أزمة دولار.. أم أزمة نظام؟

05 أكتوبر 2016
في انتظار كلمة من البنك المركزي
+ الخط -
 


المشهد الاقتصادي المصري مرتبك بشدة هذه الأيام، وأزمة الدولار تعصف بالسوق، ومعظم أنشطة الاقتصاد تتراجع بشدة، خاصة مع حالة القلق والضبابية التي تنتاب المجتمع، والشائعات تنتشر بسرعة داخل سوق الصرف وبين المستثمرين، وهو ما أدى لحدوث قفزات في سعر الدولار ليتجاوز اليوم 14 جنيهاً.

الحكومة من جانبها صامتة لا تعلق ولو بإصدار بيان صغير يرد على ما يحدث من كوارث اقتصادية، خاصة المتعلقة بما تردد عن قرب تعويم قيمة الجنيه وإخضاعه للعرض والطلب وتوقف البنك المركزي عن دعمه.

ووزارة المالية مشغولة، إما بالتفاوض للحصول على مزيد من القروض الخارجية، أو بالاستعداد لطرح سندات في الأسواق الدولية لاقتراض من 3 إلى 5 مليارات دولار، أو بإقناع البنوك المحلية بعدم رفع سعر الفائدة على القروض الحكومية حتى لا يحدث عجز إضافي في الموازنة العامة.

والبنك المركزي لا يعلق على حدث ضخم من وزن تأكيدات بنوك استثمار معروفة بقرب تعويم الجنيه، أو على الأقل إجراء خفض حاد في قيمته، وانتشار أنباء قوية في هذا الشأن، حتى ولو كان ذلك من صميم إدارة السياسة النقدية وأسواق الصرف.

والمضاربون وتجار العملة لا يجدون من يوقف طموحاتهم في تحقيق أرباح ضخمة، حتى ولو جاءت على حساب أسعار السلع الغذائية والمواطن الفقير، والأفراد يتسابقون، عن جهل أو طمع، لحيازة الدولار أملاً في تحقيق أرباح سريعة قد تقلل من تكاليف الحياة والارتفاعات الجنونية في الأسعار.

آخر مشهد في مشاهد الإرباك المصري ما حدث اليوم، الأربعاء، ويتعلق بالمفاوضات الجارية بين مصر وصندوق النقد الدولي، والتي تراهن عليها القاهرة للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، يفتح لها الباب على مصراعيه لاقتراض مزيد من المليارات من مؤسسات مالية أخرى، وتغطية فجوة تمويلية بقيمة 30 مليار دولار حتى العام 2018، والرهان كذلك على استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وإعادة الاستثمارات الهاربة.

فقد كشف رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، كريس جارفيس، اليوم، أن مسؤولي الصندوق لن يناقشوا قرار القرض المصري خلال الاجتماعات السنوية الحالية التي من المقرر أن تبدأ غدا الخميس ولمدة ثلاثة أيام.

ولأن التصريح ملفت للنظر وربما غريب بعض الشيء، خاصة في هذا التوقيت الحساس واضطرابات أسواق الصرف، وأحدث صدمة لمجتمع الأعمال، فقد سارع اثنان من كبار المسؤولين في وزارة المالية، هما محمد معيط وأحمد كوجك، إلى الخروج بتصريحات يؤكدان فيها أن المفاوضات بين مصر والصندوق لم تتأجل، لكن لم يُحدد لها موعد معيّن حتى الآن، وأن الصندوق لن يبحث القرض المتفق عليه خلال الاجتماعات السنوية الحالية، لأن الاجتماعات ليست على مستوى المديرين التنفيذيين.

من الجيد أن يخرج هذان التصريحان العاجلان من وزارة المالية، لكن السؤال هنا: ما القضية الأحق للتعليق عليها بشكل سريع؛ أنباء عن تعويم الجنيه خلال ساعات تطلقها بنوك استثمار معروفة ولها صلة بكبار رجال الأعمال، أم نفي أنباء عن طرح القرض المصري على طاولة اجتماع صندوق النقد لهذا الخريف؟

السؤال موجه للحكومة التي لا تعرف للأسف، متى تتكلم، ومتى تسكت، وهل تأخذ قرارات من نفسها، أم تتلقى التعليمات وتنفذها؟

قد يقول أحد: وما علاقة وزارة المالية بما يحدث في سوق الصرف؟

هذا سؤال وجيه ومنطقي، إذ إن مهمة وزارة المالية هي إدارة السياسة المالية للدولة، أما إدارة السياسة النقدية فهي من مهام البنك المركزي، ولذا نحن في انتظار كلمة من البنك المركزي.


المساهمون