إعصار "دانيال": مدن ليبية مدمّرة بلا كهرباء وغذاء والطرق منهارة

إعصار "دانيال": مدن ليبية مدمّرة بلا كهرباء وغذاء والبنية التحتية خارج الخدمة

12 سبتمبر 2023
دمار واسع أصاب المباني في مدينة درنة (الأناضول)
+ الخط -

ارتدادات اقتصادية ومعيشية قاسية شهدتها ليبيا جراء الإعصار والفيضانات المدمّرة، حيث تعاني المناطق المتضررة من شح السلع الضرورية والوقود وانقطاع الكهرباء والماء وسط حالة دمار واسعة أصابت المباني والمؤسسات الخدمية.

كما تأثر القطاع النفطي بالكارثة، إذ أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط رفع حالة التأهب للقصوى، على خلفية سوء الأحوال الجوية الناجمة عن امتدادات إعصار "دانيال" على الساحل الليبي، خاصة في مناطق وسط ليبيا وشرقها.
وبات المواطنون في المناطق المتضررة بشرق البلاد يعيشون أوضاعاً معيشية صعبة في ظل عدم توفر الخبز والأدوية والمواد الغذائية فيما تضررت البنية التحتية والمرافق العامة في عدد من المدن، خاصة درنة والبيضاء وسوسة وشحات.
الروايات التي رصدتها "العربي الجديد" لمسؤولين ومواطنين كشفت عن مشاهد مرعبة وقصص مأساوية وصلت إلى اختفاء مساحات شاسعة من المدن، وتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية والمؤسسات الخدمية، وشح الغذاء وانقطاع الكهرباء والمياه، وتحول مدينة درنة إلى مدينة أشباح تتناثر بها الجثث.

اختفاء مساحات شاسعة من المدن، وتدمير أجزاء كبيرة من البنية التحتية والمؤسسات الخدمية، وشح الغذاء وانقطاع الكهرباء والمياه، وتحول درنة إلى مدينة أشباح

من جانبه، أكد مسؤول العلاقات بدائرة شركة الكهرباء شرق البيضاء، صلاح ضيف الله، عبر اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن الشبكة الكهربائية تضررت بشكل بالغ، وأن هناك نقصاً في الكوابل والأسلاك الكهربائية لمعالجة الأعطال.
وقال وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا وعضو لجنة الطوارئ، هشام أبوشكيوات، اليوم الثلاثاء، لرويترز، إن السيول والفيضانات دمرت نحو ربع مدينة درنة الواقعة في شرق البلاد، بعد انهيار سدود بسبب عاصفة عاتية.
وفي هذا السياق، أكد أحد الناجين من الفيضانات بمنطقة درنة، سعد عبد السلام، لـ"العربي الجديد"، إن المدينة انقسمت إلى قسمين بسبب المياه، مشيراً إلى أن هناك أحياء سكنية وعمارات اختفت عن الأنظار.

وأضاف عبد السلام أن "الأوضاع المعيشية في درنة سيئة للغاية فلا يوجد خبز والمحال التجارية مغلقة والمرافق الصحية تضررت أيضاً، ودمرت السيول الجارفة جميع الجسور الرابطة بين ضفتي المدينة وأغلب العمارات والمباني والبيوت التي تقع على ضفتي مجرى الوادي، كما قطعت معظم الطرق المؤدية إلى داخل المدينة فالمواطن الذي يريد الانتقال من شارع إلى شارع يقطع مسافة ما يقرب من 50 كلم بسبب المياه الموجودة".
وأشار إلى أن هناك أسراً لا نعلم عنها شيئاً حتى الآن، مطالباً بفتح ممرات بحرية عبر مساعدات دولية لإنقاذ الأرواح البشرية فالإمكانات المحلية ضعيفة جداً.
وفي مدينة سوسة قال المواطن أشرف عقيلة لـ"العربي الجديد" إن هناك أضراراً كبيرة في مدينة سوسة الصغيرة وهي محاصرة بالمياه من جميع الجوانب، إذ تضررت المنشآت العامة، والخاصة والأوضاع المعيشية باتت سيئة، ومعظم السكان لجأوا إلى مناطق المجاورة بسبب عدم توفر سبل الحياة بالمنطقة. وأشار إلى أن شبكة المياه بالمدينة تضررت إلى حد بعيد وتحتاج إلى صيانة عاجلة.
ومن جانبه، رأى أستاذ الاقتصاد بالجامعات الليبية أحمد المبارك أن ما يقرب من نصف مليون مواطن ليبي يعانون من الفيضانات بالمنطقة الشرقية.

المناطق المتضررة تعاني نقصاً حاداً في الغذاء والدواء وتوفير المساعدات العاجلة وفرق إنقاد متخصصة وهي ظاهرة أول مرة تحدت في ليبيا بما يزيد عن 40 عاماً

وقال لـ"العربي الجديد": "بالعودة إلى التعداد السكاني للأسر للمناطق المتضررة فإنها تناهز نصف مليون مواطن بعضهم بحاجة إلى إعانات مالية عاجلة"، موضحاً أن المناطق المتضررة تعاني نقصاً حاداً في الغذاء والدواء وتوفير المساعدات العاجلة وفرق إنقاد متخصصة وهي ظاهرة أول مرة تحدت في ليبيا بما يزيد عن 40 عاماً.
ورغم إعلان الحكومة عن عدة إجراءات وتحركات لمواجهة الوضع الكارثي، إلا أن مراقبين وجهوا انتقادات حادة لضعف الدور الحكومي.

وقال المحلل الاقتصادي جمعة المنتصر، في تصريحات لـ"العربي الجديد": "المؤسسات والأجهزة الرسمية أظهرت حالة من الأمية الكاملة والعجز الذي لا مثيل له عن توفير أبسط قدر ممكن من المعلومات والإحصاءات بشأن الأوضاع في المنطقة الشرقية".

المنتصر أوضح أن انعدام مخصصات للمشاريع التنمية منذ عام 2015 تسبب في ضعف البنية التحتية لمواجهة أي فيضانات، مطالباً بضرورة الاستعانة بشركات دولية للمشاريع البينية التحتية لدرنة وغيرها من المدن.
وأعلن رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، مناطق شرق ليبيا "منكوبة"، مطالباً الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية بتقديم الدعم للمناطق المنكوبة، وجهود الإنقاذ البحري من أجل انتشال الضحايا والمساعدة في إنقاذ الناجين، وتأمين الإمدادات الضرورية.

من جانبها أطلقت المؤسسة الوطنية للنفط باخرتها "أوسو 25"، المحملة بمساعدات طبية وإغاثية، يوم الثلاثاء، إلى مدينة درنة وباقي مناطق الجبل الأخضر، التي ضربتها العاصفة "دانيال" مساء الأحد الماضي.

وأبحرت السفينة من ميناء الشعاب بالعاصمة طرابلس فور انتهاء عمليات تحميلها بالمواد الإغاثية والمساعدات، حسب ما جاء على صفحات المؤسسة في مواقع التواصل الاجتماعي.

أعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط رفع حالة التأهب للقصوى، على خلفية سوء الأحوال الجوية الناجمة عن امتدادات العاصفة "دانيال"

وأصدر رئيس الحكومة الليبية في طرابلس عبد الحميد الدبية "تعليمات لوزير الحكم المحلي باتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لحصر البلديات المتضررة بالمنطقة الشرقية، وتقديم مساعدات مالية لها لتوفير كل الاحتياجات اللازمة".
وأعلنت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط رفع حالة التأهب للقصوى، على خلفية سوء الأحوال الجوية الناجمة عن امتدادات العاصفة "دانيال" على الساحل الليبي، خاصة في مناطق وسط ليبيا وشرقها. وأكدت المؤسسة، في بيان لها، الأحد الماضي، "اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر، وإعلان حالة التأهب القصوى، حرصاً من لجنة إدارة الشركة على سلامة المستخدمين".
وذكرت المؤسسة أن لجنة الطوارئ عقدت اجتماعاً عاجلاً، بحضور أعضائها كافة لـ"متابعة الترتيبات والاحتياطات والإجراءات التي جرى اتخاذها، من حيث السلامة والتشغيل والصيانة والأمن الصناعي والخدمات في مصنع أسفلت بنغازي".

المساهمون