خير الدين حسيب.. رحيل عن "دراسات الوحدة العربية"

خير الدين حسيب.. رحيل عن "دراسات الوحدة العربية"

12 مارس 2021
خير الدين حسيب (1929 - 2021)
+ الخط -

في مختلف دوائر الثقافة العربية المعاصرة، ارتبط اسم خير الدين حسيب - الذي رحل عن عالمنا اليوم - بتأسيسه وإدارته بين 1975 و2017 لـ"مركز دراسات الوحدة العربية"، حتى أنه قلما ذُكر بصفته مختصاً في الفكر الاقتصادي، ولا حتى من خلال جنسيته العراقيّة.

كما أنه لم يعرف كمؤلّف على الرغم من تعدّد إصداراته، ومن بينها: "مصادر الفكر الاقتصادي العربي في العراق" (1972)، و"رؤية في القضايا العربية" (2008)، و"أوضاع الأمة العربية ومستقبلها" (2016)، و"مستقبل العراق: الاحتلال - المقاومة - التحرير والديمقراطية" (2004)؛ وهو عمل واصل الاشتغال عليه وأعاد نشره في كتاب بعنوان "العراق من الاحتلال إلى التحرير" (2006).

وُلد حسيب في الموصل عام 1929. درس الاقتصاد في بغداد ثم انتقل في 1954 إلى لندن حيث نال درجة الدكتوراه من "جامعة كامبريدج" ضمن تخصّص المالية العامة، وكانت أطروحته حول "تقدير الدخل القومي في العراق"، وقد صدرت في كتاب بالعنوان نفسه في عام 1963.

حين عاد إلى العراق في 1957، سرعان ما تموقع في وظائف كبرى في حكومة نوري السعيد؛ أبرزها توليه منصب "محافظ البنك المركزي"،  ورئاسة "المؤسسة الاقتصادية العامة" والتي أشرفت على جميع الأنشطة الاقتصادية بعد تأميم النفط العراقي والمشاريع الكبرى. وعبر هذه المواقع خاض حسيب معارك كثيرة ضدّ هيمنة القوى الأجنبية على مقدّرات البلاد.

لكن الإطاحة بالنظام الملكي وبحكومة السعيد عام 1958، جرّ حسيب إلى تضييقات تجاوزت تجريده من مناصبه، وقد اشتغل في تلك الفترة أستاذاً جامعياً، ثم تعرض للسجن في 1968 على الرغم من عدم مشاركته في أنشطة سياسية.

تبنّى قضايا التحرّر العربي عبر الفكر في زمن شهد انفضاضاً عن المشاريع الوحدوية

في 1974، قرّر أن يغادر العراق إلى بيروت؛ حيث أسّس "مركز دراسات الوحدة العربية" الذي سيحمل من خلاله لواء قضايا التحرّر العربي عبر الحقول الفكرية والعلمية في زمن بدأت تظهر ملامح الخذلان السياسي والانفضاض عن المشاريع ذات البعد القومي والوحدوي.

هناك ثلاثة محاور تحرّك فيها حسيب عبر "المركز"، أولاها تفعيل المؤتمرات والندوات التي خلقت حوله شبكة واسعة من الباحثين المهتمين بقضايا عربية من زوايا عدة؛ كالعلوم السياسية وعلم الاجتماع والاقتصاد والدراسات التنموية والتربوية والفلسفية.

أما المحور الثاني، فهو مرتبط بالأول ولعله مرآته، وهو جعل "مركز دراسات الوحدة العربية" مشروع نشر، ويحسب له إيقاع ما يقارب الخمسين عنواناً سنوياً في مجالات لا يتصدّى لها معظم الناشرين العرب، ولم يخفت هذا الإيقاع إلا في 2017 مع انسحاب حسيب من إدارة المركز بسبب عامل السن.

أخيراً، كان المركز رافداً لمشاريع أخرى كمجموعة المجلات المحكّمة التي كان يصدرها وأبرزها "المستقبل العربي" التي كان حسيب يرأس تحريرها، وإلى جانبها نذكر مجلات "إضافات" (علم الاجتماع)، و"بحوث اقتصادية عربية"، و"المجلة العربية للعلوم السياسية".

وفي عام 2017، غادر حسيب المركز على خلفية أزمة مالية عطلت عمله وأوقفت إصداراته، وتم تعيين إدارة جديدة.

وإلى ذلك، كان لحسيب مساهمات في ما يمكن أن نسميه بناء مجتمع مدني ذي أفق عربي؛ حيث ساهم في تأسيس منظمة "المؤتمر القومي العربي" في 1990، وقبلها شارك في تأسيس "المنظمة العربية لحقوق الإنسان" (1983)، وكان "مركز دراسات الوحدة العربية" وراء مشروع "المنظمة العربية للترجمة" في عام 2000.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون