وسيم منصوري يخلف حاكم مصرف لبنان بالوكالة

وسيم منصوري يخلف حاكم مصرف لبنان بالوكالة

31 يوليو 2023
وسيم منصوري الحاكم الجديد لمصرف لبنان بالوكالة (Getty)
+ الخط -

أعلن النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري أنه سيصبح قائماً بأعمال الحاكم عملاً بقانون النقد والتسليف، في ظلّ شغور منصب الحاكم مع انتهاء ولاية رياض سلامة، اليوم الاثنين، من دون تعيين خلفٍ أصيلٍ له.

وكان النواب الأربعة لحاكم المصرف المركزي قد هددوا في وقتٍ سابقٍ بالاستقالة للضغط من أجل تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، وذلك قبل تقديمهم خطة نقدية مفصّلة، وحصولهم على ضمانات حكومية وتشريعية بتسيير أعمالهم.

وتنص المادة 25 من قانون النقد والتسليف على أنه "بحال شغور منصب الحاكم يتولّى نائب الحاكم الأول (من الطائفة الشيعية حسب العرف اللبناني)، صلاحيات الحاكم ريثما يتم تعيين حاكم جديد (من الطائفة المارونية)، علماً أن رئيس البرلمان نبيه بري كان يُعدّ من غير المتحمّسين لتسلم منصوري المحسوب سياسياً عليه هذه المهام لعدم تحميله كرة المسؤولية النقدية في البلاد، وسط مؤشرات تشي بسوداوية المرحلة المقبلة، بيد أن مساعيه لعقد جلسة حكومية لتعيين حاكم مصرف جديد لم تنجح، بعد مقاطعة وزراء الكتل المسيحية و"حزب الله" الجلسة رفضاً لإجراء التعيين في ظلّ حكومة تصريف أعمال وشغور سدّة الرئاسة الأولى.

وتطرّق منصوري إلى خطة المجلس المركزي لمصرف لبنان في المرحلة المقبلة، والتي تتطلب تعاوناً من قبل الحكومة والمجلس النيابي، الذي من خلاله يمكن رسم سياسة جديدة، "إذ لا قدرة على التغيير من دون خطة متكاملة"، داعياً الطبقة السياسية إلى إخراج كل ما يتعلق بالسياسة النقدية من التجاذبات السياسية.

 

وأعلن منصوري أن الاختلاف الأساس بين الحاكم ونوابه كان حول تمويل الدولة، ونحن كنا نرفض أي دراسات تبرر المساس بالتوظيفات الإلزامية، مشيراً إلى أنه مهما كانت الأسباب التي تدفع الحكومة لأن تطلب أموالاً من المصرف المركزي فهي أسبابٌ غير مبررة على الإطلاق، ويجب أن يتوقف هذا الاستنزاف نهائياً.

وقال منصوري إن سياسة الدعم التي تصرف 800 مليون دولار شهرياً من احتياطات المصرف المركزي لا يمكن أن تكون سياسة صحيحة ومستدامة، وكنا جميعاً نستطيع أن نرى أن هذا النوع من الأزمات لا يمكن أن يُحل بسحب أو تبديد احتياطات المصرف المركزي بالعملات الأجنبية بل بالمحافظة عليها لأنها تشكل الدفاع الأساسي عن قيمة الليرة اللبنانية.

وأشار منصوري إلى أن المسألة ليست نقدية، والحل ليس في المصرف المركزي، بل بالسياسة المالية للحكومة ويقتضي اتخاذ قرار تفعيل عمل الإدارة العامة، أي تحسين الجباية، وبدأت الحكومة خطواتها بهذا الإطار، إذ إن إمكاناتها بالتحصيل أصبحت بحدود 20 ترليون ليرة شهرياً.

وقال منصوري إن العلاقة بين المصرف المركزي والحكومة أمام مفترق طرق، فإما الاستمرار بنهج السياسات السابقة وقد عايشنا النتائج، وإمكانات المصرف المركزي محدودة، والأموال ستتبدد كلها، أو الانتقال إلى سياسة أخرى هي وقف تمويل الدولة بالكامل، مشدداً على أننا كنا نرفض خلال السنوات الثلاث الماضية الاستمرار بالسياسات السابقة، لكننا سلطة تقريرية ولسنا سلطة تنفيذية وهي بيد الحاكم.

ومع انتقال الصلاحيات إليه، قال منصوري إنه لن "يتم توقيع أي صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي والإطار القانوني المناسب لذلك".

في المقابل، يرى منصوري أن "وقف التمويل الفوري للحكومة لا يمكن أن يتم بشكل مفاجئ، فتمويل المصرف بعد وقف الدعم مرتبط برواتب موظفي القطاع العام وفق منصة صيرفة، الدواء، القوى الأمنية واحتياجاتها، مستلزمات الإدارة لتتمكن من الجباية".

تبعاً لذلك، يقول منصوري إن توقف الصرف يكون ضمن تعاون قانوني متكامل بين الحكومة والبرلمان والمصرف المركزي بخطة متكاملة تكفل في حال إقراض الحكومة من مصرف لبنان إعادة الأموال، مشيراً إلى أننا ننظر إلى فترة انتقالية قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون صادر عن مجلس النواب وتحت رقابته، يكون ضمن سلة متكاملة تسمح ببدء ورشة إصلاح حقيقية، من خلال نقاط 3:

أولاً، إقرار القوانين الإصلاحية خلال 6 أشهر، منها إقرار موازنة 2023 ومن ثم 2024 ضمن المهل الدستورية، الكابيتال كونترول، إعادة هيكلة المصارف، إعادة التوازن المالي.

ثانياً، إقرار قانون يجيز تمويل الحكومة بحال طلبها ذلك لفترة محددة وأخيرة. وسيسمح القانون بدفع رواتب القطاع العام على سعر ثابت بالدولار الأميركي على منصة صيرفة خلال مدة القانون. المبلغ ومدته تحددهما الحكومة بحسب الحاجة. ويسمح التشريع أيضاً بدفع فواتير الدواء للأمراض المستعصية ومستلزمات القوى الأمنية والإدارة.

ثالثاً، تحديد الية توحيد وتحرير سعر الصرف والعمل على استقرار سعر الصرف، إذ إن تحرير وتوحيد سعر الصرف يعني أن سعر الدولار المقوّم بالليرة يتم تحديده بحسب عمليات السوق، أي دون تدخل من المصرف المركزي ودون كلفة منه. ويجب أن يتم ذلك أيضاً بالتدرج حفاظاً على الاستقرار، وذلك يتخذ أيضاً بالتوافق بين المصرف المركزي والحكومة. وستتم مناقشة هذا الموضوع مع الحكومة اعتباراً من يوم غد.

وشدد منصوري على أنه لا يمكن للبلد أن يستمر دون إقرار هذه القوانين، ولا نملك ترف الوقت، فقد دفعنا ثمناً لم نعد نملكه لإضاعته، فالقوانين هي المخرج الوحيد للأزمة ودونها لن تُضبَط السياسة النقدية بالشكل السليم ولن تعالج أوضاع المصارف كما يجب ولن نصل الى مسار التعافي والنمو الاقتصادي، ولا يمكن إعطاء إجابة للمودع حول مصير أمواله ومتى يمكنه استعادة وديعته إلا بإقرار هذه القوانين.

وأكد منصوري أن هذه فرصة البلد النهائية وأدعو الجميع للتعالي عن الخلافات السياسية وتقديم مصلحة المواطن والمودع. نحن مستعدون لنكون إلى جانب النواب يومياً وبتصرفهم لتزويدهم بأي معلومات وأرقام للانتهاء من درس هذه القوانين وضمن المهل، معتبراً أن "مدة 6 أشهر ليست تعجيزية لبلد يمر بأسوأ أزمة اقتصادية".

وأشار منصوري إلى أن "تطوير منصة صيرفة سيكون تدريجياً، وفق قواعد الشفافية والحوكمة الرشيدة. كما أن تحرير سعر الصرف مؤاتٍ اليوم لعدة أسباب، أبرزها أن الكتلة النقدية انخفضت من 80 تريليون إلى 60، أي بحدود 25% تقريباً وهذه كافية، عدا عن حركة السياحة التي تجعل سعر الصرف يتحرك من الناحية النقدية، إضافة إلى أننا تواصلنا مع القوى الأمنية والقضاء لمواجهة أي تلاعب بسعر الصرف.

المساهمون