هل يمكن للغرب عزل الصين اقتصادياً وتجارياً عن العالم؟

هل يمكن للغرب عزل الصين اقتصادياً وتجارياً عن العالم؟

22 مايو 2023
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة السبع في هيروشيما (Getty)
+ الخط -

بعثت مجموعة السبع أقوى رسائلها على الإطلاق  حول عزل الصين خلال عطلة نهاية الأسبوع، لكن محللين وخبراء اقتصاد حذروا من أن عزل بكين أمر شبه "مستحيل"، وحتى في حال حدوثه سيكون "خطيراً على الاقتصاد العالمي".

واتفقت أكبر سبعة اقتصادات في العالم في القمة التي عُقدت هذا الأسبوع في هيروشيما باليابان، على التخلص من المخاطر التي يسببها لها الاقتصاد الصيني عبر خطوات، من بينها تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها، بعيداً عن الصين، وسط مخاوف من استخدام الصين سلاسل التوريد سلاحاً.

لكن، ووفق مراقبين، فإن هناك وعياً متزايداً وسط الدول الغربية بأن اقتصاداتها لا يمكن أن تستغني عن الصين، لأنها تعتمد بشكل كبير على الواردات الصينية، وظهر ذلك جلياً خلال فترة جائحة كورونا.

وفي بيان مشترك عقب القمة، قالت مجموعة السبع: "مناهج سياستنا ليست مصممة لإلحاق الضرر بالصين، ولا نسعى لإحباط التقدم الاقتصادي والتنمية في الصين، وفي الوقت نفسه، ندرك أن المرونة الاقتصادية تتطلب تلافي المخاطر التي تسببها الصين، وتقليل الاعتماد عليها.

هنالك وعي متزايد وسط الدول الغربية بأن اقتصاداتها لا يمكن أن تستغني عن الصين، لأنها تعتمد بشكل كبير على الواردات الصينية

وفي أعقاب إعلان مجموعة السبع، استدعت الصين السفير الياباني، وأمرت الشركات بالتوقف عن الشراء من شركة "مايكرون" الأميركية لصناعة الرقائق، حسب تقرير بقناة "سي أن بي سي" الأميركية.

من الناحية العملية، يرى محللون أن الاقتصاد الصيني يعد الماكينة التي تقود الاقتصاد العالمي في دورات الركود إلى الانتعاش، منذ أزمة المال العالمية في عام 2008.

وتشير بيانات شركة "ستات تيستا" إلى أن حجم الاقتصاد الصيني بات يقدر بنحو 18.1 تريليون دولار في نهاية عام 2022، كما أن صادرات الصين إلى دول العالم بلغت 3.59 تريليونات دولار، بينما تصل الصادرات الأميركية إلى 2.59 تريليون دولار، كما أن كلاً من أوروبا والولايات المتحدة تعانيان من عجز تجاري كبير مع الصين.

وتعتمد معظم الدول النامية على الاستثمارات الصينية أكثر من اعتمادها على تدفق الأموال من الولايات المتحدة، حيث تقدر استثمارات مبادرة "الحزام والطريق" الصينية وحدها بنحو تريليون دولار، وفقاً للبيانات الأميركية.

العديد من الخبراء يرون أن الحديث عن عزل الصين يبدو شبه مستحيل، ولكن يمكن تقليل مخاطر الهيمنة الصينية على التجارة والاقتصاد العالمي

وهكذا يرى العديد من الخبراء أن الحديث عن عزل الصين يبدو شبه مستحيل، ولكن يمكن تقليل مخاطر الهيمنة الصينية على التجارة والاقتصاد العالمي، عبر الضغط على الشركات الغربية لنقل مقار تصنيعها من الصين إلى دول صديقة في آسيا، في مقدمتها الهند.

وفي هذا الصدد، يقول نائب رئيس جامعة بوليتكنيكو دي ميلانو في الصين، جوليانو نوسي، لقناة "Squawk Box Europe": "يجب أن يكون واضحاً، أن عزل الصين لن يكون مستحيلاً فحسب، بل سيكون أيضاً خطيراً على الاقتصاد العالمي"، ما يعني أن "الموقف العملي هو التخلص من المخاطر، وتخفيف بعض التبعيات على الصين، بدلاً من قطع العلاقة تماماً"، بحسب نوسي.

وأظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الأميركي أن الولايات المتحدة سجلت عجزاً تجارياً في السلع مع الصين بنحو 383 مليار دولار في عام 2022.

وقال نوسي، في تعليقات لقناة "سي أن بي سي" الأميركية في الشأن ذاته: "نحن نتجاوز العالم أحادي القطب" الذي كانت الولايات المتحدة فيه قوة عظمى، وندخل عالماً ثنائي القطب أو متعدد الأقطاب.

من جانبه، حذر وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، من أن الفشل في التعامل مع الصين سيكون "خيانة لمصلحتنا الوطنية"، على حد تعبيره.

وفي حين عبّر كليفرلي، في خطاب ألقاه في "مانشن هاوس" بلندن، يوم الثلاثاء الماضي، عن استعداد الحكومة البريطانية لتكون قوية في مناقشاتها مع بكين، اعتبر أنه "لا توجد مشكلة عالمية كبيرة بدءاً بتغير المناخ إلى الوقاية من الوباء، ومن الاستقرار الاقتصادي إلى الانتشار النووي، يمكن حلها بدون الصين"، قبل أن يخلص إلى أن "التخلي عن الصين يعني التخلي عن معالجة أكبر مشاكل البشرية".

في الصدد ذاته، دعت وثيقة داخلية لدول الاتحاد الأوروبي، إلى مواصلة الحديث مع الصين، وسط التوترات المتفاقمة بين واشنطن وبكين.

تريد الذراع الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي من الدول الأعضاء "الاستعداد" لتصعيد خطير محتمل في أزمة تايوان

وتريد الذراع الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي من الدول الأعضاء "الاستعداد" لتصعيد خطير محتمل في أزمة تايوان، محذرة من أن الصراع العسكري من شأنه أن يؤثر في الإمدادات الحيوية من الرقائق إلى أوروبا.

وتقول الوثيقة، التي نشرتها صحيفة "بوليتيكو" إن هناك حاجة للحد من المخاطر التي تتعرض لها أوروبا، إلا أنها قد لا تنعزل عن الصين. ومن المتوقع أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الوثيقة في اجتماعهم المقبل في ستوكهولم، لبحث نهج جديد في التعامل مع الصين، في وقت تشدد فيه الولايات المتحدة موقفها تجاه بكين.

كذلك تدعو الوثيقة، التي أعدها المسؤولون الدبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي، إلى اغتنام "الفرصة السانحة" لتقليل خطر نفوذ الصين المتزايد على الشؤون الاقتصادية والأمنية.