيد افتتاحه عام 2018 بعد قرابة عشر سنوات من الإغلاق. وبما أنَّ انتهاء الحجر الصحّي يبقى رهيناً بتطوُّرات الحالة الوبائية في الجزائر (التي تُسجّل حالياً قرابة خمسمئة إصابة مؤكّدة يومياً)، فإنَّ ذلك يعني مزيداً من الانتظار.

في سياق ذي صلة، يعيشُ موقع "بورتيس مغنيس" شرقي وهران وضعاً مشابهاً؛ إذ ظلَّ الموقع، الذي يمتدُّ على مساحة 49 هكتاراً ويضمُّ بقايا رومانية، عرضةً للإهمال رغم تصنيفه ضمن المواقع الأثرية الوطنية عام 1968 واستفادته من "مُخطَّط حماية وإصلاح" عام 2011.

ومؤخّراً أعلنت وزارة الثقافة عن الشروع "قريباً" في تسييج الموقع "بهدف حمايته"، مضيفةً أنّ حفرياتٍ ستُقام فيه للمرّة الأولى قبل نهاية السنة الجارية، بإشراف من "المركز الوطني للبحوث في علم الآثار". فهل سيتحقّق ذلك، أمّ يُضاف إلى القائمة الطويلة من الوعود والتي قليلاً ما تتحقّق؟

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون