ارتفاع التضخم أم تعجيل الفتح... أيهما يحرّك الفيدرالي؟

ارتفاع التضخم أم تعجيل الفتح... أيهما يحرّك الفيدرالي؟

17 يونيو 2021
أعلن المركزي الأميركي تثبيت معدلات الفائدة على أمواله عند نطاق بين 0% و0.25% (Getty)
+ الخط -

اتسمت تعاملات أول يومين ونصف اليوم الثالث من الأسبوع بتراجع أحجام التداول وانخفاض تقلبات الأسعار، حيث فضل الكثير من المستثمرين انتظار ما أسفرت عنه اجتماعات بنك الاحتياط الفيدرالي على مدار يومي الثلاثاء والأربعاء، قبل أن يعلن البنك تثبيت معدلات الفائدة على أمواله عند نطاق 0% - 0.25%، ويوحي إلى الأسواق بأنه ربما يرفع معدلات الفائدة مرتين خلال عام 2023، بعد أن كانت التوقعات لا تتجاوز رفعاً واحداً خلال ذلك العام، وربما بعد ذلك.

وفي الوقت الذي أكد فيه جيرومي باول، رئيس البنك، أن معدلات التضخم التي تم الإعلان عنها يوم الجمعة الماضي، والتي أشارت إلى تحقيق أعلى معدل منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009، وأعلى معدل تضخم أساسي، باستبعاد أسعار الوقود والطعام عالية التذبذب، في ما يقرب من ثلاثة عقود، ترجع لعوامل مؤقتة، لن تلبث أن تختفي لتعود معدلات التضخم إلى مستوياتها المعتادة حول 2%، اضطرت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية لتقديم الموعد المتوقع لرفع معدلات الفائدة الأميركية "بعض الشيء"، بعد حصول ما يقرب من 150 مليون مواطن أميركي على جرعتين من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، وتزايد أعداد القطاعات والشركات التي وصلت لمرحلة إعادة الفتح بصورة كاملة.

وبينما يصر البنك المركزي الأكبر في العالم على أن معدلات التضخم الحالية، والتي يشعر بها المواطن الأميركي في كل  شيء، بداية من أسعار وجبات الطعام و"الآيس كريم"، مروراً بأسعار الوقود، ووصولاً إلى أسعار السيارات المستعملة والملابس، ما زالت في النطاق المتوقع والمقدر بواسطة اقتصاديي البنك، الأمر الذي لا يستدعي تعديل سياساته المفضِّلة لمعدلات الفائدة القريبة من 0%، أو سياسات التيسير الكمي التي يشتري بموجبها ما تصل قيمته إلى 120 مليار دولار من السندات الأميركية من السوق الثانوية، جاء التغيير البسيط في كلمات رئيس البنك بعد أن بات واضحاً اقتراب الولايات المتحدة من إعادة الفتح الكامل للاقتصاد أكثر مما توقع الكثيرون.

وبعد وصول عدد من حصلوا على جرعتي اللقاح في ولايتي كاليفورنيا ونيويورك لأكثر من 70% ممن تنطبق عليهم شروط الحصول عليه، أعلنت الولايتان، يوم الثلاثاء، إلغاء النسبة الأكبر من القيود على أغلب قطاعات الاقتصاد، أملاً في استعادة نشاط فترة ما قبل ظهور الفيروس وانتشاره في الأراضي الأميركية. ويوم الأربعاء، قال باول للصحافيين إن "سرعة حصول المواطنين على اللقاح قللت معدلات الإصابة بالفيروس وخففت من آثار الأزمة الاقتصادية" التي سببتها أوامر الإغلاق الكبيير التي بدأت قبل انتصاف العام الماضي. وتوقع أعضاء اللجنة المعنية بوضع السياسة النقدية للبلاد قيام البنك الفيدرالي برفع معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس قبل انتهاء عام 2023.

وفي حوار مع شبكة "بلومبيرغ" للأخبار، شبه توماس كوستيرغ، كبير الاقتصاديين بشركة إدارة الثروات بيكتت، البنك الفيدرالي بـ"من فوجئ مفاجأة سارة بسرعة حصول المواطنين على اللقاح وإلغاء إجراءات التباعد الاجتماعي".

وبعد تسجيل معدل تضخم 5% خلال مايو/أيار الماضي مقارنةً بالشهر نفسه من العام السابق، ومعدل تضخم أساسي 3.8% خلال الفترة نفسها، وتوقع البنك الفيدرالي تحقيق البلاد معدل نمو اقتصادي لا يقل عن 7% خلال العام الحالي، كما تراجع معدل البطالة ليسجل 4.5% بنهاية العام الحالي، ثم 3.8% العام القادم، ما زال البنك الفيدرالي يصر على بقاء معدلات الفائدة على أمواله عند مستوياتها الصفرية لعامين آخرين على أقل تقدير، مكتفياً برفع معدل الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء لليلة واحدة بخمس نقاط أساس، لتصل إلى 0.05% وعلى الأموال التي تزيد عن نسبة الاحتياطي الإلزامي بخمس نقاط أيضاً، لتصل إلى 0.15%، اعتباراً من يوم الخميس.

وبعدما أعلن باول أن "البنك بدأ الكلام عن موضوع إيقاف سياسات التيسير الكمي"، في إشارة إلى الاقتراب من مناقشة هذا الأمر، ارتفع سعر الدولار مقابل أغلب عملات الاقتصادات الكبرى، وانخفضت أسعار الأسهم الأميركية، وخاصة تلك الخاصة بشركات التكنولوجيا شديدة الحساسية لتقلبات معدلات الفائدة، قبل أن تعوض جزءاً كبيراً من خسائرها قبل نهاية الجلسة. وعلى نحوٍ متصل، ارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية المعيارية – لعشر سنوات – بأكثر من عشر نقاط أساس، لتسجل 1.58% لأول مرة منذ أسبوعين.

وانتقد الاقتصادي المصري الأميركي محمد العريان، رئيس كلية كوينز بجامعة كامبريدج الإنكليزية العريقة، سياسة البنك الفيدرالي، معتبراً إياها "خطأً محتملاً"، ربما يتسبب في الحيلولة دون تحقيق انتعاش اقتصادي صلب وقوي وشامل وقابل للاستمرار. وقال العريان في تغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، إن "هذا الخطأ يمثل مع تحورات فيروس كوفيد-19 التهديد الأكبر لفاعلية حصول المواطنين على اللقاح وتأثيراته الإيجابية على الاقتصاد".

بدوره، طالب جيم كريمر، مقدم برنامج "مال مجنون Mad Money" الشهير على قناة سي أن بي سي التلفزيونية، المستثمرين بعدم تغيير خططهم بعد ما أعلنه البنك الفيدرالي يوم الأربعاء.

ونصح كريمر في برنامجه، الذي بدأ تقديمه قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، المتعاملين في سوق الأسهم الأميركية بانتهاز فرصة انخفاض أسعار الأسهم بعد مؤتمر باول الصحافي "لشراء الأسهم عالية الجودة"، وتحديداً أسهم الشركات الصناعية، مؤكداً أن البنك الفيدرالي أخرج نفسه من معادلة التأثير على الأسواق لستة أشهر قادمة على أقل تقدير، وأن هذا يسمح لأسهم الشركات الصناعية بالارتفاع. 

المساهمون