علي حسنين.. رحيل بطل في الهامش

علي حسنين.. رحيل بطل في الهامش

14 اغسطس 2015
(مع نور الشريف)
+ الخط -

في عام 1990، قدّم الفنان نور الشريف (1946 – 2015) فيلم "البحث عن السيّد مرزوق" (إخراج داود عبد السيّد)، شاركه فيه مجموعة ممثّلين، بأدوار رئيسية وثانوية، منهم علي حسنين (1939 – 2015).

أول أمس، رحل الأخير، لكن البطولة كانت لنبأ رحيل الشريف (قبل حسنين بيوم)؛ لتغّطي على رحيل الثاني، الذي حتّى في وفاته، اتّخذ دوراً ثانويّاً.

كثيرون لم يعرفوا من هو علي حسنين إن ذُكر اسمه من دون صورة له. وللتعريف به، لا بدّ من الإشارة إلى شخصيتين أدّاهما، هما العم زرياب؛ المؤلّف الموسيقي العبثي في فيلم "آيس كريم في جليم" (1992) لخيري بشارة، والشيخ عبيد؛ الضرير الذي رافق الشيخ حسني (محمود عبد العزيز) في "الكيت كات" (1991) لداود عبد السيّد.

كلا "الشيخين" في "الكيت كات" كان ضريراً، إلّا أنّ عبيد لم يكن يعرف أن حسني مثله. في مشهدٍ مميّز في الفيلم، يذهبان إلى السينما، وكان الشيخ حُسني (محمود عبد العزيز) يشرح للشيخ عبيد أحداث فيلم كانا "يشاهدانه"، ويتناقشان حولها.

أدّى علي حسنين دوره بإتقان، ولم يكن في سياقه الصغير ثانويّاً، بل رئيسياً؛ إذ لا يمكن أن تكتمل حالة "العمى" من دونه، أو كما قال ساراماغو: "إنّ أعميين قادران على الرؤيا أكثر من أعمى واحد".

يقودنا هذا إلى فهمنا لمعنى الدّور الثانوي. السائد أنّه هامشي، يُطلّ الممثّل بوصفه سانداً، أو زائداً أحياناً. لكن في الحقيقة، إنّ كثيراً من الممثلين الذين عرفناهم ثانويين في السينما العربية، مثل نجاح الموجي (1945 – 1998) وحسن حسني في بعض أفلامه، يكونون أبطالاً حقيقين في سياق أدوارهم، إذ يؤدّونها بإتقان.

هم ليسوا حشواً زائداً، أو رتوشاً صغيرةً تُضاف إلى المقادير الرئيسية (كالحاصل في كثير من الأفلام التجارية الجديدة)، وإنّما كل منهم يقع في مكانٍ محوري في الفيلم، يقدّم فيه أداءه بمجهودٍ يمنح ظهوره مذاقاً فارقاً للعمل.

قد نلاحظ هذا الأمر بوضوح أكثر في الأفلام الأجنبية، مثل "طيران فوق عش الوقواق" (1975). لم يكن ماك ميرفي (جاك نيكلسون) هو البطل الوحيد. بعض رفاقه في الفيلم، الذين أدّوا أدوار أشخاص مضطربين يعيشون في مصحة عقلية، كانت أدوارهم صغيرة، لكنّها ترشّحهم ليكونوا أبطالاً بالأدوار نفسها لو أُفردت لهم في أفلام أخرى.

تأخّر حسنين في دخوله إلى عالم التمثيل، إذ انطلق في عام 1954، كما أنّه مثّل في قرابة 130 عملاً بين مسرح وسينما ودراما. رغم ذلك، بقي مجهولاً بالنسبة إلى كثيرين، لكنّه ترك في ذاكرتهم كلاّ من زرياب والشيخ عبيد.

دلالات

المساهمون