انفجارات اجتماعية تهزّ بريطانيا: الأجور تحرك الشارع والحكومة تمانع

انفجارات اجتماعية تهزّ بريطانيا: الأجور تحرك الشارع والحكومة تمانع

22 ديسمبر 2022
تحرك احتجاجي لموظفي الإسعاف (Getty)
+ الخط -

حذّر ممثلو الخدمات الصحية في بريطانيا، اليوم الخميس، من زيادة الطلب على خدمات الطوارئ بعد الإضراب الذي استمر ليوم واحد من قبل المسعفين، بحسب "ذا غارديان" البريطانية. وقالت سافرون كوردريه، الرئيسة التنفيذية المؤقتة لخدمات التأمين الصحي العام، إن من المتوقع حدوث "زيادة في الطلب" خلال الأيام المقبلة.

وأضافت: "نعلم أن الطلب انخفض كثيراً الأربعاء بسبب الجمهور الذي "استجاب للنصيحة فقط للاتصال بسيارة إسعاف إذا كانت حالة طوارئ قصوى".

ونظم موظفو الإسعاف يوم الأربعاء أكبر إضراب لهم منذ 30 عاماً، في الوقت الذي ظلت فيه المفاوضات بين النقابات والوزراء في طريق مسدود حول تصحيح الأجور، وسط اتهامات حكومية للمحتجين بتهديد حياة المرضى. ومن المقرر أن ينفذ الإضراب الثاني في 28 ديسمبر/ كانون الأول.

أيضاً من المقرر أن يضرب العمال في العديد من الصناعات الأخرى في الفترة التي تسبق عيد الميلاد. اليوم الخميس، نظم أعضاء اتحاد العمال الذين يعملون في عدد من المطارات في اسكتلندا إضرابات، كذلك عمال الطرق السريعة الوطنية في لندن وجنوب شرقيّ بريطانيا، ووكالة معايير السائق والمركبات (DVSA) في الشمال الغربي.

يوم الجمعة، من المقرر أن تستمر إضرابات الطرق السريعة الوطنية، وأن يبدأ عمال البريد الملكي إضراباً عاماً لمدة يومين. عشية عيد الميلاد، من المقرر بدء إضرابات عمال السكك الحديدية من الساعة 6 مساءً، وكذا عمال حافلات لندن.

تضييق الخناق

في ردّه على سؤال "العربي الجديد" عن رأيه بخصوص إعلان الحكومة قرار تضييق الخناق على الإضراب وتجريم المتظاهرين، يقول ستيفن موريس، الأمين العام لـ"نقابة عمال إنكلترا"، إنّ "هذا القرار يتناقض مع الديمقراطية وحقّنا في التعبير عن رفضنا لما يجري".

ويكمل: "ينبغي أن يتمتع الناس بحق التظاهر السلمي وحق الإضراب عند الحاجة إلى ذلك، وإلا فسنجد أنفسنا عرضة للاستغلال ضمن مكان العمل. وفي جميع الأحوال، إن كان لا يمكننا الانسحاب من العمل في ظلّ ظروف معينة، فإننا نعود إلى قوانين عمل القرن الثامن عشر".

وبخصوص مطالبات زيادة الأجور، يقول موريس إنّ النقابات ينبغي أن تطالب بأمور معقولة، وبالإمكان تحمّلها. ويلفت إلى أنّ القضية هنا أكبر مما تبدو عليه في الوقت الراهن نتيجة أزمة المعيشة التي نتجت من الإغلاق. فهناك العديد من الأعمال والشركات الخاصة التي ستتوقف عن العمل في الواقع لحماية الخدمات العامة. والآن تطالب الخدمات العامة بزيادة الأجور بسبب أزمة المعيشة، بينما موظفو القطاع الخاص لن يحصلوا على أي زيادة، ولن يتمكنوا من دفع ضرائب إضافية لتلبية زيادة أجور بنسبة هائلة تبلغ 19 في المائة، التي يطالب بها الممرضون.  

ويتابع: "لا أعتقد أن النقابة الوطنية لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل وغيرها، تعمل في العالم الحقيقي، فهم لا يرون الصورة الأكبر. فإذا أعطوا الممرضين زيادة أجر 19 في المائة، يعني هذا 9 مليارات جنيه إسترليني في السنة من جيوب الناس". ويتساءل: "من سيدفع هذا المبلغ؟".

يتابع موريس: "من المعلوم أنّ الاشخاص الوحيدين الذين سيدفعونه، هم أولئك العاملون في القطاع الخاص من خلال فرض ضرائب مرتفعة عليهم، بينما تعاني هذه الأعمال، والاقتصاد لم يعد قوياً كما كان، لذلك لن يستطيعوا تحمّل هذه الضرائب. إنّها أشبه بحلقة فارغة. هذه النقابات التي تخرج في الإضراب مع خدمات الصحة الوطنية، يكلّفون هذه الخدمة 29 مليون جنيه إسترليني في العام في تسهيلات النقابات العمالية، ولا يعيدون هذه الأموال إليها، بل يعطونها لحزب العمال. وهذه الأرقام الرسمية لمكتب الإحصائيات الوطنية". 

خوف من التضخم

ويشير موريس إلى أنّهم في الواقع نقابة عمال مستقلّة، لا تكلّف خدمات الصحة الوطنية أي مبلغ على الإطلاق. ويقول: "نحن نقوم بحملات لتحسين الأجور بشكل دائم. لكن المشكلة يجب أن نكون واقعيين في ما نطلبه. لأننا عندما نضغط على جيوب الناس سيزداد التضخّم وستسوء أزمة المعيشة".

ويتابع: "نحن لا ننظر فقط إلى قطاع عمل واحد بل ننظر إلى العمال في جميع قطاعات الصناعة من موظفي الأمن وموظفي السوبرماركت والمطاعم والعاملين بدوام جزئي ماذا سيحل بهم في حال رفع الضرائب عليهم لتلبية زيادة أجور الممرضين؟".

من جهته، يقول متحدّث باسم "مؤتمر اتحاد العمال" (TUC)، تعليقاً على إجراءات الإضراب وما تقوم به الحكومة: "أولاً، أتاحت الحكومة خلال الصيف لأصحاب العمل استخدام لائحة عمل الوكالة لإيقاف الإضراب، وانتُقِد هذا الإجراء ليس فقط من قبل الاتحاد، بل أيضاً من قبل مجموعات أصحاب العمل. وقد اتخذنا إجراءات قانونية ضدّ الحكومة، لأننا نعتقد أنها تنتهك القوانين الدولية وقوانين محكمة التحكيم الدائمة (PCA) لكونها تقوّض الحقوق الأساسية للإضراب وحرية تكوين الجمعيات المحمية من قبل القوانين الدولية".

ويضيف: "حالياً تتحدّث الحكومة أيضاً عن احتمال فرض المزيد من القيود في يناير/ كانون الثاني، وهذا يعدّ هجوماً جوهرياً مرة أخرى على حق الإضراب. يعني أنه في وسط أزمة المعيشة تصعّب الحكومة الأمور على العمال للمطالبة بظروف عمل أفضل، وجاء ذلك نتيجة التضخم الذي بلغ 11 في المائة وأيضاً نتيجة 12 عاماً من حكم المحافظين، حيث نشهد أطول وأقسى ضغط للأجور في المملكة المتحدة منذ 200 عام. ولغاية اليوم لا نعرف ما الذي تخطط له الحكومة بالتحديد". 

أما في ما يتعلق بزيادة الأجور، فيشير إلى اتخاذهم "إجراءات قانونية ضد لائحة عمل الوكالة الحكومية، ولا تزال إضرابات العمال مستمرة، وسنشهد المزيد منها في العام الجديد، وسنرى العمال يقاتلون للدفاع عن مستوياتهم المعيشية وشروط الدفع. ولا نزال نأمل أن تتفاوض الحكومة مع القطاع العام بالتأكيد، وأن توافق على صفقة أو على الأقل ان تبدأ النقاش".

يطالب الموظفون في جميع قطاعات الاقتصاد البريطاني بزيادات في الرواتب في مواجهة التضخم الأعلى منذ عقود مع بلوغه حالياً نحو 11% الذي يسبب أسوأ أزمة غلاء معيشة منذ جيل.

المساهمون