مصر تكثّف إصدارات الدَّين طويلة المدى في العامين القادمين

مصر تكثّف إصدارات الدَّين طويلة المدى في العامين القادمين والتوسّع في بيع العقارات بالدولار

07 يناير 2024
تسعى مصر لمواجهة أزمة نقص الدولار عبر طرق عدة (Getty)
+ الخط -

تعتزم مصر إصدار سندات دين طويلة الأجل تتراوح بين 20 إلى 30 سنة لسداد مدفوعات خدمة الدين الخارجي للعامين الماليين، الحالي والمقبل، مقابل التوسع في إصدارات الدين المحلي قصير الأجل، والتوسع في بيع العقارات بالدولار. 

ووفقاً لوثيقة الاتجاهات الاقتصادية للدولة خلال الفترة الرئاسية الجديدة للرئيس عبد الفتاح السيسي، التي تنتهي في 2030، فإن إصدار السندات طويلة الأجل خارجياً سيسمح بمبادلة إصدارات الدين قصيرة الأجل الحالية بإصدارات طويلة الأجل، وبما يمدد فترات السداد.

وكشفت الوثيقة التي نشرتها وسائل إعلام مصرية السبت، أن جانباً كبيراً من الاهتمام سينصبّ على دراسة تنفيذ عدد من البدائل لتخفيف عبء المديونية الخارجية عبر التنسيق مع المجتمع الدولي.

وأشارت إلى أن ذلك يتضمن إطلاق الدول النامية مبادرة عالمية لمبادلة الديون بين الدول الدائنة والمدينة باستثمارات وتحويل الجزء الأكبر منها إلى مشروعات استثمارية مشتركة تخلق المزيد من فرص العمل.

وقالت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الأسبوع الماضي، إن الدين الخارجي للحكومة تراجع بنحو مائتي مليون دولار إلى 164.5 مليار دولار في آخر سبتمبر/أيلول الماضي، وهي نهاية الربع الأول من العام المالي الحالي 2023/ 2024، من 164.7 مليار دولار في آخر يونيو/ حزيران نهاية العام المالي 2022/ 2023.

وقالت وزارة المالية في وقت سابق من شهر يناير/كانون الثاني الجاري، إنها تعتزم إصدار أدوات دين محلية بقيمة 1.647 تريليون جنيه (53.3 مليار دولار) خلال الربع الحالي الممتد من يناير حتى مارس/آذار 2024 مقارنة بـ1.055 تريليون جنيه في الربع ذاته من عام 2023، وذلك في صورة أذون وسندات خزانة لا تزيد آجالها على عام في معظم الإصدارات.

ووفقاً للوزارة، فإنها تعتمد حالياً على أدوات الدين قصيرة الأجل بشكل أكبر من الأدوات طويلة الأجل من السوق المحلي لتفادي تحمّل أسعار الفائدة العالية لفترات طويلة.

وتبلغ أسعار الفائدة حالياً بمصر 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض.

ووفقاً لبيان موازنة العام المالي 2023 / 2024، فإن الفجوة التمويلية تقدَّر بنحو 2.140 تريليون جنيه، بارتفاع يصل إلى 26.8% مقارنة بالعام المالي 2022 / 2023 والمقدَّر بنحو 1.688 تريليون جنيه. 

وتبدأ السنة المالية في مصر أول يوليو/ تموز من كل عام، وتنتهي آخر يونيو/ حزيران من العام التالي. 

وأكد وزير المالية المصري محمد معيط، الخميس الماضي، أن مصر لم ولن تتأخر يوماً في الوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية رغم قسوة الظروف والأزمات العالمية. 

وأضاف، في بيان نشرته الصفحة الرسمية لمجلس الوزراء المصري، الجمعة، أن الحكومة ملتزمة برفع كفاءة الإنفاق العام، وتعظيم استفادة المواطنين مما تنفقه الدولة في مختلف القطاعات. 

وتعاني مصر من شحّ شديد في السيولة الدولارية منذ الربع الأول من عام 2022، الذي شهد تخارج نحو 22 مليار دولار من الأموال الساخنة، وهو ما دفعها إلى إطلاق العديد من المبادرات بهدف جمع العملة الأجنبية، ومنها التوسع في الاقتراض من الخارج، وبيع بعض الأصول المملوكة للدولة، ضمن إجراءات أخرى. 

سندات توريق دولارية 

ووفقاً لوثيقة الاتجاهات الاقتصادية، تدرس مصر توريق نسبة من إيراداتها الدولارية تراوحت ما بين 20 إلى 25%، وإصدار سندات مقابلها تقوم بشرائها بنوك استثمار ومستثمرون دوليون بالعملة الأجنبية.

وقالت الوثيقة وفقاً لصحيفة "البورصة" المحلية، إن ذلك سيكون وفق ثلاثة سيناريوهات بعائدات تتراوح بين 1.4 و10.1 مليارات دولار سنوياً.

وتعتمد مصر بشكل رئيس في الإيرادات الدولارية على تحويلات المصريين العاملين في الخارج والصادرات والسياحة وإيرادات قناة السويس، ولم توضح الوثيقة لأي منها ستُصدَر سندات توريق له.

وتستهدف الوثيقة زيادة تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى نحو 53 مليار دولار بنهاية 2030.

بيع العقارات بالدولار 

وكشفت الوثيقة أيضاً أن مصر تعتزم تأسيس شركة مختصة بإدارة أنشطة تصدير وتأجير العقار في مصر بالنقد الأجنبي بعائدات متوقعة ما بين 2 إلى 3 مليارات دولار، وتصدير العقار بالعملة الصعبة مقابل الحصول على الإقامة لمدة 5 سنوات. 

كذلك تعتزم طرح صندوق استثماري برأس مال مليار دولار بوحدات قابلة للاكتتاب من قبل المصريين بالخارج للاستثمار في محفظة من الأصول المملوكة للدولة عالية الجاذبية والعائد والأوراق المالية المتنوعة، على أن يصدر عن أحد البنوك الاستثمارية الكبرى، ويديره مدير للصندوق يتمتع بخبرة دولية مرموقة. 

كذلك ستؤسَّس شركة لاستثمار مدخرات المصريين العاملين بالخارج برأس مال مليار دولار للاستثمار في عدد من القطاعات الإنتاجية والخدمية ذات الأولوية وفق المستهدفات القومية. 

كذلك تعتزم الحكومة إعادة هيكلة القرارات المنظمة لقطاع الخدمات البحرية بنحو 25 خدمة بعائدات متوقعة بحدود 3 إلى 4 مليارات دولار. 

وحسب الوثيقة، فإن صندوق النقد الدولى توقع أن يسجل سعر صرف الجنيه مقابل الدولار نحو 36.83 جنيهاً في المتوسط خلال الفترة من 2024 و2028.

وذكرت الوثيقة أنه سيُعمَل على مواصلة تبني سياسة مرنة لسعر الصرف لتعزيز مرونة الاقتصاد المصري في مواجهة الصدمات بالتوازي مع التحسن في الحصيلة من النقد الأجنبي، بحيث تُغطى الفجوة بين سعري الصرف الرسمي وغير الرسمي خلال فترة زمنية محددة.

وتوقعت الوثيقة أن تبدأ الضغوط التضخمية في الانحسار، ليسجل معدل التضخم نحو 9.2% في المتوسط خلال الفترة من 2024 إلى 2028.

8 أهداف استراتيجية 

وقال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، في بيان، اليوم الأحد، إن الوثيقة "تأخذ بعين الاعتبار متغيرات الظروف العالمية، وتوجهات التنمية المستدامة، حيث تعتبر الحكومة إشراك الخبراء والمختصين في رسم السياسات العامة أمراً حيوياً لا غنى عنه، لتحقيق أقصى استفادة من العقول والخبرات الوطنية المتاحة في جميع القطاعات والتخصصات". 

وقال مساعد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء أسامة الجوهري، إن الوثيقة "سيجري طرحها للحوارات الوطنية خلال الشهرين المقبلين من قبل الخبراء في العديد من المجالات، وكذلك للمشاركة المجتمعية".

وأضاف في البيان ذاته أنه "سيجري نشر نسخة موجزة من الوثيقة على منصة -حوار- للنقاش حولها من قبل مختلف طوائف المجتمع، تعزيزاً للمشاركة المجتمعية".

وأشار إلى أن الوثيقة تضمّنت العمل على تحقيق 8 أهدف استراتيجية من بينها، تحقيق نمو اقتصادي قوي وشامل ومستدام ومتوازن داعم لنهضة الدولة المصرية يتراوح ما بين 6% إلى 8%، والتركيز على وتيرة نمو اقتصادي داعمة للتشغيل لتوفير ما يتراوح بين 7 إلى 8 ملايين فرصة عمل خلال تلك الفترة.

كذلك تستهدف الوثيقة تنفيذ برنامج لتعزيز المتحصلات من النقد الأجنبي، بحصيلة مستهدفة 300 مليار دولار بنهاية عام 2030، بما يمثل ثلاثة أضعاف المستويات الحالية. 

كان مدبولي قد أكد الأربعاء الماضي، أن الحكومة تستهدف خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 95% في العام المالي 2022/ 2023، إلى 92.2% في العام المالي الحالي، ثم إلى 91.9% في العام المالي 2024/ 2025، وصولاً إلى أقل من 80% على مدى السنوات الخمس المقبلة.

كذلك تتوقع الحكومة نمو اقتصاد البلاد بنسبة 4.7% في العام المالي المقبل من 3% المتوقعة للعام المالي 2023/ 2024 و4.2% في العام المالي 2022/ 2023.

(الدولار= 30.95 جنيهاً تقريباً)

المساهمون