خبراء يحذرون: الحرب في غزة تهدد أسواق المال العالمية

30 أكتوبر 2023
الاقتصادي المصري الأميركي الشهير محمد العريان (Getty)
+ الخط -

قال الخبير الاقتصادي محمد العريان، اليوم الاثنين، إنه مع دخول الحرب بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية أسبوعها الرابع، فإن المخاطر على الاقتصاد العالمي تتزايد، وتهدد بوصولها إلى الأسواق المالية العالمية.

وتصاعد الصراع اليوم الاثنين، بعد أن قال جيش الاحتلال إنه وسع نطاق هجومه البري في غزة، رداً على الهجمات التي شنّتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/ تشرين الثاني الجاري.

وقال العريان، وهو خبير اقتصادي مصري أميركي شغل سابقاً منصب المدير التنفيذي لـ"بيمكو"، إحدى أكبر شركات إدارة الأصول في العالم، واستقال من منصبه 2014، ويشغل حالياً منصب رئيس كلية "كوينز" بجامعة كامبريدج البريطانية العريقة، إنه كلما طال أمد القتال، زادت فرصة تصاعده إلى صراع إقليمي له تداعيات على أسواق المال.

وفي لقاء مع شبكة "سي أن بي سي" الاقتصادية، خلال جلسة نقاش في مؤتمر "AIM" بدبي، أكد العريان أن ذلك يؤدي إلى زيادة خطر انتقال العدوى إلى بقية العالم، وخاصة ما يخص نواحي الاقتصاد والتمويل.

وقال العريان إن مثل هذه العدوى ستؤدي إلى تفاقم القضايا المشتعلة حالياً، والتي تعوق نمو الاقتصاد العالمي، بما في ذلك الركود، والتضخم المرتفع بشكل عنيد، وتفكك الأسواق. وأشار إلى أن هذا الصراع، بطريقة ما، أدى إلى تفاقم جميع التحديات الموجودة، والتي كانت كبيرة بالفعل.

وكان تأثير الحرب على الأسواق العالمية محدوداً في البداية، حيث توقع البعض احتواءه سريعاً، ولكن بعد ذلك تسببت المخاوف من حدوث امتداد إقليمي، يجذب لاعبين آخرين، مثل إيران ولبنان، في زيادة الشعور بعدم الارتياح في الأسواق.

وتقلبت أسعار النفط بشكل خاص، وسط مخاوف من تسبب التصعيد في تقييد الإمدادات من المنطقة الغنية بالطاقة، حيث ارتفعت أسعار النفط يوم الجمعة، بعد أن قالت إسرائيل إن قواتها توسع عملياتها البرية. لكن الأسعار انخفضت مع بداية الأسبوع الجديد، مع تطلع المستثمرين إلى اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياط الفيدرالي يوم الأربعاء المقبل.

ووصفت كريستالينا جورجييفا، رئيسة صندوق النقد الدولي، يوم الأربعاء الصراع المتفاقم بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية بأنه سحابة أخرى في أفق التوقعات الاقتصادية القاتمة بالفعل.

وقالت إنه أمر فظيع من حيث الآفاق الاقتصادية لمركز الحرب، وسيكون هناك تأثير سلبي على الجيران، في النواحي التجارية، والسياحية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف التأمين.

تعثر محادثات السلام في الشرق الأوسط

وجاءت الهجمات التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر، في الوقت الذي كانت فيه حكومة الاحتلال تتخذ خطوات لتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع جيرانها العرب، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

ورداً على سؤال ما يعنيه الصراع المستمر لتلك الطموحات، قال العريان إن الاحتمال أصبح أكثر كآبة وأكثر إلحاحاً. وقال إن الناس يتابعون ما يجري بمزيد من اليأس.

وتطابقت تصريحات العريان مع ما عبر عنه أجاي بانغا، رئيس البنك الدولي، في مقابلته مع شبكة "سي أن بي سي" في وقت سابق، حيث ذكر بانغا أن الصراع أعاق بشكل كبير هدف تعزيز التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط.

وقال بانغا، الأسبوع الماضي، إنهم كانوا يعملون من أجل شرق أوسط أكثر سلاماً، وبدأت العديد من الدول في هذه المنطقة في التحدث مع بعضها البعض حول فرصة المضي قدماً لفرصة جديدة للعيش معاً. ولكن بانغا أشار إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى ينجح هذا النوع من المحادثات مرة أخرى.

وعلى نحو متصل، اعتبر محللون أن الحرب بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية بقيادة حماس جاءت لتصب الزيت على النار، التي أشعلتها أسعار الفائدة المرتفعة بالمقاييس الأميركية، والتضخم، بالإضافة إلى مخاوف الدخول في ركود.

وقال كريستوفر وود، مسؤول استراتيجيات الأسهم في شركة الاستشارات المالية "جيفريز"، في مذكرته الأسبوعية الأخيرة للمستثمرين، تحت عنوان "الجشع والخوف"، إنه يعتقد أن الأسواق ستستمر في محاولة تجاهل الأحداث في الشرق الأوسط، متوقعاً عدم قيام قوات الاحتلال بشن هجوم بري واسع النطاق.

وانعكس هذا الرأي بشكل متزايد في الأسواق، كما اتضح من تراجع أسعار النفط الأسبوع الماضي، على الرغم من الأخبار الواردة من غزة خلال الأيام الأخيرة، والتي تشير إلى احتدام المعارك داخل القطاع المحاصر.

وقال وود إنه إذا كان الجشع والخوف خاطئين وجرى شن الغزو، فسيكون هناك تأثير سلبي فوري من حيث ارتفاع أسعار النفط، وتجدد المخاوف من صراع إقليمي أوسع، وهي مخاوف ستكون مشروعة تماماً. وأضاف أن وجهة النظر البديلة هي أن حكومة الاحتلال تتحين الفرصة، بينما تعمل على وضع أفضل خطة للهجوم. 

وفي حين يرى بعض المحللين أن الأسواق ستستمر في تجاهل أحداث الشرق الأوسط، وأن تراجع أسواق الأسهم يدعم الأمر نفسه، أشارت شركة الوساطة التابعة لبنك "يو بي أس" إلى أن الأحداث الجيوسياسية نادراً ما تتسبب في ركود عالمي، أو تترك علامة دائمة في الأسواق. 

ومن ثم، تعتقد "يو بي أس" أن أفضل مسار للعمل هو تنويع المحافظ، مع الاستمرار في الاستثمار.

وقالت "يو بي أس" إنه في هذه الحالة "تأتي الحرب بين الاحتلال والمقاومة، في وقت يشهد توترات جيوسياسية مرتفعة بالفعل، مع الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتنافس الشديد بين الولايات المتحدة والصين".

وفي الوقت نفسه، وبالتزامن مع توجه الاقتصاد الأميركي نحو التباطؤ، رغم مرونته، توقعت "يو بي أس" أن يتباطأ النمو في الربع الرابع، وأن يستمر التضخم في التراجع، وأن تتجه العائدات إلى الانخفاض على مدى الأشهر الـ 12 المقبلة. وقالت الشركة إن أدوات الدخل الثابت ما زالت أفضل من الأسهم، ونصحت عملاءها بالتفكير في شراء السندات عالية الجودة.

المساهمون