توطين الوظائف في الإمارات: شركات تسابق الزمن قبل المهلة المحددة

توطين الوظائف في القطاع الخاص الإماراتي: شركات تسابق الزمن قبل المهلة المحددة وسط سجال

28 ديسمبر 2022
الحكومة أمهلت الشركات الخاصة حتى بداية يناير لتوطين 2% من الوظائف (فرانس برس)
+ الخط -

ترك الباحث الإماراتي خليفة السويدي وظيفته الحكومية في يونيو/ حزيران الماضي، لكنه يواجه صعوبات حتى الآن للانتقال إلى القطاع الخاص، مع اقتراب انتهاء مهلة حددتها السلطات لتوطين الوظائف بالقطاع.

وكانت السلطات في الإمارات منحت مهلة للشركات الخاصة التي توظف أكثر من 50 شخصاً، لضمان أن يكون ما لا يقلّ عن 2% من موظفيها من مواطني الإمارات، تحت طائلة الغرامات.

ويقول السويدي (34 عاماً): "وصلنا إلى مرحلة لدينا فيها تنوع بين الإماراتيين من ناحية المهارات والخبرات. والقطاع العام لا يمكنه استيعاب الكثير من هذه المواهب"، متابعاً أنّ "القطاع الخاص يجب أن يكون أكثر استيعاباً".

وبحسب أرقام صادرة عن منظمة العمل الدولية، فإنّ أكثر من 90% من القوى العاملة في القطاع الخاص في الإمارات تتألف من أجانب.

وتشير المنظمة الدولية إلى أنّ المواطنين الإماراتيين يعملون بشكل أساسي في وظائف مستقرة وذات رواتب جيدة نسبياً في القطاع العام الواسع في البلاد، ولا تعرض شركات القطاع الخاص رواتب مماثلة.

ويقول السويدي: "أقوم منذ فترة بالتقدم لوظائف لكن دون أي نتائج"، موضحاً أنّ الكثير من المشغّلين لم يقوموا بتوظيفه كونهم افترضوا أنه سيطلب راتباً مرتفعاً.

ومع اقتراب المهلة المحددة اعتباراً من الأول من يناير 2023، يسارع الكثير من الشركات إلى تعيين الإماراتيين، بينما يقول الكثير من العاملين بشركات التوظيف إنهم تلقوا "الكثير من الوظائف الشاغرة" من الشركات، لكنهم توقعوا أنّ شركات كثيرة منها لن تتمكّن من تحقيق أهدافها في الوقت المناسب.

ويوضح حمزة الزوالي المؤسس لشركة آيريس إكزيكوتيفس المتخصصة في توظيف مواطني دول مجلس التعاون الخليجي، أنّ "الأمر سيكون صعباً".

وتواجه الشركات غير الملتزمة غرامات تصل إلى 6000 درهم (1633 دولاراً)، عن كل وظيفة لا يشغلها مواطن إماراتي ضمن النسب التي حددتها الحكومة.

استياء شعبي 

تعد الإمارات مركزاً إقليمياً رئيسياً للكثير من الشركات العالمية، وهي واحدة من بين الدول العشر الأغنى في العالم في 2020، بحسب الأمم المتحدة.

ويقول صندوق النقد الدولي إنّ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بلغ أكثر من 47 ألف دولار للفرد، أعلى من فرنسا وأعلى بقليل من المملكة المتحدة. وفيها واحدة من أدنى نسب البطالة في الشرق الأوسط، ولكن أرقام البطالة في صفوف الإماراتيين غير متاحة، بينما حدد مركز دبي للإحصاء نسب البطالة في الإمارة بـ 4,2% في عام 2019، مشيراً إلى أنّ 68% منهم لم يعملوا من قبل.

ووفقاً للمركز، فإنّ البطالة بين الإماراتيين في دبي ارتفعت على أساس سنوي منذ عام 2012 عندما كانت تبلغ 2,57%.

وترى الباحثة الإماراتية في جامعة أكسفورد ميرا الحسين، أنّ هناك "استياء في أوساط بعض المواطنين، خاصة بعدما قامت الحكومة العام الماضي بإجراء تعديلات على القانون الاتحادي تمنح المستثمرين الأجانب الملكية الكاملة للشركات الأجنبية، بدلاً من حصة 49% كما كان الأمر سابقاً.

وتقول الحسين: "في السابق، كان بإمكان الإماراتيين غير الراغبين بالانضمام إلى القطاع الخاص الانتظار للحصول على وظيفة في القطاع العام، أو بدء عملهم الخاص أو يصبحون الشريك المحلي بنسبة 51% في الأعمال التجارية"، مضيفة أنّ "تجفيف هذه المصادر المتعددة أدى إلى تضييق الخيارات المتاحة".

وأصبحت شبكات التواصل الاجتماعي منصة رئيسية لمواطنين، للتعبير عن استيائهم في ما تصفه الحسين بأنه أمر نادر الحدوث، مضيفة: "لم نشهد مثل هذه المناقشات العامة".

وبدا هذا جلياً في وقت سابق هذا الشهر، بعدما أثار إعلان يدعو الإماراتيين إلى التقدم لوظيفة "محضّر ساندويتشات" غضباً واعتبره البعض محاولة مهينة لتوفير فرص عمل، ما دفع السلطات إلى فتح تحقيق.

وكتب أحد مستخدمي "تويتر" بشأن الإعلان عن الوظيفة الشاغرة "هذا استهزاء"، وكتب آخر في تغريدة أعادت نشرها مئات الحسابات: "قلة الوظائف الإدارية والمالية والفنية ليصل الأمر إلى +محضر سندويشات+؟! آه يا زمن".

تحفيز حكومي 

وكان وزير الموارد البشرية والتوطين الإماراتي عبد الرحمن العور، قد أكد، الشهر الماضي، أنّ أكثر من 14 ألف إماراتي دخلوا سوق العمل في عام 2022، وما معدله 100 شخص ينضمون إلى سوق العمل بشكل يومي.

وبهدف تحفيز المواطنين، أعلنت الحكومة الشهر الماضي عن دعم رواتب المواطنين في القطاع الخاص ومنحهم علاوة مالية تصل إلى 7000 درهم (1906 دولارات) في حال لا يزيد الراتب الشهري على 30 ألف درهم (8168 دولاراً).

ولا يوجد حد أدنى للرواتب للإماراتيين بشكل عام، أما في إمارة الشارقة فهو 25 ألف درهم (6807 دولارات).

من جانبها، تؤكد الباحثة غير المقيمة في مركز دول الخليج العربية في واشنطن إيمان الحسين، أنّ الإمارات تنضم إلى "دفعة أكبر في الخليج لتغيير ديناميكيات العلاقة بين الدولة والمجتمع" وإبعاد المواطنين عن الوظائف الحكومية.

وتضيف أنّ "دول الخليج تريد من مواطنيها تعديل توقعاتهم، والإسهام بـ(شؤون) الدولة والقبول بوظائف مع ساعات أطول وربما بدخل أقل".

وبحسب الزوالي فإنه "ليس من الممكن" أن تستمر حكومة الإمارات بالنمو والتوظيف.

ويتابع أن "الطريقة الأكثر استدامة هي ضمان استمرار قيام الاقتصاد باستيعاب وتدريب والعمل مع الإماراتيين".

(فرانس برس)

المساهمون