استعادة Belle... جيمز ودادجو وسليمان وإزميرالدا

استعادة Belle... جيمز ودادجو وسليمان وإزميرالدا

16 مايو 2021
+ الخط -

في مفاجأة خاصة من نوعها بالنسبة إلى الجمهور الفرنسي والبلجيكي، قدم جيمز ودادجو وسليمان Gims, Dadju  Slimane، استعادة لأغنية "Belle" أو "الجميلة"، في بداية إبريل/ نيسان من هذا العام. تحمل هذه الأغنية مرجعية عميقة في ذهن الجمهور الفرنسي والبلجيكي؛ فهي مأخوذة من العرض الغنائي الشهير "نوتردام دي باريس". في عام 1998، بقيت أغنية "Belle"، التي كتبها لوك بلاموندون ولحّنها ريتشارد كوتشيانت، في صدارة المبيعات لمدة 18 أسبوعاً متتالياً. وقد باتت الأغنية الأكثر مبيعاً في التسعينيات والثالثة الأكثر مبيعاً على الإطلاق في فرنسا، مع مليونين و500 ألف نسخة.
 
قدم المغنون رؤية معاصرة للأغنية في فيديو كليب، يعكس زمناً يعاني فيه الإنسان ضمن بيئة ملوثة، وضمن حداثة تشعره بالغربة. وأخذت فتاة سمراء بزيّ حديث دور الحسناء إزميرالدا التي يعبّر لها المغنون عن حبهم في الفيديو. حافظ جيمز ودادجو وسليمان على روح الأغنية والصوت والموسيقى التي لقيت رواجاً كبيراً. ويبقى السؤال: لماذا رغب ثلاثة مغنين من أصول فرنسية - أفريقية في استعادة أغنية قدمتها مجموعة من المغنين البيض؟

الأغنية الأصلية، بأداء جارو ودانييل لافوي وباتريك فيوري سو، تعبّر عن آلام العشق والخوف من الخطيئة. فهي تجسيد لروح العرض المأخوذ من الرواية الرومنسية "أحدب نوتردام" لفيكتور هيغو. أغنية رومانسية يظهر فيها المغنون الثلاثة، الذين صوروا على التوالي كواسيمودو (جارو)، وفرولو (دانيال لافوي)، وفويبوس (باتريك فيوري)، حبهم للغجرية إزميرالدا، قبل أن يغنوا معاً المقطع الأخير.

وفيما اتخذ هيغو دائماً موقفاً ضد الظلم وانتصر للضعفاء، عبّر في الوقت نفسه عن اهتمامه بالعمارة وبالتراث المعماري. وكجزء من رؤية فيكور هيغو للحفاظ على العمارة في عام 1825، نشر كتيباً بعنوان "Guerre aux demolisseurs!" أو "الحرب على المدمرين". كان يهدف إلى لفت الانتباه إلى العمارة القوطية التي اعتبرها جزءاً أساسياً من التاريخ الثقافي الفرنسي، ورأى أنّها مهددة بالانقراض بسبب الميل الجديد إلى المباني الباروكية.

لذا، استحوذت فيما بعد شخصية كواسميودو على خيال الفرنسيين، وساهمت كمجاز في حشدهم لترميم كاتدرائية نوتردام في 1844. وفي وقتنا الحالي، ومع احتراق الكاتدرائية، تبدو استعادة روح عمل فيكتور هيغو عبر تقديم أغنية "Belle"، كرمز يذكر الفرنسين بأهمية هذه الكنيسة.

ومن اللافت أن تصوير الأغنية قد جاء في فترة الأزمة الصحية، وقد عكس المعاناة الحديثة في ظل التلوث. ويبدو أن تحديث الأغنية محاكاة للأزمة الراهنة ولما يعانيه الإنسان في وقتنا. وبالتالي، يعود عمل فيكتور هيغو نابضاً ليثبت ارتباطه بروح الإنسان عبر العصور وبتحديه لتغيرات الزمن كعمل فني أصيل.

ومن التجارب الثلاثية المثيرة أيضاً، استعادة ثلاث مغنيات في الثاني من إبريل الماضي، هنّ كاميليا جوردانا، وفيتا، وأمل بنت Camélia Jordana, Vitaa, Amel Bent أغنية Marine، وهي لمغنية الراب الشهيرة ديامس Diam’s التي أصدرتها في عام 2006. وكانت الأغنية كتحد لليمين المتطرف في فرنسا ولروايته التي تهمش الأقليات.

سجلت ديامس كثيراً من الأغاني، وبيع لها أكثر من أربعة ملايين أسطوانة بين عامي 1999 و2009، ويأتي ذلك قبل إعلان دخولها في الإسلام وتوقفها عن الغناء. ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام 2022، تحاول المغنيات الثلاث الانضمام إلى سلسلة طويلة من الفنانين الملتزمين ضد اليمين المتطرف. بهذا، يبدو أنّ الفن يستمر بتقديم أسئلة تعالج الراهن من دون يأس. ويظهر أن الفنانين الذين ينتمون إلى أقليات مهمشة يحاولون تأكيد استمرارهم بتحدي رواية التيار المسيطر الذي يسعى إلى تهميش ذاتهم. 

المساهمون