نية لزيادة الفائدة الأميركية رُبع نقطة وسط تحذير من أثر الحرب

البنك المركزي الأميركي يعتزم زيادة الفائدة رُبع نقطة ويحذر من تداعيات حرب أوكرانيا

03 مارس 2022
رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم باول متحدثاً أمام الكونغرس الأربعاء (Getty)
+ الخط -

في صراحة غير معهودة قبل اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة المسؤولة عن وضع السياسة النقدية في الاقتصاد الأكبر في العالم، أعلن جيروم باول، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، نيته اقتراح رفع معدلات الفائدة على أموال البنك 25 نقطة أساس خلال اجتماعات البنك المقررة في منتصف الشهر الجاري، مشيراً في الوقت نفسه إلى عدم وضوح الرؤية في الوقت الحالي في ما يخص تأثيرات الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد الأميركي.

وبعد تأرجح أسواق العالم وأعضاء مجلس إدارة البنك، على مدار الأسابيع الماضية، ما بين ربع نقطة ونصف نقطة مئوية، أوضح باول، يوم الأربعاء، للجنة المشتركة من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، أن هدف البنك في الوقت الحالي، رغم ضبابية المشهد، هو السيطرة على معدل التضخم الآخذ في الارتفاع، مضيفاً أن ذلك يعني أننا "سنبدأ رفع معدل الفائدة، إلا أننا سنفعل ذلك بحذر، بانتظار ما ستسفر عنه تطورات الحرب من تداعيات".

وتعقد لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة اجتماعاتها القادمة على مدار يومي 15 و16 مارس/ آذار الجاري، والتي يتوقع أن يتم فيها التصويت لصالح رفع معدلات الفائدة على الدولار للمرة الأولى منذ عام 2018، بعدما وصل معدل التضخم السنوي الأميركي، في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى 7.5% للمرة الأولى منذ أربعة عقود، وواصل ابتعاده عن مستهدفه المقدر منذ أكثر من 10 سنوات باثنين بالمائة. وأمام أعضاء الكونغرس، يوم الأربعاء، ترك باول الباب مفتوحاً أمام "رفعات أكثر حدة" خلال الأشهر القادمة، إلا أنه ربط ذلك بتطورات معدل التضخم.

وانتقد مايكل خو، محلل الأسواق ومستشار الاستثمار المعروف، ما جاء في شهادة رئيس البنك الفيدرالي، مبدياً دهشته، في تغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، من إصرار البنك الفيدرالي على التباطؤ في رفع معدلات الفائدة والاستمرار في دعم برنامج التيسير الكمي، على الرغم من وصول سعر برميل خام برنت إلى 118 دولارا خلال تعاملات اليوم الخميس.

وقبل شهادة باول، شبه خو، المعروف بتبنيه وجهة النظر المطالبة بالتعجيل برفع معدلات الفائدة، ما يفعله باول بـ"سكب البنزين على نار التضخم".

وأشار باول إلى تعقيدات إدارة السياسة النقدية في الوقت الحالي بسبب "تأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تسببه من تأثيرات قصيرة المدى على الاقتصاد الأميركي"، مؤكداً أن "استمرار الحرب وفرض العقوبات وما يلي من تطورات تُبقي الأحداث عصية على التوقع".

وخلال شهادته، رفض باول الربط بين حزم الإنعاش ومليارات الدولارات التي تم ضخها في الأسواق في أعقاب ظهور فيروس كورونا وانتشاره في الأراضي الأميركية من ناحية، ومعدل التضخم المرتفع من الناحية الأخرى، مؤكداً أن ذلك "يدخل ضمن اختصاصات وزارة الخزانة التي اتخذت تلك القرارات وصوت عليها أعضاء الكونغرس".

وكان سعر برنت قد ارتفع إلى أكثر من 113 دولارا للمرة الأولى منذ عام 2014، بعدما ترددت الشركات الأوروبية في شرائه من شركات يمكن أن تكون لها صلة بمؤسسات روسية واقعة تحت العقوبات الغربية، وأبقت أوبك وحلفاؤها زيادة الإنتاج عند 400 ألف برميل يومياً اعتباراً من بداية الشهر القادم، كما كان مقرراً قبل دخول القوات الروسية الأراضي الأوكرانية في الأسبوع الماضي. 

ويمثل ارتفاع أسعار النفط ضغطاً إضافياً على صانعي السياسات النقدية عند مستويات التضخم المرتفعة، كونه يمهد الطريق لمزيد من الارتفاع، وفي الوقت نفسه، عادةً ما يتسبب في انخفاض نسب رضا المواطنين عن أداء الرئيس وإدارته.

وعلى الرغم من ضعف العلاقات التجارية المباشرة بين روسيا وأميركا، أشار باول إلى مخاطر الآثار "غير المقصودة" المتعلقة بارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي والسلع الأخرى التي تعد روسيا مصدراً رئيسياً لها، بما في ذلك النيون والبلاديوم والقمح والأسمدة، مؤكداً أن "أحداثاً مثل الحرب ترفع أسعار النفط والغاز، وسيؤثر ذلك على الأسعار في الولايات المتحدة بالتأكيد".

وبينما تستعد البلاد لانتخابات التجديد الجزئي للكونغرس المقرر إجراؤها خلال نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، والتي يخشى الحزب الديمقراطي من أن يفقد خلالها سيطرته على المجلسين، قال باول: "سنستخدم أدوات السياسة النقدية بالشكل المناسب لإيقاف ارتفاع معدل التضخم مع تعزيز النمو المستدام للاقتصاد ودعم سوق العمل القوية".

وأكد باول أن البنك قد قلص بالفعل مشترياته من الأصول المالية من السوق الثانوية خلال الفترة الماضية، ويرى أنه "سيكون من المناسب رفع النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية في اجتماعات هذا الشهر"، مضيفاً أن البنك سيشرع في تخفيض حجم ميزانيته من خلال بيع بعض الأصول التي اشتراها عند احتدام أزمة انتشار الوباء، بعد بدء رفع معدل الفائدة مباشرة. 

وتعكس أسواق العقود المستقبلية والعقود الآجلة بصورة تامة تسعير رفع الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعات 15 و16 مارس/ آذار الجاري، إلا أنها أظهرت أيضاً خفض التوقعات لبقية العام مع بدء الحرب في أوكرانيا، وفقًا لبيانات مجموعة "سي إم إي"، أكبر سوق للمشتقات في العالم.

ويترجم المتداولون حالياً توجهات البنك الفيدرالي بخمس زيادات، كل واحدة منها بقيمة ربع نقطة مئوية، وهو ما سيأخذ معدل الفائدة على أموال البنك الفيدرالي من نطاقه الحالي بين 0% و0.25% إلى نطاق 1.25% - 1.50%.

ورداً على سؤال بشأن احتمال تسبب خطوات البنك الفيدرالي القادمة في إحداث آثار عكسية تدفع بالاقتصاد إلى الركود من دون أن تخفض معدل التضخم، قال باول: "لا توجد ضمانات في الحياة. هذا ما ننوي عمله، وهذه الخطوات هي طريقنا لعمله".

"وول ستريت" تفتح مرتفعة الخميس

إلى ذلك، فتحت المؤشرات الرئيسة في وول ستريت على ارتفاع، اليوم الخميس، مدفوعة بأسهم البنوك والشركات ذات رأس المال الضخم التي قادت موجة صعود في الجلسة السابقة مع تلميح جيروم باول إلى احتمال تنفيذ تشديد حذر للسياسات النقدية في ظل الأزمة الأوكرانية.

وارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 0.24% عند الفتح إلى 33972.87 نقطة. كما فتح مؤشر ستاندرد أند بورز 500 على ارتفاع نسبته 0.34% مسجلا 4401.31 نقطة، بينما صعد ناسداك المجمع 0.62% إلى 13837.59 نقطة، بحسب رويترز.

انحسار عدد طلبات إعانة البطالة الأميركية

كما تراجع عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانة بطالة أكثر من المتوقع في الأسبوع الماضي، كما تراجعت عمليات التسريح من العمل بشدة في فبراير/ شباط، بما يشير إلى أن تعافي سوق العمل يكتسب زخما.

وقالت وزارة العمل، اليوم الخميس، إن طلبات إعانة البطالة المبدئية تراجعت بمقدار 18 ألف طلب إلى مستوى معدل في ضوء العوامل الموسمية يبلغ 215 ألفا للأسبوع المنتهي في 26 فبراير/ شباط. وهذا هو الأسبوع الثاني على التوالي من الانخفاض في عدد طلبات تلقي إعانة البطالة. ومع وجود 10.9 ملايين فرصة عمل، وهو مستوى قرب القياسي، بنهاية ديسمبر/ كانون الأول، تمسكت الشركات بالموظفين لديها أيضا.

المساهمون