تركيا تعيد هيكلة صندوقها السيادي بأصول 40 مليار دولار

تركيا تعيد هيكلة صندوقها السيادي بأصول 40 مليار دولار

27 أكتوبر 2017
تركيا تخطط لرفع النمو إلى 5.5% سنوياً (كريس ماغريف/Getty)
+ الخط -
أقدمت الحكومة التركية على إعادة هيكلة صندوقها السيادي بتغييرات في قيادته، في محاولة لتنشيط الصندوق البالغة أصوله 40 مليار دولار، عبر الدخول في مشروعات كبرى تدر عائدات على الاستثمارات.

وحسب مصادر تركية فإن أموال الصندوق شبه مجمدة، رغم مضي عام على تأسيس الصندوق السيادي، ما دفع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في سبتمبر/ أيلول الماضي، إلى إقالة رئيس الصندوق، محمد بستان، أخيراً، وتعيين رئيس بورصة إسطنبول، همت قره داغ، رئيساً للصندوق بالوكالة.


وأرجع محللون أتراك ضعف أداء الصندوق، إلى عدم إطلاق مشروعات استثمارية كبرى بعد عام على تأسيسه، ولم يبد الصندوق الأداء الذي تحدثت عنه توقعات سابقة لمحللين ببلوغ أصول الصندوق نحو 200 مليار دولار.


ويقول الاقتصادي، علي العائد، لـ"العربي الجديد": يعتبر صندوق الثروة السيادي لتركيا، حاجة ملحة، بصرف النظر عن أنها دولة غير مصدرة للنفط والغاز والتي عادة ما تكون عائداتها أصول الصناديق.


فهي الدولة الأخيرة بمجموعة العشرين، التي أسست صندوقاً سيادياً يقيها مخاطر الهزات الاقتصادية أو السياسية، ويتدخل لتمويل المشروعات الاستثمارية الكبرى، أو يسد مكان أي مستثمر أو شركة خارجية في الحالات الطارئة، كالتي مرت بها تركيا في يوليو/ تموز العام الفائت، بعد فشل الانقلاب.


ويضيف العائد أن من أدوار الصندوق، وفق ما أعلنته تركيا خلال التأسيس، توليد نمو سنوي بنسبة 1.5% على مدى السنوات العشر المقبلة، وتمويل مشروعات بنية تحتية أو شراء أوراق مالية تركية لتحقيق الاستقرار في الأسواق إذا لزم الأمر، إلا أنه يستدرك قائلا إن الصندوق على مدى عام، لم يقدم أي شيء ملموس على صعيد التمويل أو ما يؤشر إلى مساهمته بالنمو، رغم أن تركيا عولت عليه لاستكمال نقاط قوتها الاقتصادية للوصول لحلمها الاقتصادي عام 2023.


وتابع العائد: أعتقد أن تركيا ستدفع بالصندوق السيادي، سواء لجهة تعظيم أصوله أو تدخله بتمويل المشروعات الاستثمارية وشراء الأوراق المالية. ولو تدخل الصندوق بالشأن الداخلي التركي ليمتص جزءاً من فائض السيولة بالعملة التركية، وليتعافى سعر الليرة الذي تراجع أخيراً أمام العملات العالمية، أو المساهمة بتمويل وتسريع تنفيذ المشروعات الكبرى، لانعكس ذلك إيجاباً على المناخ الاستثماري وحتى مستوى المعيشة، بواقع التعافي الاقتصادي العام الذي يحققه الاقتصاد التركي بعد الانقلاب الفاشل العام الماضي.


بالمقابل، يرى اقتصاديون أن استحداث تركيا لصندوق سيادي للثروة، كان استعجالاً، ومن الأفضل، برأيهم، أن تتجه فوائض المؤسسات الاقتصادية لخفض الدين العام الذي يزيد عن 28% من الناتج التركي.


الاقتصادي التركي، جهاد آغير مان، من أنصار هذا الرأي، إذ يرى أن هناك تسرعاً بتأسيس الصندوق، ففكرة إنشائه انطلقت ربما من أن تركيا الصاعدة اقتصادياً لا تملك صندوقاً سيادياً، لكنها لا تملك فائضاً مثل دول الخليج تأتي من صادرات النفط، بل إن تركيا لديها عجز بالموازنة ودين عام، وربما الأَولى تسخير الأموال بقطاعات تنعكس مباشرة على الاقتصاد والليرة ومعيشة المواطنين.


لكن، يضيف آغير مان، لـ "العربي الجديد"، أنه لا ضرر من تأسيس الصندوق، إلا أن العبرة في توظيف جزء من أصوله وعدم تجميدها، كما جرى منذ العام الماضي، لأن الهدف الأساسي طمأنة المواطن والمستثمر أن الاقتصاد قوي ولا يتأثر بهزة أو بسوء علاقات سياسية، وهذا ما كان السبب الذي ناقشه البرلمان مطلع أغسطس/ آب من العام الماضي، لإنشاء الصندوق، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة وتأثر الاستثمار والسياحة والليرة التركية.


وتابع: يعني التوجه الحكومي لتأسيس الصندوق، أن لدى الدولة ملاءة تمكّنها من أن تستمر بالمشروعات الكبرى وتعوض فاقد السياحة والاستثمار، أي أن الصندوق يعد بمثابة قوة ردع تركية لأي تدخل خارجي أو محاولات العبث بحلم المئوية.


وأضاف: نتمنى تفعيل دور الصندوق، بعد التعافي والتطور الذي حققته تركيا، بعد هزة الانقلاب ومراهنة العديد من الدول على انهيار اقتصادها، ولعل الأهم ألا يجنح الصندوق السيادي، كما معظم الصناديق العالمية، باتجاه التوظيف في الأسواق الأوروبية والأميركية وشراء السندات الحكومية أو الأسهم، مشيراً إلى أن هناك قطاعات مهمة يجب تمويلها والاستثمار فيها، مثل قطاع التكنولوجيا المتنامي بتركيا، أو الصناعات العسكرية التي ستزيد الحكومة من موازنتها مطلع العام المقبل.


وتسعى تركيا إلى رفع معدلات النمو، إذ قال نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شمشك، الأسبوع الماضي، إن اقتصاد بلاده سيستمر في النمو بشكل قوي، موضحاً أنهم يهدفون لتحقيق نمو بنسبة 5.5% خلال السنوات الثلاث المقبلة.


وبحسب وزير الاقتصاد، نهاد زيبكجي، في تصريحات صحافية في أغسطس/ آب الماضي، فإن بلاده تحتل المرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين من حيث سرعة النمو الاقتصادي.


وكان أرضا أرموط، رئيس وكالة دعم وتشجيع الاستثمار التابعة لرئاسة الوزراء التركية، قد أكد لوكالة الأناضول في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أن بلاده جذبت استثمارات أجنبية بقيمة 200 مليار دولار منذ عام 2002 وحتى الآن.

المساهمون