تونس: غلاء الأعلاف "رصاصة قاتلة" لمربي الماشية

تونس: غلاء الأعلاف "رصاصة قاتلة" لمربي الماشية

12 مايو 2022
ارتفاع قياسي في أسعار أعلاف الماشية (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

تسود حالة من الغضب الواسع في صفوف مربي المواشي والمزارعين في تونس عقب إعلان زيادة بنحو 25 بالمائة في أسعار الأعلاف دفعة واحدة، بينما ينتظر التونسيون تداعيات هذه الزيادة التي ستنعكس على أثمان الألبان واللحوم والدواجن.
ومنذ بداية الأسبوع الحالي يندفع مربو المواشي في تونس نحو الشوارع والساحات العامة في مختلف محافظات البلاد مصحوبين بحيواناتهم، للاحتجاج على قرار زيادة أسعار الأعلاف وفوضى الاحتكار في القطاع، مطالبين الدولة بالتدخل لحمايتهم من الإفلاس والتفريط في قطعان الماشية.
وأعلن مصنعو الأعلاف عن زيادة بقيمة 300 دينار (نحو 98 دولارا أميركيا) في الطن الواحد في وقت وصف فيه اتحاد الفلاحة والصيد البحري (منظمة المزارعين) الزيادة بـ"الرصاصة القاتلة" للمربين في جميع قطاعات الإنتاج الحيواني.
وقال اتحاد الفلاحين في بيان صادر عنه الجمعة الماضي إنه "يرفض هذه الزيادة إذا لم يرافقها تحرك فوري من الحكومة لدعم الفلاحين وحمايتهم من الإفلاس ومعالجة الفارق الكبير بين كلفة الإنتاج وأسعار البيع خاصّة في منظومة الحليب".

ويحمّل مربو الماشية والفلاحون مصانع الأعلاف التي تحتكر السوق مسؤولية رفع الأسعار إلى مستويات قياسية بلغت ولأول مرة نسبة 23 بالمائة، معتبرين أن صناعة الأعلاف قطاع احتكاري تتحكم فيه شركات كبرى بالسوق وتقصي كل المصانع الصغيرة ما يتسبب في فرض سياسة الأمر الواقع على المربين.
يؤكد المربي وعضو تنسيقية فلاحون غاضبون (جمعية مدنية) هيثم الشواشي أن الزيادة كانت متوقعة رغم محاولات السلطة تأجيلها خلال شهر رمضان تجنّبا لانفجار أسعار الألبان واللحوم.
وقال الشواشي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن نسبة الزيادة كانت صادمة، غير أنها أصبحت أمرا واقعا، مطالبا بإقرار زيادات مكافئة لها في أسعار الألبان لتجنّب انهيار القطاع وتبديد جهد المربين".
وأضاف المتحدث أن المربين وضعوا أمام الأمر الواقع سيّما وأن منتجي الماشية التي توفر الألبان هم من صغار الفلاحين، وليس لديهم موارد كافية أو قدرة على تحمّل الخسائر، وخاصة أن الألبان منتج سريع التلف ولا يمكن تخزينه على عكس باقي المنتجات المستهلكة للأعلاف ولا سيما منها البيض والدواجن.
وأشار إلى أن جزءا كبيرا من محصول الحبوب هذا العام سيذهب لصناعة ذاتية للأعلاف من أجل تجنّب خسائر كبرى يتحمّلها المنتجون دون أن تكترث السلطة لوضعهم.
ودعا الشواشي إلى ضرورة انتباه السلطة إلى مخاطر انهيار منظومات الغذاء الأساسية نتيجة تداعيات الغلاء وارتفاع كلفة مدخلات الإنتاج، منبها لتداعيات ذلك على قوت التونسيين.
وأشار إلى ارتفاع كلفة الإنتاج إلى 1855 مليما للتر الواحد مقابل فرض الدولة على الفلاح بيع الحليب بسعر 1140 مليما، أي بخسارة تقدر بـ715 مليما عن كل لتر يتحملها الفلّاح بمفرده (الدينار = 1000 مليم).
ويحمّل مربو الماشية والفلاحون مصانع الأعلاف التي تحتكر السوق مسؤولية رفع الأسعار إلى مستويات قياسية بسبب تحريرها مقابل تحديد أسعار الألبان.
وتستأثر ثلاث شركات كبرى بصناعة الأعلاف المركبة لفائدة مربي الماشية مستفيدة من الرخص الحصرية التي حصلت عليها منذ سنوات في إطار الاقتصاد الريعي.
وتطالب منظمة المزارعين بمعالجة الفارق بين كلفة الإنتاج وأسعار البيع خاصّة في منظومة الحليب، مؤكدة أن الزيادة في سعر الأعلاف ترفع كلفة إنتاج الألبان، ما يؤدي إلى خسارة المزارع نحو 715 مليما عن كل لتر يتحملها الفلّاح بمفرده.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ودعت المنظمة الحكومة إلى "تحمل مسؤولياتها كاملة في إنقاذ القطاع الفلاحي من الوضع الخطير الذي يمر به، والمستقبل المجهول الذي يتهدده في ظل الارتفاع القياسي وغير المسبوق في كلفة الإنتاج، وتوجه كل المنظومات الفلاحية نحو الانهيار الكامل".
تورد تونس القمح اللين بكميات كبيرة لاستخدامه في توفير مادة الطحين المستخدمة في تصنيع عدة مواد من بينها الخبز، علما أن واردات سلة الحبوب المشكلة من القمح اللين والصلب والشعير العلفي والذرة كلفت البلاد إلى مارس/ آذار 2022 زهاء مليار دولار بحسب بيانات رسمية للمرصد الوطني للفلاحة.
وقال المرصد إن معدل سعر الشعير الأوروبي ارتفع ليبلغ 1269 دينار/طن، مسجلا زيادة بنسبة 3 بالمائة عن معدل أسعار مارس/ آذار 2022 وبنسبة 79 بالمائة عن أسعار إبريل/ نيسان 2021.
ويرجح رئيس النقابة الوطنية للفلاحين، الميداني الضاوي، أن تسجل أسعار الأعلاف زيادات جديدة، مؤكدا على ضرورة حماية منظومة الإنتاج الحيواني من تأثيرات دوامة الزيادات التي لن تتوقف.
وقال الضاوي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن أي زيادة أخرى في سعر الأعلاف خلال المدة القادمة ستفاقم الهوّة بين كلفة إنتاج الألبان واللحوم وسعر البيع، مشيرا إلى أنّ النقابة ستقترح زيادة بأسعار المنتجات تمكّن من بلوغ التكلفة على الأقل.
وتتواصل وتيرة ارتفاع الأسعار نسقها التصاعدي لتشمل عددا كبيرا من المنتجات الفلاحية والمصنّعة ومنها اللحوم الحمراء والدواجن والبيض، كما ينتظر أن يشهد سعر الحليب ارتفاعا خلال الفترة المقبلة مدفوعة بالزيادة القياسية لأسعار العلف.

المساهمون