الولع بسيوران

الولع بسيوران

13 مايو 2015
فاسكو تزاينيتار يلتقط "سيلفي" له ولسيوران
+ الخط -

شهدت الأوساط الثقافية العربية، في السنوات الأخيرة، افتتاناً مفاجئاً ومُتعاظماً بفكر إميل سيوران (1911 - 1995)، مهّدت له ترجمة بعض أعماله.

ينتمي فكر سيوران للردّة التي أعقبت الحربين في أوروبا وأدّت إلى انهيار عدد من الصُروح الفلسفية التقليدية. وإن كانت هذه ردّة "مُستحبة" أعادت الإنسان إلى زاويته الضيّقة بعد أن عظّم من شأن مَلَكَته الكُبرى، العقل وآمن به مفسراً أوحد لأغوار الكون السحيقة.

ويبدو الواقع العربي اليوم في لحظة حرجة تنحسر فيها العقلانية والفكر النقدي، على أن العالم العربي لم يعش تجربة "وضعية" مثلما تمناها ذات مرة الراحل زكي نجيب محمود، فما نخشاه أن "العقل العربي" يعيش الآن ما أطلق عليه كثيرون "سبات العقل". ما يجعل حضور فكر لاعقلانيّ وعدميّ مثل فكر سيوران مقلقاً خصوصاً في ظلّ ضمور المناعة النقدية وغياب تقاليد فلسفية راسخة.

يبلغ هذا الافتتان درجات غير مبررة، كون أصالة هذا المفكر محل شكوك عديدة، إذ أن مُجمل أفكاره تُعدّ صياغة إنشائية بلاغية لأفكار سابقيه، من الفيلسوف التراجيدي هيراقليطس مروراً بشوبنهاور ونيشته وصولاً إلى برغسون الذي ترجم له كتباً إلى الرومانية.

وتعكس أعماله جانباً من فلسفة مُغرقة في الذاتيّة وتصورات سوداوية عن الوجود والعالم، إضافة إلى طيش لَازَمه منذ أن برّر به في سن مبكرة تحمسه للفاشيّة وقوى اليمين المتطرف في بلاده.

المساهمون