قمح فرنسا والحصاد المبكر ملاذ الجزائريين لمواجهة أزمة الواردات

قمح فرنسا والحصاد المبكر ملاذ الجزائريين لمواجهة أزمة الواردات

18 مارس 2022
المعروض يكفي حاجة الأسواق (رياض كرامدي/ فرانس برس)
+ الخط -

تسابق الجزائر الزمن من أجل تأمين مخزونها من القمح، وسط ارتفاع الطلب الداخلي والعالمي على المادة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا.

ولم تتأثر البلاد مباشرة بتناقص إمدادات أوكرانيا وبالعقوبات على روسيا، إذ لا يدخل البلدان في قائمة مصدري القمح الأساسيين إليها، إلا أن مخلفات هذا القرار غير المباشرة باتت تربك السلطات التي وجدت نفسها تُدفع نحو العودة إلى القمح الفرنسي الذي حاولت التحرر من هيمنته، بالبحث عن ممونين جدد، من بينهم روسيا.

ويبقى الهاجس الأكبر هو السعر الذي سيتأثر أكثر بالحرب الروسية، ما يعني دخول منافسين جدد للجزائر في سباق تأمين قوت المواطنين. ونجحت الجزائر في 9 من مارس/ آذار الحالي في شراء 700 ألف طن من القمح، في سياق سباق مع الزمن من أجل ضمان مخزون وافر من مادة القمح. وكشف عبد العالي مختاري، من غرفة الزراعة الجزائرية، أن "الجزائر تستورد بين 90 و100 ألف طن في أحسن الأحوال من القمح الروسي سنوياً، وجله من القمح الصلب، فيما تعتبر الجزائر من أكبر المستهلكين للقمح اللين في العالم".

وأكد أن "الجزائر ستطرح مناقصة جديدة في الأسابيع القادمة لشراء ما بين 600 و700 ألف طن من القمح، ومن المنتظر أن يكون من فرنسا، إلا أن ما يُخيف هو ارتفاع الأسعار الذي ستخلفه الخطوة الروسية، التي ستقلص المعروض في الأسواق في وقتٍ يشهد فيه الطلب العالمي ارتفاعا متسارعاً".

واللافت، حسب عبد العالي مختاري، أن "الصفقة التي ظفرت بها الجزائر في مطلع الشهر الحالي تتميز بارتفاع سعر القمح الذي بلغ 485 دولاراً للطن شاملاً كلفة الشحن، وهو سعر مرتفع للغاية، وسيجعل الصفقات القادمة فوق هذا الحد، أما الأمر الثاني فهو عودة الجزائر إلى القمح من فرنسا، التي تستحوذ على 92 في المائة من الواردات".

وتعتبر الجزائر من بين أكبر الدول المستوردة للقمح اللين في العالم، وتعد فرنسا ممونها الرئيس بما قيمته ما بين 2 و3 مليارات دولار من القمح سنويا، وتتعامل لتوفير الكميات المطلوبة من القمح مع 20 دولة أخرى، بينها ألمانيا، والأرجنتين، وبولونيا وأوكرانيا والولايات المتحدة وكندا وروسيا. وتحتل الجزائر المرتبة الثالثة عالميا بعد مصر في استيراد القمح، وتبلغ نسبة الاستهلاك الفردي سنويا 100 كيلوغرام، وهو ضعف النسبة في الاتحاد الأوروبي وثلاثة أضعاف باقي دول العالم. ولتفادي أي ضغطٍ داخلي على الطلب وارتفاع مفاجئ للاستهلاك المحلي، قررت الحكومة الجزائرية بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون حظر تصدير المواد الغذائية الأساسية، كالسكر والزيت والمعكرونة والسميد ومشتقات القمح.

كما تخطط وزارة الزراعة الجزائرية لإطلاق موسم حصاد القمح مبكرا، خاصة في الجنوب الجزائري المتميز بمناخه الساخن، لتوفير ما بين 4 و5 ملايين طن تضاف إلى الكميات المستوردة والمخزنة من محاصيل السنة الماضية.

واعتبر الخبير الاقتصادي جمال نور الدين، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "قرار منع تصدير المواد المُدعمة واسعة الاستهلاك في مقدمتها القمح، من المنتظر أن يُخلف شيئا من وفرة المعروض داخلياً، سواء من المادة الأولية أو من المواد المُصنعة كالعجائن والدقيق والطحين، وهذا ما يطمئن الجزائريين على قوتهم نوعا ما، خاصة مع انطلاق موسم الحصاد باكرا في مطلع إبريل/ نيسان القادم في المحافظات الجنوبية الساخنة، فيما يبقى الهاجس الأكبر هو ضبط الأسواق داخليا لكبح ارتفاع الأسعار والمضاربة والاحتكار".

المساهمون