غلاء أسعار اللحوم وتزايد النباتيين يهدّدان الطلب العالمي

غلاء أسعار اللحوم وتزايد النباتيين يهدّدان الطلب العالمي

01 يوليو 2021
أكبر رادع للطلب هو ارتفاع مستمر في الأسعار كان بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2020 (Getty)
+ الخط -

أصبح الطلب على اللحوم حول العالم مهدداً بقوة نتيجة عاملين رئيسيين: الغلاء الفاحش في أسعارها في غالبية الدول، وتزايد النباتيين إما جبراً بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني أو طوعاً لأسباب بيئية أو صحية تتعلق بتخفيف احتمال الإصابة بالأمراض.

ففي الولايات المتحدة، انخفضت مبيعات اللحوم في محال البقالة أكثر من 12% عن العام الماضي، فيما من المتوقع أن ينخفض الطلب الإجمالي على لحوم البقر في أوروبا بنسبة 1% هذا العام.

وفي الأرجنتين التي تُعد موطن أحد أكثر مجموعات أكلة اللحوم في العالم، انخفض استهلاك لحوم الأبقار للفرد الواحد 4% تقريباً اعتباراً من العام 2020 الذي تفجرت فيه أزمة كورونا، وفقاً لأرقام أوردتها شبكة "بلومبيرغ" الأميركية.

ارتفع مؤشر أسعار اللحوم العالمي الصادر عن "الأمم المتحدة" لمدة 8 أشهر متتالية، وهو أطول خط صعودي منذ العام 2011، وقريب من أعلى مستوى مسجل في سنوات

وفي حين تبدو بعض هذه الأرقام صغيرة، فإن تراجعاً ضعيفاً يُعد نادراً في سوق اللحوم الذي شهد حتى انتشار الوباء العام الماضي، نمواً في الاستهلاك بأرقام قياسية جديدة على مدى سنوات.

أما الآن، فيتضاءل الطلب في جميع أنحاء العالم في إشارة ربما إلى بداية تحوّل واسع جديد بعيداً من البروتين الحيواني.

أما أكبر رادع للطلب فهو ارتفاع مستمر في الأسعار كان بدأ في أكتوبر/تشرين الأول 2020، مدفوعاً بمحدودية الإمدادات العالمية من الأعلاف الحيوانية تزامنا مع اضطرابات أصابت سلسلة التوريد.

فقد ارتفع مؤشر أسعار اللحوم العالمي الصادر عن "الأمم المتحدة" لمدة 8 أشهر متتالية، وهو أطول خط صعودي منذ العام 2011، وقريب من أعلى مستوى مسجل في سنوات عدة.

وتأتي صدمة غلاء الأسعار في وقت لا يزال فيه المستهلكون يتعاملون مع التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا، بما يجبر العائلات من البرازيل إلى الفيليبين على شراء كميات أقل من اللحم واستبدال البروتينات بمصادر أُخرى مثل البيض إذا كان بإمكانهم تحمّل تكاليف شرائها، وإلا فإن الخيار النهائي هو ملء الأطباق بالأرز أو النودلز من دون إضافات.
في مدينة نيويورك، تعيش يوديليا بينا البالغة من العمر 48 عاماً، مع زوجها وأحد أطفالها الثلاثة، وقد أصبح اللحم رفاهية بالنسبة لها ولعائلتها.

أظهرت بيانات أميركية أن أسعار لحوم البقر المفروم بالتجزئة في الولايات المتحدة ارتفعت 6% عما كانت عليه قبل الوباء، والدجاج الكامل قرابة 9%

لقد أظهرت بيانات حكومية أميركية أن أسعار لحوم البقر المفروم بالتجزئة في الولايات المتحدة ارتفعت بنسبة تناهز 6% عما كانت عليه قبل الوباء، بينما ارتفعت أسعار الدجاج الكامل قرابة 9%، وقفز سعر رطل شرائح لحم الخنزير 13% إلى 3.88 دولارات تقريباً في مايو/أيار المنصرم.

وهذا ما يجعل البروتين الحيواني سلعة لا يمكن تحمّل نفقات شرائها تقريبا لعائلة بينا التي انخفضت إيراداتها الآن إلى دخل واحد من زوجها بعدما فقدت وظيفتها في متجر لبيع الملابس بمدينة نيويورك. وهي تقول: "كنت أشتري دجاجتين. الآن أنا أشتري واحدة فقط وأقسّمها إلى نصفين".

ازدهار السوق النباتي

في مقابل أزمة غلاء اللحوم، ثمة ازدهار واضح لسوق الأغذية ذات المصادر النباتية، حيث بات المزيد من المستهلكين يختارون التخلي عن اللحوم بسبب مخاوف تتعلق بالبيئة ورعاية الحيوان وصحته.

ولا يقتصر هذا التحوّل على أخصائيي الحميات في كاليفورنيا ومحبّي موسيقى الجاز في شرق لندن. بل أصبح على نحو متزايد، طعاماً يتناوله الكثيرون في مختلف أنحاء العالم بالنسبة لمختلف مجموعات المداخيل، لدرجة أن اتحاد قوى التضخم واتجاهات الغذاء تتحد الآن بما يشير إلى تحوّل كبير بعيدا من تناول اللحوم في العالم كله.

ومع انخفاض الطلب العالمي على اللحوم، من المتوقع أن ينمو الإنتاج الحيواني هذا العام مع تعافي الصين من تفشي حمى الخنازير الأفريقية، وهو مرض قاتل للخنازير دمّر قطيعها في البلاد.

ونظرا إلى هذه الصيغة، تُقدر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) أن الاستهلاك العالمي للفرد من اللحوم سينمو بنسبة 1.2% في العام 2021 بعد انكماش نسبته 0.7% العام الماضي، مع توقعات مدفوعة غالباً بحجم انتعاش إنتاج لحم الخنزير في الصين.

ومع ذلك، حتى في الصين، حيث أصبح تضخم اللحوم الآن خفيفا نسبيا مقارنة ببعض الدول والمناطق الأُخرى، فإن تناول الطعام النباتي يكتسب قوة جذب جديدة، وفقاً لدارين فريدريش، المحلل في "ستون إكس غروب" بشنغهاي، حيث يلاحظ أن الأجيال الشابة أكثر ميلاً إلى اختيار كميات أقل من اللحوم أو الدواجن، بينما تقدم المطاعم العصرية والراقية الآن خيارات نباتية.

المساهمون