الرئيس منتجاً فنياً

الرئيس منتجاً فنياً

03 سبتمبر 2021
أسس باراك وميشيل أوباما شركة للإنتاج (جيم يونغ/فرانس برس)
+ الخط -

هذا المقال لا يتحدث عن زعماء منطقتنا الذين يسرقون كلّ الأدوار ويحتكرون الصفات كلها، بما فيها المنتج الأول والفنان الأول. حديثي هنا عن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وزوجته ميشيل أوباما، وعن تأسيسهما شركة إنتاج فنية، بعد خروجهما من البيت الأبيض، وهي شركة "هاير غراوند برودكشن". أسّس الرئيس السابق وزوجته الشركة عام 2018، لإبراز "الأصوات المتنوعة والمتعددة في عالم الترفيه". وأنتجا عدداً من الأفلام الروائية والوثائقية، وصل منها اثنان إلى ترشيحات جوائز "أوسكار" واستطاع أحدها، وهو "أميريكان فاكتوري" الفوز بجائزة "أوسكار" عن فئة أفضل وثائقي العام الماضي.

أحالني كتاب باراك أوباما "الأرض الموعودة" الذي ترجم أخيراً إلى العربية، وصدر عن "دار نوفل" في لبنان، إلى كتاب زوجته ميشيل أوباما "وأصبحت". وهذا الكتاب دفعني بدوره إلى مشاهدة فيلم بالعنوان نفسه عن ميشيل أوباما وحياتها، عبر تصوير رحلة تسويق لكتابها في الولايات المتحدة.

تتحدث أوباما في كتابها الأكثر مبيعاً لعام 2018، وفي الفيلم الوثائقي المنتج عام 2020، عن رحلة صعود من أسرة عاملة، سليلة العبودية، فجدتها كانت مسترقة، إلى أول عائلة سوداء تسكن البيت الأبيض. تروي قصص التشهير بها وبزوجها في أثناء حملة الترشح الرئاسية، حين وصف هو بتزوير أوراقه الرسمية للحصول على الجنسية، ونرى في الفيلم لوحات تطالب بإعدامه، وتصفه بأنّه "باراك ابن لادن" أما هي فوصفت بـ "السوداء الغاضبة" و"الكارهة لوطنها" وفسرت مصافحة لها ولزوجها، بضم اليدين، بأنها "إرهابية". طرحت وسائل الإعلام الأميركية سؤالاً متكرراً: هل تكره ميشيل أوباما الولايات المتحدة؟ وكانت التعليقات تقول إنها "تلوم بلدها"، و"تشعر بالاستياء"، وإنها "ليست دافئة ولا لطيفة"، وإنها "أشبه برجل". حفرت موجة الكراهية في وجدان السيدة الأولى سابقاً، فـ"توقفت عن الحديث بحرية وتلقائية، وبدأت باستخدام شاشات التلقين. صرت ألتزم بالنص الحرفي، لقد تغيرت روحي" وفق ما قالت.

تفاءل بعض الأميركيين بدخول أوباما البيت الأبيض عام 2008، معتبرين ذلك "مرحلة ما بعد العنصرية" حيث "لا قيمة للون بشرتك". لكن السيدة الأولى كانت تدرك أنها وأفراد عائلتها "قُذفوا من فوهة مدفع، وسيكونون محط الأنظار. كل لفتة وكل طرفة عين ستخضع للتحليل، حياتهم لن تكون كما كانت".

أنتجت الشركة برامج صوتية (بودكاست) وتلفزيونية، ومنها برنامج عن الطعام الصحي للأطفال، قدمتها أوباما. وأيضاً، أنتجت برامج عن تاريخ الموضة والتطور الاجتماعي لمدينة نيويورك. وأنتج الثنائي فليمين روائيين: "يستحق" (2021) و"الأب الأرمل" (2021). وكان أبرز إنتاجاتهما عبر الشركة الفيلم الوثائقي "أميريكان فاكتوري" (2019) الذي حاز جائزة "أوسكار" عن فئة أفضل فيلم أجنبي، و"كريب كامب" (2020) الذي وصل إلى القائمة القصيرة من الترشيحات عن الفئة نفسها.

يروي فيلم "كريب كامب" جهود مجموعة من الأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية، لإطلاق حركة حقوقية في الولايات المتحدة، بدأت في معسكر صيفي عام 1971، وتمكنت الحركة من إلزام المشرعين بتبني قوانين رائدة تراعي حقوقهم. شارك في إنتاجه وإخراجه أحد المشاركين في المخيم، وهو جيمس ليبراكت، المصاب بتلف في العمود الفقري ويستخدم كرسياً متحركاً.

أما فيلم "أميريكان فاكتوري"، فيروي قصة شراء شركة صينية لمصنع مهجور في الولايات المتحدة، من شركة "جنرال موتورز" ومحاولة الشركة نقل ثقافة العمل الصينية إلى الولايات المتحدة. جسد الفيلم اختلاف الثقافتين الصينية الشيوعية والليبرالية الرأسمالية، ودان الاثنين. لتسويق الفيلم أجرى المنتجان باراك وميشيل أوباما لقاءً، يمكن متابعته إلى جانب الفيلم على منصة "نتفلكيس"، أوضحا فيهما نظرتهما للفيلم وللإنتاج الفني ولمضمون العمل، وهو سياسي اقتصادي بامتياز.

المساهمون