حكومة الأسد تسرّع التشغيل التجريبي للمشغل الثالث للاتصالات الخليوية

حكومة الأسد تسرّع التشغيل التجريبي للمشغل الثالث للاتصالات الخليوية

15 يونيو 2023
محل لبيع الهواتف في دمشق (Getty)
+ الخط -

لم ير الاقتصادي السوري محمود حسين سبباً لتسريع التشغيل التجريبي للمشغل الثالث للاتصالات الخليوية بسورية "وفا تيليكوم" إلا قطع الطريق على إيران، بعد الوعود بفتح هذا الاستثمار أمام رأس المال الإيراني خلال زيارة الرئيس إبراهيم رئيسي لدمشق الشهر الماضي.

لأن الوضع المعيشي بسورية، بحسب حسين، لا يحتمل زيادة الأسعار على الاتصالات التي شهدتها البلاد، الشهر الماضي، كما أن الأهم، برأيه، أنه لا توجد مشاكل أو عدم استيعاب من قبل الشركتين القائمتين للمشتركين أو احتمال دخول مشتركين جدد، كما أن "ما يشاع حول قدم تجهيزات وبنى الشركتين المشغلتين أعذار لدخول شركة وفا".

وشكك الاقتصادي السوري خلال حديثه مع "العربي الجديد"، بوعود شركة "وفا تيليكوم" التي بدأت بترويجها بالشارع السوري اليوم، خاصة حول تركيب 750 برج تغطية في العام الجاري، لأنها برأيه ستعتمد على أبراج "سيريا تيل" و"MTN" القائمة الآن، لأنها تعود جميعها، مع الشركة الجديدة، للمشغل نفسه وهو أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام، لافتاً إلى أن الميزات الجديدة للشركة العتيدة، خاصة حصرية إطلاق الجيل الخامس لمدة عامين، قد تكون ميزة تفضيلية عن الشركتين القائمتين "ولكن من ينافسون إن كانت ملكية جميع الشركات تعود للشخصية نفسها، بعد طرد رامي مخلوف في العام الماضي؟".

وكانت زوجة رئيس النظام السوري أسماء الأسد قد وضعت يدها على شركتي الاتصالات الخليوية بسورية، بعد مصادرة "سيرتيل" من رامي مخلوف والحجز على أمواله وبعد وضعها عزمي ميقاتي، كما يقول السوريون، في واجهة استثمار "MTN"، لأن الشريكين اللبنانيين (طه ونجيب ميقاتي) لهما نسبة ضئيلة، وليس من المستبعد، بحسب مصادر سورية، إبعادهما بالمطلق عن الاستثمار، إذا اقتضت الضرورة ومقتضيات الشركة الجديدة.

وكان مدير المجموعة العربية للمعارض علاء هلال قد كشف، خلال تصريحات أمس، عن مشاركة شركة "وفا تيليكوم" بمعرض "بيلدكس" الذي سينطلق بدمشق، عبر جناح أقامه معرض البناء مخصص لتكنولوجيا المعلومات، مبيناً أن شركات عربية وأجنبية ستشارك بالمعرض السوري، معتبراً ذلك إيذاناً ببدء التشغيل التجريبي للشركة الجديدة.

ومن العاصمة السورية دمشق، يقول العامل السابق بوزارة الاتصالات خضر محمد، لـ"العربي الجديد"، إن الأسبوع الجاري سيشهد، على الأرجح، بدء التشغيل التجريبي لشركة "وفا تيليكوم"، مبيناً أن الأرقام الخليوية للمشغل الثالث تبدأ بالرقم 091 وبعد الوصول إلى عدد مشتركين محدد ونسبة معينة من الحزمة، سيتم الانتقال إلى 092 أيضاً.

ومن المتوقع أن تكون أول مكالمة هاتفية على شبكة المشغل الجديد "قريبة جداً" بعد تأخير لمدة ستة أشهر، حيث "كانت متوقعة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي"، وتأخرت لأسباب تتعلق بوعود أن يأتي طرف إيراني ويستثمر بالخليوي، ولكن "يبدو أن الأمر بتّ لصالح وفا تيليكوم".

وكانت شركة MCI الإيرانية قد حصلت في يناير/ كانون الثاني من عام 2017، على رخصة المشغّل الثالث للخلوي في سورية، لكن المشغّل الموعود ظل حبرًا على ورق، حتى أُجهض رسميًا في سبتمبر/ أيلول 2019، بتصريح لوزير الاتصالات والتقانة إياد الخطيب.

وقال الخطيب حينها إن مشغّل الاتصالات الخلوية الثالث في سورية سيكون من نصيب شركة وطنية سورية، نافيًا في الوقت نفسه أن تكون الشركة من نصيب الاستثمار الإيراني، قبل أن يعاد طرح الاستثمار خلال زيارة الرئيس الإيراني لدمشق الشهر الماضي.

وحول ما يقال بشأن استفادة المشغل الجديد من البنى التحتية للمشغلين الموجودين (سيريا تيل وMTN)، يضيف المتخصص خضر محمد أن الشركة الجديدة ستعتمد على الأبراج والبنى القائمة، خلال الفترة التجريبية على الأقل، لكنها تدعي أنها ستركب أكثر من 700 برج تغطية خلال عام 2023 خاصة بمناطق شمال سورية التي خسرت الشركتان المشغلتان مشتركيه خلال سنوات الحرب، لأن خطة الشركة تغطية 80% من الأراضي السورية خلال 5 سنوات و90% خلال 10 سنوات "وهذا شرط الترخيص أصلاً".

وكشف أن الشركة كي تقلع بالتجريب الآن، تتفاوض مع الشركتين المشغلتين لتأمين التجوال المحلي ومشاركة شبكة النفاذ الراديوي، وهذا الأمر سيكون في العامين الأول والثاني وبعدها سيكون المشغل الثالث انتهى من بناء جزء كبير من شبكته الخاصة واستقل عن المشغلين الآخرين.

وفي ما يتعلق بحصة الدولة من العائدات، بعد خصخصة قطاع الاتصالات الخليوية بسورية، يضيف خضر محمد أن رأس مال "وفا تيليكوم" 10 مليارات ليرة سورية، تملك "السورية للاتصالات" (وهي الشركة الحكومية)، 20% منها، بعقد مدته 22 عاما قابلة للتجديد.

وكانت حكومة بشار الأسد وقبل انتهاء حصرية فترة عقد "بي أو تي" المحددة بخمس عشرة سنة، والذي استثمرت شركتا "سيريا تيل" و"MTN" وفقه، قد حوّلت الشركتين إلى مساهمتين في نهاية عام 2014، بعدما حسم مجلس الوزراء السوري الأمر وحوّل شبكة الاتصال الخليوية من ملكية عامة، مع إدارة وتشغيل خاص، إلى عقود ملكية خاصة للقطاع، وتقليص حصة الدولة منذ عام 2015 إلى 50% وعام 2016 إلى 30% لتستقر بعد ذاك حصة الدولة على 20%، ما فوّت مليارات الليرات السورية على خزينة الدولة، بحسب خبراء سوريين.

في السياق، يرى العامل بقطاع الاتصالات الخليوية فاضل كامل، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، أن تجهيزات "سيريا تيل" و"MTN" باتت قديمة ويتم الترميم وليس التجديد منذ سنوات، فدخول "وفا" بالاعتماد على البنى التحتية للشركتين، سيخفف من تكاليف التأسيس، كما أن الشركة الجديدة ستستخدم جيلا جديداً (G5) ولديها حصرية بذلك لمدة سنتين، ما يعني لاحقاً ربما تصفية الشركتين أو إحداهما، أو ربما الاندماج، فتكون "وفا" هي المتحكمة بالسوق، ولا يخشى بعد ذلك إذا دخل مشغل من خارج سورية، فـ"المؤكد أن هناك خطة لذلك، لأنه ليس من المنطق أن تنافس أسماء الأسد نفسها".

يذكر أن شركة "وفا تيليكوم" تعود لشركاء سوريين، بمقدمتهم يسار إبراهيم، المستشار بالقصر الرئاسي لدى بشار الأسد، لكنه بحسب مصادر سورية وصفت نفسها بالمطلعة، واجهة لاستثمارات أسماء الأسد، وهو ضمن ما يسمى المكتب الاقتصادي السري الذي تقوده أسماء.

ويضم المكتب السري فارس كلاس، مدير مؤسسة الأمانة السورية للتنمية، لونا الشبل، مستشارة رئيس النظام بشار الأسد والمسؤولة الإعلامية بالقصر الرئاسي، لينا الكنانة، منسقة العلاقات الاقتصادية بين القصر الرئاسي والقطاع الخاص، دانا بشكور، مديرة مكتب أسماء، خضر علي طاهر، مدير شركة إيما تيل العائدة لأسماء، يسار إبراهيم، وهو مستشار اقتصادي بالقصر الرئاسي ومدير شركات آل الأسد بسورية ولبنان وبريطانيا والإمارات.

وكان لقرارات المجلس السري عام 2019، سواء بالحجز على أموال رجال أعمال سوريين، ومنهم مالك شركة الاتصالات رامي مخلوف، أو باحتجاز عدد آخر منهم بفندق شيراتون دمشق، ولم يفرج عنهم إلا بعد دفع ملايين الدولارات، أو حتى بحملات الملاحقة واقتحام كبرى الشركات الإنتاجية بدمشق وحلب، لابتزازها مالياً، الدور الأهم برفد خزينة الدولة السورية بأموال واستمرارها، والمصدر الأهم، إلى جانب المخدرات والتهريب، بزيادة حسابات بشار وأسماء بالمصارف الخارجية وتوسعة الاستثمارات بالإمارات وبيلاروسيا وروسيا ولندن، بحسب المصادر.

وتفيد مصادر خاصة من دمشق بأن شركة "وفا تيليكوم" المرخصة منذ عام 2017 كشركة تجارية تهدف لتقديم خدمات الاتصالات، إلى جانب نشاط تجاري واقتصادي وأنشطة مالية وتجارية واستثمارية، والتعاون مع الشركات والأفراد الوطنيين والأجانب، بقيت من دون تصديق طلبها حول "مشغل الخليوي الثالث" حتى مايو/ أيار عام 2021، حينما تم تصديق الطلب من قبل وزارة التجارة وحماية المستهلك بحكومة الأسد، ومن ثم حصلت على الترخيص النهائي من "الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد" كي تباشر عملها اليوم.

وتضيف المصادر أن في سورية اليوم نحو 16 مليون مشترك بالاتصالات الخليوية لدى الشركتين، بحصة سوقية لسيريتل 67% ولـMTN 33%. وبقيت سورية تمنع الترخيص للاتصالات الخليوية حتى عام 2001 حين أسست شركة "سيريتل" المملوكة سابقاً لشركاء أهمهم رامي مخلوف، برأس مال قدره ثلاثة مليارات و350 مليون ليرة، أول شركة بهذا القطاع، تبعتها شركة "MTN" عام 2002، برأس مال قدره 1.5 مليار ليرة (في وقت كان سعر الدولار يقابل أقل من 50 ليرة سورية).

المساهمون