القرارات الأمنية تسيّر نقابة الصحافيين المصريين

القرارات الأمنية تسيّر نقابة الصحافيين المصريين

13 ديسمبر 2021
من أمام نقابة الصحافيين المصريين في 2016 (محمد مصطفى/Getty)
+ الخط -

قبل أيام، صُدم عشرات الصحافيين المصريين المقدمين لعضوية النقابة، بعد تقديم أوراقهم وأرشيفهم وخضوعهم للتدريب المقرر قبل الالتحاق بجداول النقابة، بإدراج أسمائهم تحت بندي "مؤجل" أو "مرفوض" من دون إبداء أيّ سبب لهذا الرفض أو التأجيل، رغم أنّ "المادة 13" من قانون النقابة تلزم لجنة القيد بإصدار قرارها بشأن المتقدمين للعضوية خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمهم إليها، وفي حالة الرفض يجب أن يكون القرار مسبَّباً، ويخطر الطالب بقرار اللجنة خلال أسبوعين من تاريخ صدوره بخطاب مسجل بعلم الوصول. ويقوم مقام الإخطار تسلم الطالب صورة منه بإيصال يوقع عليه.

وبناء عليه، فإنّ لجنة القيد في نقابة الصحافيين ليس من حقها رفض أيّ من المتقدمين لها إلّا إذا لم يستوفِ أحد الشروط الواردة في القانون، وهي شرط الاحتراف الذي فُسّر في اللائحة والممارسة النقابية بالتعيين في إحدى المؤسسات الصحافية، والسمعة الحسنة بمعنى عدم صدور حكم ضده مخلّ بالشرف، والحصول على مؤهل عالٍ.

هذا ومررت لجنة القيد في النقابة عدداً آخر من الصحافيين، من بينهم من هم مطعون في طلباتهم إما لعدم ممارستهم العمل الصحافي، أو لشغلهم وظائف ليس لها علاقة بالصحافة، مثل السكرتاريا والعمل في المطابع أو المندوبين. لكنّهم دخلوا النقابة مجاملة من رؤساء تحرير المؤسسات حيث يعملون.

والاسم الأبرز بين هؤلاء المقبولين في جداول القيد النائب محمود بدر، الذي يتقاضى أجراً من عمله في مجلس النواب المصري، والمتفرغ للعمل السياسي منذ أكثر من 10 أعوام متواصلة لم يمارس فيها مهنة الصحافة، ولا يملك بدر أرشيفاً صحافياً للسنوات الثلاث السابقة لانعقاد لجنة القيد، كما تنص القوانين القيد. كلّ هذه الأسباب كانت كافية لإقامة دعوى طعن على إلحاقه بالنقابة، ومع ذلك قُبل طلبه. كما قُبل قيد النائبة مارسيل سمير التي تنطبق عليها نفس أسباب الطعن على عضوية محمود بدر.

لجنة القيد في نقابة الصحافيين المصريين يُفترض تمتعها باستقلالية كاملة في تأدية عملها، لكن هذه الاستقلالية لا تعني التفرد باتخاذ القرار، أو رفض إبداء أسباب هذا القرار. بالإضافة إلى أن اللائحة الداخلية للنقابة تنص على أن مجلس النقابة يختار عضوين بالإضافة إلى وكيل النقابة لتشكيل لجنة قيد ابتدائية، كما يختار مندوبيه في لجنة القيد الاستئنافية في اجتماعه الأول، لضمان عدم التفرد بالقرار أو استمداده من السلطة. كما أنّ للنقيب سلطة رئاسة أيّ لجنة إذا حضر أعمالها، وقرارات لجنة القيد بالرفض لا بد من أن تكون مسبَّبة.

وفي هذا السياق، أعلن صحافيون وأعضاء مجلس نقابة سابقون وحاليون أنّهم "في انتظار صدور بيان من لجنة القيد يوضح للجمعية العمومية أسباب رفض أو تأجيل عشرات الزملاء الذين لديهم الحق في قيد النقابة، ويشرح مجمل القرارات الفجة الخالية من المنطق وراء رفض قيد صحافيين ممارسين للمهنة، مثل محمود السقا الذي ألقي القبض عليه من داخل مبنى نقابة الصحافيين مع عضو مجلس النقابة السابق عمرو بدر، في مايو/أيار 2016، فضلاً عن رفض عدد كبير من المتميزين، وبعضهم حاصل على جوائز تميز وتفوق صحافي داخل مصر وخارجها".

ولنقابة الصحافيين المصريين مواقف كثيرة ومشرفة في التصدي لمحاولات السلطة للتحكم في مجلس النقابة واختصاصاته وقياداته، وسبق أن انحرفت لجان داخل مجلس النقابة عن تطبيق القانون، وكان هناك في المجلس سواء من النقيب أو باقي الأعضاء من يردها. فسبق أن تصدى مجلس نقابة سابق لمحاولات وضغوط هدفها تعيين ابنة مالك صحيفة "الدستور" و"صوت الأمة" عصام فهمي، وجرى سحب العضوية منها فوراً ومحاسبة رئيس لجنة القيد الذي مررها. كما أصر مجلس نقابة سابق على قيد الصحافي المعتقل حالياً حسام مؤنس، رغم محاولات من جهة خارج النقابة لمنع قيده.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وبنظرة فاحصة يتضح أنّ البداية الفعلية للسيطرة على النقابة بدأت قبل سنوات، وتحديداً منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، إذ جرى التضييق على الصحافيين المصريين المعارضين في الخارج الذين فوجئوا ــ على فترات زمنية متفاوتة ــ بوقف اشتراكاتهم وأنشطتهم في النقابة، بداية من تجديد الاشتراك، مروراً بتسلم "كارنيه" النقابة المُجدد، وصولاً إلى إغلاق شاشة العضو، بمعنى فصله. تمت كلّ تلك الإجراءات بتعليمات أمنية مباشرة، إذ أخطرت السلطات المصرية الصحف ووكالات الأنباء والمواقع الإخبارية بإيفادها بكشوف كاملة بالصحافيين العاملين فيها، وبموقف كل منهم من حيث الوجود داخل مصر أو خارجها أو الحصول على إجازة من دون راتب أو الانتداب للعمل في الخارج. 

وقد فوجئ صحافيون مصريون عاملون في الخارج، أثناء تجديد اشتراكاتهم في النقابة، بأنّهم ملزمون بتقديم صور من جواز السفر بتأشيرتي الخروج والعودة. ومن هنا بدأت "الفلترة" إذ تم التضييق على أغلب الصحافيين المعارضين في الخارج ممن أجبروا على السفر لدواعٍ أمنية، أو ممن صادف اتخاذهم مواقف وآراء معارضة للنظام وهم في الخارج.

المساهمون