حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض: تكريم أرواح الصحافيين الفلسطينيين

حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض: تكريم أرواح الصحافيين الفلسطينيين وهتافات ضد الإعلام الغربي

28 ابريل 2024
تظاهرة في واشنطن تزامنا مع عشاء مراسلي البيت الأبيض، 27 إبريل 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تم تكريم الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد في حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض، بينما احتج المئات خارج الفندق على تجاهل مقتل صحافيين فلسطينيين، بما في ذلك شيرين أبو عاقلة.
- المتظاهرون انتقدوا التغطية الإعلامية المنحازة وتجاهل الإعلام الأميركي لقتل إسرائيل للصحافيين، مع تسليط الضوء على طرد ميديا بنجامين لحملها لافتة تندد بقتل صحافيين في غزة.
- انتقادات وجهت للإعلام الأميركي وإدارة بايدن بسبب دورهما في استمرار الإبادة الجماعية في غزة، مع دعوات لمقاطعة الحدث والمطالبة بالنزاهة الصحافية وتغطية عادلة للقضية الفلسطينية.

بينما كانت جمعية مراسلي البيت الأبيض تكرّم الصحافي الإسرائيلي باراك رافيد، الذي كان حتى وقت قريب جندياً احتياطياً في جيش الاحتلال الإسرائيلي ومحارباً قديماً في قسم الاستخبارات، بحضور الرئيس جو بايدن حفلَ عشاء مراسلي البيت الأبيض السنوي، كرّم المئات من المتظاهرين في الخارج أرواح شيرين أبو عاقلة، وأكثر من مائة صحافي فلسطيني قتلتهم إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وحفل عشاء مراسلي البيت الأبيض هو تقليد سنوي تنظمه جمعية مراسلي البيت الأبيض النافذة، ويتخلله توزيع جوائز ومنح لطلاب يتخصصون في الصحافة. وشارك 2600 مدعو في الحدث العام الفائت. ويُنظَّم العشاء هذا العام على وقع اتساع رقعة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأميركية، مع انتشار لشرطة مكافحة الشغب وتوقيف المئات.

خارج وداخل حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض 

وشهدت العاصمة الأميركية مساء السبت حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض في فندق واشنطن هيلتون، فيما طافت مسيرة شوارع العاصمة منددة بالتغطية الإعلامية المنحازة التي يقدمها الإعلام الأميركي للحرب في غزة، وتجاهل مقتل الصحافيين. ورفع المتظاهرون شعارات "في غزة الصحافيون يُقتلون، وفي الولايات المتحدة الصحافة تكذب"، و"الإعلام الأميركي صامت على قتل إسرائيل للصحافيين"، و"الصحافيون الذين قُتلوا في فيتنام 63 صحافياً في عشرين عاماً و67 صحافياً في الحرب العالمية الثانية في 7 أعوام، في حين قُتل 140 صحافياً في 5 أشهر في غزة".

وردّد المشاركون في التظاهرات شعارات "كل لحظة يكذب فيها الإعلام يموت طفل في غزة، وكل لحظة يكذب فيها الإعلام جار في رفح يموت"، كما هاجموا وسائل الإعلام الأميركية الكبرى مثل "سي أن أن و"فوكس" وغيرها، واستقبلوا الحضور بعبارات "عار عليكم.. عار عليكم"، و"أنتم تساهمون في الإبادة الجماعية في غزة، وفي قتل الأطفال والنساء". 

ورفع العلم الفلسطيني مرتين من غرف الفندق الذي شهد حفل العشاء، إحداهما بارتفاع أربعة طوابق، لكنه أزيل سريعاً في المرتين، كما طُرِد أميركيون حجزوا غرفاً داخل الفندق بسبب حملهم لافتات ضد الإبادة الجماعية في غزة. وقالت مؤسِّسة منظمة كود بينك، ميديا بنجامين، إنها تعرّضت للتعامل بفظاظة وللطرد من حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض، لحملها لافتة "مائة صحافي قتلوا في غزة"، في يوم كان من المفترض أن يكون حول حرية التعبير، وأن شريكها تعرّض للاعتداء، ورغم ذلك غضّ الصحافيون الطرف "مثلما يفعلون مع الإبادة الجماعية في غزة". 

وقالت جوليا أرومان، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "كنت في الداخل مع مجموعة من المتظاهرين والناشطين الآخرين الذين يريدون أن يفهموا لماذا اختار الصحافي هناك الذهاب إلى هذا العشاء بعد رسائل صحافيين من غزة يحثون الصحافيين الأميركيين ووسائل الإعلام الغربية على الاحتجاج على هذا الحدث، بسبب دور بايدن الفاعل في جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة".

إعلام وحريات
التحديثات الحية
وأضافت أرومان أنها قبل أن تضع على صدرها لافتة "أوقفوا جرائم الحرب الإسرائيلية"، تمكّنت من التحدث مع الحاضرين، من بينهم أعضاء في الكونغرس، ولكنها طُردت بالقوة عقب وضع هذا القميص على صدرها، وأوضحت أن "هذا الحدث عن حرية التعبير والصحافة، ولمجرد أن شخصاً يقول أوقفوا جرائم الحرب الإسرائيلية لا يُسمح له بالوجود هناك؟".

اتهامات للإعلام الأميركي

وأكدت أرومان على أن الصحافة الأميركية جزء من الأسباب وراء استمرار الإبادة الجماعية، وأن الكثير من الأميركيين يُغذّون بالأكاذيب حول حقائق الفظائع في غزة، وعلى الدعاية الكاذبة، مستشهدةً بصحيفة نيويورك تايمز، التي أشار تقرير إلى أنه لا يسمح لهم باستخدام كلمة إبادة جماعية واحتلال وفلسطين في العناوين الرئيسية.

ولفتت أرومان إلى أن "وسائل الإعلام وإدارة بايدن كلتيهما مسؤولتان بشكل رئيسي عن هذه الإبادة الجماعية، ولذلك نحن هنا لمطالبة هؤلاء الصحافيين ومراسلي البيت الأبيض بالقيام بعملهم، والتحلي ببعض مظاهر النزاهة والتحدث عما يحدث على أرض الواقع في غزة، لأنهم يكذبون منذ نحو سبعة أشهر ويتستّرون على الحقيقة وعلى جرائم الحرب اليومية هناك، ومن أجل ذلك يفقد الصحافيون هناك حياتهم".

الصورة
تظاهرة في واشنطن تزامنا مع عشاء مراسلي البيت الأبيض (العربي الجديد)
أمام مقر عشاء مراسلي البيت الأبيض في واشنطن (العربي الجديد)

وفي رسالة مفتوحة، كتب عدد كبير من الصحافيين الفلسطينيين الذين يطالبون بمقاطعة هذا الحدث السنوي: "تتحملون مسؤولية خاصة عن قول الحقيقة للأقوياء ودعم النزاهة الصحافية. من غير المقبول التزام الصمت، إما بداعي الخوف، وإما لأسباب تتصل بالمهنة، في وقت يتواصل فيه اعتقال صحافيين وتعذيبهم وقتلهم في غزة، لمجرد أنهم يؤدون وظيفتهم".

وكرّم المتظاهرون أمام مقر حفل عشاء مراسلي البيت الأبيض أرواح الصحافيين الفلسطينيين الذين استشهدوا في غزة بسبب الحرب الإسرائيلية، ونشروا عشرات السترات الصحافية الملطخة بالدماء وعليها أسماء الصحافيين الذين قتلتهم إسرائيل في الحرب في غزة، كما قدّموا عرضاً تمثيلياً لمشاهد الاعتداء وتعذيب وقتل الصحافيين في القطاع. أما على جانب آخر، فأبعدت الشرطة أحد الأشخاص الذين هاجموا المتظاهرين لفظياً، وطالبهم بـ"العودة إلى بلادهم والعودة إلى الضفة الغربية ورام الله وأفغانستان".

ووصف حفيد الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي ماتي بيليد، الكاتب الأميركي الإسرائيلي ميكو بيليد، عشاء مراسلي البيت الأبيض بأنه ذروة الفساد السياسي، حيث "يمكن للصحافي الحضور والتظاهر أن شيئاً ما لم يحدث، وتجاهل الإبادة الجماعية في غزة، واضطهاد الشعب الفلسطيني، وذلك رغم مقتل أكثر من مائة صحافي في غزة حتى الآن". وقال لـ"العربي الجديد": "نحن هنا لنقول لا لمزيد من الإبادة الجماعية، ويجب أن تتغير الأمور، ونرى ذلك في جميع الأنحاء بالولايات المتحدة، ونرى المظاهرات في الجامعات، والتي تطالب بسحب الاستثمارات من الشركات التي تتعامل مع إسرائيل"، مؤكداً أن "كل هذا لن يتوقف حتى تصبح فلسطين حرة، وحتى يكون الفلسطينيون آمنين، والوصول إلى حل سياسي". 

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وأشار بيليد إلى أن وسائل الإعلام الأميركية تستخدم الخداع والكذب عندما يتعلّق الأمر بتغطية القضية الفلسطينية، وأن الغالبية الساحقة من الأخبار تُقدَّم من خلال المنظور الذي يدعم الصهيونية والإبادة الجماعية، مضيفاً أنه "نادراً ما تسمعهم يتحدثون عن الإبادة الجماعية المستمرة منذ أكثر من ثمانية عقود، ولكنهم لا يناقشون ذلك، ولا يسمحون لأحد بقول ذلك، لأنهم متواطئون، ولأن المعايير مختلفة عندما يتعلق الأمر بفلسطين".

خطاب بايدن في عشاء مراسلي البيت الأبيض

خلال العشاء ألقى بايدن خطاباً انتقد فيه دونالد ترامب، بينما كانت الاحتجاجات متواصلة في الخارج. واستغل بايدن الحدث الرسمي السنوي لانتقاد منافسه الجمهوري، ووصفه بعدم النضج، وسخر من تقدّم عمره هو شخصياً، وقال: "نعم، فعلاً السنّ مشكلة. أنا رجل ناضج أنافس من هو في السادسة من عمره". وأضاف بايدن (81 عاماً) بعد ذلك عن ترامب (77 عاماً): "السنّ هو العامل الوحيد المشترك بيننا".

وتجنب بايدن الحشد الكبير من المحتجين عند المدخل الأمامي للفندق، ودخل عبر المدخل الخلفي حيث استقبله عدد أقل من المحتجين المطالبين بوقف إطلاق النار.

ووجه بايدن جزءاً من خطابه للمؤسسات الصحافية، وقال: "لست أدعوكم إلى التحيز لطرف ما حقاً، بل أطلب منكم أن تكونوا على قدر جدية اللحظة. تجاوزوا مسألة السباق الشكلية... والأمور التي تشتّت والعروض الجانبية التي باتت تهيمن على مشهدنا السياسي، وركزوا على ما هو حقاً على المحك".

141 شهيد صحافياً

وتقول لجنة حماية الصحافيين التي مقرّها في نيويورك إن ما لا يقل عن 97 صحافياً قتلوا منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بينهم 92 من الفلسطينيين. وأُصيب 16 آخرون على الأقل. أما المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فكان قد أفاد، الخميس الماضي، بارتفاع عدد الصحافيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال منذ 7 أكتوبر إلى 141.

وقالت إحدى المجموعات المنظمة للتظاهرة، "كود بينك"، إنها تريد "إيقاف" العشاء احتجاجاً على "تواطؤ حكومة بايدن في استهداف الصحافيين الفلسطينيين وقتلهم على يد الجيش الإسرائيلي"، موضحة أن هذا الإجراء سيكون "غير عنيف".

وبعد ظهر السبت، وُضعت حواجز معدنية في الشوارع المؤدية إلى الفندق، ورُكنَت سيارات للشرطة، لكن لم يكن هناك أي متظاهرين". ورفضت رئيسة جمعية مراسلي البيت الأبيض، كيلي أودونيل، التعليق على الإجراءات الأمنية المتعلقة بحفل العشاء. وقال المتحدث باسم جهاز الخدمة السرية الأميركي، أليكسي ورلي، إنّ "سلامة الأشخاص الذين نحميهم وأمنهم هما الأولوية القصوى لجهاز الخدمة السرية"، رافضاً الإدلاء بمزيد من التعليقات.

وواجه بايدن حركة متنامية ضد الحرب في غزة هذا العام شملت حفلاً لجمع تبرعات في مارس/ آذار بقاعة راديو سيتي ميوزيك في نيويورك، حيث عطّل المتظاهرون الحفل بسبب تعامل الولايات المتحدة مع الأزمة في غزة. ومنذ أشهر، وفي كل مرة ينتقل الرئيس الأميركي إلى مكان ما، يتجمع متظاهرون اعتراضاً على دعمه إسرائيل، وللمطالبة بوقف النار في غزة. 

الصورة
متظاهرون يرفعون العلم الفلسطيني على مقر عشاء مراسلي البيت الأبيض 28/4/2024 (العربي الجديد)
متظاهرون يرفعون العلم الفلسطيني على مقرّ عشاء مراسلي البيت الأبيض (العربي الجديد)

 

المساهمون