سورية: نفوق الدجاج يضاعف الأسعار

سورية: نفوق الدجاج يضاعف الأسعار

16 اغسطس 2022
درجات الحرارة المرتفعة ساهمت في زيادة نفوق الدجاج (فرانس برس)
+ الخط -

"نفق أكثر من نصف الدجاج خلال فترة الحر، فلا كهرباء للتهوية وتشغيل المراوح، فقط نفتح الأبواب والنوافذ ولكن من دون جدوى"، هذا ما أدلى به لـ"العربي الجديد" محمود شحود، وهو مربي دجاج وصاحب مزرعة بريف إدلب، وذلك خلال اتصال هاتفي، مضيفاً أنّ ارتفاع أسعار الأعلاف والمشتقات النفطية جعل من هذه المهنة "مجازفة وخاسرة".

ويشير شحود إلى أنّ ارتفاع سعر الدجاج بالأسواق، خلال الأيام الأخيرة بأكثر من 3 آلاف ليرة للكيلوغرام الواحد، جاء نتيجة خسائر المربين وقلة العرض الذي تأثر بتراجع عدد المزارع وطرح الطيور، متوقعاً مزيداً من ندرة المادة وارتفاع سعرها، لأنّ الحرّ الشديد جاء أكثر من التوقعات وزاد من مآسي المربين، على حسب قوله.

ويوضح مربي الدجاج أن الحر يؤثر بشكل مضاعف على تربية الطيور، فهو يودي بها للنفوق بسبب الازدحام وعدم تحملها درجات الحرارة التي تزيد عن 40 درجة مئوية. يتابع أنّ التيار الكهربائي ينقطع لأكثر من 20 ساعة وتكاليف التهوية باستخدام المولدات يزيد تكاليف الإنتاج، لأنّ سعر ليتر المازوت بالسوق السوداء يصل إلى 7 آلاف ليرة، ويقول: "جاءنا رفع سعر البنزين أخيراً ليزيد المآسي".
وكانت مزارع عدة بالمدن السورية قد شهدت "كوارث نفوق القطعان"، أهمها في مدينة السويداء، جنوبي سورية، ومدينة حماة المصنفة أولى المدن المنتجة.

ويقول رئيس فرع نقابة الأطباء البيطريين في حماة عبد العزيز شومل إن نفوق طيور الدواجن حصل بكل المحافظات وليس فقط في محافظة حماة، وبنسبة تراوحت بين 15 و30%، وذلك نتيجة الارتفاع في درجات الحرارة، لا سيما أن عدداً كبيراً من المداجن غير مهيأة لمواجهة هذا الارتفاع.

يضيف رئيس فرع نقابة الأطباء البيطريين في حماة أن أبرز ما يعاني منه مربو الدواجن اليوم عدم توافر مادة المازوت من أجل تشغيل المولد الكهربائي 14 ساعة على الأقل والذي يحتاج ما بين 5 و10 ليترات مازوت بالساعة تقريباً.
بدوره، لا يخفي مدير عام المؤسسة العامة للدواجن (حكومية)، سامي أبو الدان، أثر موجة الحر على نفوق قطعان الدجاج، بل يكتفي بتوصيف الحالة فقط، خلال تصريحه لجريدة "البعث" التابعة للحزب الحاكم بسورية، متوقعاً أن تزيد أسعار الفروج والبيض بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف وموجة الحرّ، ويقول: "ستصل نسب النفوق لما بين 30 و40%".

ويكشف المستثمر بالقطاع الزراعي هيثم عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، عن تراجع عدد مربي الدواجن بأكثر من 80% عمّا كانوا عليه عام 2011، إذ غير الكثير منهم المهنة، بل وخرجت مدن بأكملها عن هذه المهنة، مثل الجزيرة السورية، دير الزور والرقة والحسكة، يضيف: "كما تراجع الإنتاج بأكثر من 50% بمدن حماة وحلب وإدلب، أكثر المدن إنتاجاً بالسابق. والأهم برأيه، ابتعاد مؤسسة الدواجن الحكومية عن السوق وتذرعها بالخسائر، كما أيّ مربٍّ، وتجاهل الدور الاقتصادي والاجتماعي لها، باعتبارها مؤسسة حكومية لا تحتكم إلى الربح والخسارة فقط".

يضيف عبد القادر، الذي انسحب من الاستثمار بتربية قطعان الدجاج، أن المؤسسة العامة للدواجن التي تضم 11 منشأة فيها 20 خطاً إنتاجياً، منها 10 خطوط لإنتاج بيض المائدة و5 خطوط لإنتاج الفروج و3 خطوط لإنتاج صوص الدجاج، وخطان لإنتاج صوص البياض، هي اليوم تستجر من السوق أو عبر الاستيراد لتفي بعقودها لجهات حكومية.
كما تراجع عدد المزارع بالقطاع الخاص، بحسب المهندس الزراعي يحيى تناري، من نحو 12 ألف مزرعة مرخصة ومثلها غير مرخصة، إلى أقل من 10 آلاف مزرعة بعموم سورية اليوم، وهذه المزارع "الصامدة" تتكبد خسائر باهظة.

ويضيف تناري متحدثاً لـ"العربي الجديد"، أن مهنة صناعة الدواجن تدهورت بعد أن كانت داعماً للاقتصاد السوري، عبر مساهمة لحوم الدواجن بحوالي 54% من إجمالي استهلاك السوريين من أنواع اللحوم، فيما كان الإنتاج 180 ألف طن من لحم الدجاج ونحو 3 مليارات بيضة مائدة، وتزيد مساهمة منتجات القطاع بتوفير حوالي 42% من استهلاك المواطن من البروتين الحيواني، وزادت صادراته عن 15 مليار ليرة عام 2010.

قول رئيس فرع نقابة الأطباء البيطريين في حماة عبد العزيز شومل إن نفوق طيور الدواجن حصل بكل المحافظات وليس فقط في محافظة حماة

ويلفت المهندس السوري إلى عدم إيفاء مؤسسة الأعلاف الحكومية بوعودها بتزويد المربين بالأعلاف وبأسعار منافسة، بل يشهد السوق تراجعاً كبيراً بالعرض وقفزات مستمرة بالأسعار، ما يزيد من هجرة المهنة التي باتت مجازفة غير مضمونة النتائج.

وكانت المؤسسة العامة للأعلاف قد أعلنت، الشهر الماضي، من خلال بيان، عن افتتاح دورة علفية جديدة لمربي الدواجن بكل فروعها في المحافظات لغاية 9/29/2022.
لكنه حتى اليوم، لم توزع المؤسسة الأعلاف، كما أن الأسعار بالسوق "نحو ضعف ما تعلنه"، ففي حين تحدد سعر الذرة الصفراء بنحو 1700 ليرة للكيلوغرام يزيد بالسوق عن 2500 ليرة وسعر كيلوغرام الصويا الذي تحدده بـ2600 ليرة يزيد عن 4 آلاف ليرة، حسب تناري.
وكانت شكايات السوريين من ارتفاع أسعار الدجاج والبيض قد تعالت خلال الأيام الأخيرة، بعد وصول سعر كيلوغرام شرحات الدجاج إلى 27 ألف ليرة، وزيادة سعر الـ30 بيضة عن 25 ألف ليرة.

المساهمون