السلطات الأميركية تبحث عن حل سريع لأزمة بنك سيليكون فالي

السلطات الأميركية تبحث عن حل سريع لأزمة بنك سيليكون فالي وسط مخاوف من تداعيات انهياره

12 مارس 2023
سيليكون فالي بنك أكبر مصرف ينهار منذ الأزمة المالية في 2008 (Getty)
+ الخط -

ذكرت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز"، الأحد، أنه من المتوقع أن تصدر الحكومة الأميركية إعلانا "جوهريا" اليوم لدعم الودائع في بنك سيليكون فالي الذي انهار يوم الجمعة، والحيلولة دون اتساع نطاق التداعيات.

وقالت المصادر إن مسؤولي إدارة جو بايدن عملوا على تقييم تداعيات انهيار البنك، وهو الأكبر منذ الأزمة المالية لعام 2008، مع التركيز بشكل خاص على قطاع رأس المال المخاطر والبنوك الإقليمية. 

وحذر محللون ومستثمرون كبار من أنه دون التوصل لحل بحلول يوم الإثنين، فمن المحتمل أن تتعرض بنوك أخرى لضغوط إذا ساور المودعون القلق بشأن مدخراتهم. 

قلق في القطاع المالي

ويتزايد القلق لدى بعض المسؤولين التنفيذيين والمستثمرين بالقطاع المالي من أن يكون لانهيار بنك وادي السيليكون (إس.في.بي) تأثير الدومينو على البنوك الأخرى بالولايات المتحدة، ما لم تجد الجهات التنظيمية مشترياً مطلع هذا الأسبوع لحماية الودائع غير المؤمنة.

وأصبحت مجموعة (إس.في.بي) المالية، يوم الجمعة، أكبر بنك ينهار منذ الأزمة المالية في 2008، مما أثار قلق الأسواق وترك مصير مليارات الدولارات التابعة لشركات ومستثمرين معلقاً.

وقال الأستاذ في جامعة ستانفورد ومؤسس شركات ناشئة عدة جوزف دوسيمون، لوكالة "فرانس برس"، إن "بنك سيليكون فالي كان على دراية بأوساط المستثمرين"، مضيفًا أن مسؤولي المصرف "كانوا يساعدونا في التوظيف (...) يعطون النصائح المالية للمسؤولين الجدد... غيابهم خسارة كبيرة". واعتبر أن المصرف كان "شريكًا حقيقيًا لم أرَ مثله من قبل".

وكان بنك سيليكون فالي يتفاخر بأن "قرابة نصف" شركات التكنولوجيا وعلوم الحياة التي يموّلها مستثمرون أميركيون هي من بين زبائنه.

وستسمح التصفية المنظّمة للمصرف لكل زبون باستعادة ما يصل إلى 250 ألف دولار، وهو المبلغ الأقصى الذي تضمنه المؤسسة الفدرالية لتأمين الودائع.

وبحسب التقرير السنوي لسيليكون فالي بنك، فإن الجزء غير المؤمّن من الودائع يصل إلى حوالى 96% من القيمة الإجمالية للودائع البالغة 173 مليار دولار. 

مخاطر على الشركات الناشئة 

وفي السياق، كتب غاري تان، رئيس مجلس إدارة شركة "واي كومبينايتر" Y Combinator التي تساعد الشركات الناشئة، في تغريدة، أن "الضحايا الفعليين لانهيار سيليكون فالي بنك هم المودعون: شركات ناشئة تضمّ بين 10 ومائة موظف لم تعد تتمكن من صرف الرواتب، وسيتعيّن عليها وضع الناس في حال بطالة تقنية أو صرفهم اعتبارًا من الاثنين".

وحذّر من أنه "في غضون شهر أو اثنين، سيكون قد اختفى جيل من الشركات الناشئة الأميركية"، مضيفًا أن "سنوات من الابتكار الأميركي على المحكّ". 

من جانبه، أكد الناشط في مجال الاستثمار بيل أكمان، في تغريدة، أن اختفاء المصرف "قد يدمّر محركًا مهمًّا للاقتصاد على المدى الطويل، لأن الشركات المدعومة من صناديق أسهم خاصة كانت تعتمد على بنك سيليكون فالي في قروضها وأموالها".

ورأى أنه "في حال لم تضع أي مؤسسة مالية يدها على ما تبقى من المصرف، فسينبغي التفكير في خطة إنقاذ عامة".

وكشف تشامب بينيت، وهو أحد مؤسسي منصة "كابسول" للفيديوهات، الجمعة، أن "خمسة ملايين دولار تمّ ضخّها منتصف فبراير/ شباط، خلال أول عملية جمع أموال للشركة، مودعة لدى بنك سيليكون فالي ولا يمكن الوصول إليها".

وكتب في تغريدة: "من الصعب تخيّل ما هو التالي، لكن لا يبدو أمرًا جيدًا"، مندّدًا بوجهة النظر القائلة إن خطة إنقاذ المصرف ستأتي لنجدة الـ"1%" من الأكثر ثراءً، رجال الأعمال والمستثمرين الأثرياء، أو "شركات التكنولوجيا العملاقة".

على غرار آخرين، يعرب تشامب بينيت عن قلقه حيال مصير المصارف الأخرى في قطاع التكنولوجيا، خصوصًا بنك "فرست ريبابليك" First Republic الذي تراجع سعر سهمه حوالى 30% خلال يومين.

ويعتبر البعض أن إفلاس مصرفين خلال بضع ساعات هذا الأسبوع، بنك "سيليكون فالي" وبنك "سلفرغيت Silvergate Bank"، يشكل درسًا للمتانة المزعومة للنظام المصرفي.

لكن غاريت سيبرج، المحلل لدى (تي.دي كوين) قال: "إننا لا نرى أن هذه بداية تهديد أعم لسلامة ومتانة النظام المصرفي.. بنك وادي السيليكون لديه نموذج أعمال فريد يعتمد بصورة أقل على ودائع الأفراد مقارنة بالبنوك التقليدية". 

جهود رسمية

وقالت مصادر مطلعة يوم الجمعة إن المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع، التي تولت الحراسة القضائية على البنك، تسعى لإيجاد بنك آخر خلال مطلع الأسبوع الجاري مستعد للاندماج مع بنك وادي السيليكون.

وقال بعض المسؤولين التنفيذيين بالقطاع إن حجم مثل ذلك الاتفاق سيكون ضخماً بالنسبة لأي بنك، ومن المرجح أن يتطلب من الجهات التنظيمية تقديم ضمانات خاصة، وتسهيلات أخرى لأي مشترٍ.

وأضاف المسؤولون، الذين طلبوا عدم نشر هوياتهم، أن البنك الذي مقره سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا يحتل المركز السادس عشر بين أكبر البنوك الأميركية بأصول قيمتها 209 مليارات دولار، وهو ما يجعل قائمة المشترين المحتملين الذين يمكنهم تنفيذ صفقة خلال مطلع الأسبوع قصيرة نسبياً.

وذكرت "بلومبيرغ" أن مجلس الاحتياطي الاتحادي (المركزي الأميركي) والمؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع يدرسان إنشاء صندوق يتيح للجهات التنظيمية دعم الودائع في البنوك التي تواجه تعثرات.

وقال التقرير إن الجهات التنظيمية تجري مناقشات بشأن الأداة الخاصة الجديدة مع مسؤولين بالبنوك، أملاً في أن يطمئن مثل ذلك الإجراء المودعين ويساعد في احتواء أي ذعر. لكن لم يتضح إن كانت الجهات التنظيمية ستحظى بالدعم السياسي لإنقاذ البنك الذي تأسس ليقدم خدماته للشركات الناشئة والمستثمرين في وادي السيليكون.

ولم يرد مجلس الاحتياطي الاتحادي ولا المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع حتى الآن على طلب للتعقيب. 

من جانبها، قالت الخزانة الأميركية جانيت يلين، اليوم الأحد، إنها تعمل عن كثب مع الجهات التنظيمية المصرفية لمواجهة انهيار بنك سيليكون فالي (إس.في.بي) وحماية المودعين، لكنها قالت إنه ليس هناك خطة إنقاذ كبيرة قيد البحث.

ولا يغطي التأمين نحو 96% من ودائع البنك، لكن يلين أكدت: "إننا نشعر بقلق إزاء المودعين ونركز على محاولة تلبية احتياجاتهم".

وقالت وزيرة الخزانة: "أنا متأكدة من أن وكالة تأمين الودائع تدرس مجموعة واسعة من الحلول، بما في ذلك الاستحواذ" من بنك آخر.

وأضافت يلين لشبكة "سي.بي.إس نيوز": "دعوني أوضح أنه خلال الأزمة المالية، وضعت خطط إنقاذ لمستثمرين ومالكي بنوك نظامية كبيرة... والإصلاحات التي جرى تطبيقها تعني أننا لن نفعل ذلك مرة أخرى".

وقال البيت الأبيض أمس السبت إن الرئيس جو بايدن تحدث مع محافظ كاليفورنيا جافين نيوسم بشأن البنك وجهود التعامل مع الموقف.

وقال نيوسم، أمس السبت، إن "الكل يعمل مع المؤسسة الاتحادية للتأمين على الودائع لتحقيق استقرار الوضع بأسرع ما يمكن".

مخاوف وإجراءات بريطانية

وفي بريطانيا، حيث لدى مجموعة (إس.في.بي) وحدة تابعة محلية، اعتبر وزير المالية البريطاني جيريمي هانت الأحد، أن إفلاس بنك سيليكون فالي (إس في بي) ومقره ولاية كاليفورنيا الأميركية يشكل "خطرا جسيما" على قطاع التكنولوجيا البريطاني.

وقال هانت، في مقابلة مع تلفزيون "سكاي نيوز" البريطاني، إن "هناك خطرا جسيما على قطاعات التكنولوجيا والعلوم لدينا، وكثير منها يتعامل مع هذا البنك". 

وأكد وزير المالية البريطاني أنه يعمل مع رئيس الوزراء ريشي سوناك وبنك إنكلترا (المركزي) لـ"تفادي أو تقليل الضرر" الناجم عن الفوضى التي حلت على البنك. وقال: "إننا نعمل بخطى حثيثة على مدى عطلة نهاية الأسبوع وخلال الليل.. سنقدم قريباً جداً خططاً للتأكد من قدرة الناس على تلبية التزاماتهم من التدفقات النقدية لسداد رواتب موظفيهم".

وأضاف أن الخطة ستلبي الاحتياجات النقدية للشركات المتضررة من انهيار البنك الذي منح قروضا "لبعض أفضل شركاتنا الواعدة".

وأرسل أكثر من 250 مسؤولاً تنفيذياً بشركات تقنية بريطانية خطاباً موجهاً إلى هانت أمس، يطالب الحكومة بالتدخل.

وقال سوناك، اليوم الأحد، إن الحكومة تعمل على إيجاد حل للحد من الضرر المحتمل على الشركات نتيجة انهيار بنك سيليكون فالي وفرعه في بريطانيا.

وأضاف للصحافيين المسافرين معه إلى الولايات المتحدة أنه يتفهم "قلق ومخاوف عملاء البنك". وقال إنه مع الحكومة يعملان "على التأكد من قدرتنا على العمل لإيجاد حل يؤمن السيولة التشغيلية للأفراد واحتياجات التدفق النقدي".

وأكدت وزارة المالية البريطانية السبت أن مشاكل بنك سيليكون فالي "مخصوصة" و"ليس لها آثار على البنوك الأخرى العاملة في المملكة المتحدة".

في ما يتعلق بالفرع البريطاني للمصرف، أوضح بنك إنكلترا، في بيان صباح السبت، أنه "في حالة عدم وجود معلومات إضافية مهمة" فإنه "يعتزم مطالبة محكمة بوضع بنك سيليكون فالي يو كاي ليميتد في إجراءات إفلاس مصرفي".

وذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن الحكومة البريطانية تسعى لإبرام صفقة للاستحواذ على الذراع البريطانية لفرع بنك سيليكون فالي، مع وجود عرض من مستثمر من الشرق الأوسط.

وأضاف التقرير أن أبرز عروض الاستحواذ المقدمة حتى الليلة الماضية كان من شركة مقرها في الإمارات.

(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون