Mononoke... ما من شيء غريب في هذا العالم

Mononoke... ما من شيء غريب في هذا العالم

11 مارس 2023
رسومات العمل ساهمت في جعله واحداً من أكثر مسلسلات الأنمي تميزاً (نتفليكس)
+ الخط -

اختارت منصة نتفليكس عرض أعمال أنمي من نوع رعب على منصتها أخيراً، بعد عرض أنمي الرعب Junji Ito Maniac: Japanese Tales of the Macabre الذي صدر في يناير/كانون الثاني، وحصد شعبية عالية بين عشاق الرعب. بالتوازي معه، حصلت "نتفليكس" على أنمي Mononoke، الصادر عام 2007، ويعد واحداً من أفضل أعمال أنمي الرعب على الإطلاق. العمل أنتجته استوديوهات Toei Animation كجزء من سلسلة مختارات الرعب، تابع لأنمي Ayakashi: Japanese Classic Horror.

ما أعاد Mononoke إلى الصدارة ليس رواج أعمال الرعب فقط، إنما الفيلم القادم عنه والمقرر صدوره لاحقاً في هذا العام. كان الفيلم بمناسبة مرور 15 عاماً على إصدار أنمي Mononoke، لكن إصدار الفيلم تأجل لأكثر من عام. تؤكد صفحة ويكيبيديا الخاصة بالعمل أن المقالة ليست عن فيلم هاياو ميازاكي الذي يحمل اسم الأميرة مونونوكي، وإنما عن مسلسل قصير من 12 حلقة. هذا التذكير بدا ضرورياً لعدم الخلط بين العملين، خصوصاً وأن فيلم ميازاكي يعد من أعمال الأنمي التي دخلت التاريخ، ومن الصعب استخدام الاسم نفسه لعمل آخر من دون خلط على اختلاف العملين على جميع الأصعدة.

حكايات الرعب الشعبية

المونونوكي هو نوع من الأرواح في الثقافة اليابانية التي يمكن أن تستحوذ على الأشياء والكائنات على اختلافها، كما تعبر أحياناً عن طاقة الاستياء والحقد والمشاعر السلبية، والرذائل البشرية عموماً. تختلف المونونكي عن الأشباح بكونها طاقة تسكن الأشياء، أكثر من كونها أرواح موتى تلاحق البشر، وإن ارتبطت بمشاعر الموتى السلبية. كما تشمل المونونوكي ضمن تصنيفها العديد من الكائنات الغيبية الأخرى في الفلكلور الياباني. يحتوي العمل على خمس حكايات موزعة على 12 حلقة، بطلها بائع الأدوية وطارد المونونوكي الذي لا نعرف اسمه ولا أي معلومة عن شخصيته، فهو غامض بقدر أي شخصية عابرة تظهر في العمل.

يعالج البطل مشاكل المونونوكي التي تظهر في رحلاته من خلال كشف القصص المرتبطة في المكان والشخصيات وما يأتي مع هذه القصص من شعور بالعار والذنب والخوف. هذا العلاج ليس جزءاً من عمل البطل كبائع أدوية، إنما عمل آخر يؤديه بلا أجر، حيث يتخلص من المونونوكي بسيف سحري يُحتمل أن يكون حياً بذاته. هذا السيف لا يخرج من غمده من دون اكتمال عناصر معرفة واكتشاف المونونوكي، وهي: السبب والحقيقة والشكل. لذلك نحصل على القصة كاملة قبل تطهير المونونوكي.

سينما ودراما
التحديثات الحية

يستغرق اكتشاف الحقيقة وقتاً لأن لا أحد يريد الاعتراف بمشاعره أو أفعاله، ويترافق مع ذلك المزيد من الرعب من المونونوكي الذي يتسبب بالقتل أحياناً، ويسكن البيوت والأشخاص وحتى البحار، كما لا تخلو الحلقات من دراما الحدث الآني نفسه التي تعتمد على الشكوك غالباً مثل الحبكات البوليسية، وبهذا تكون الحلقات وجبة دسمة متكاملة من التشويق من جهة، والمشاعر المختلفة التي يولدها الخوف والذنب من جهة أخرى.

لوحات فنية يابانية

الجانب الفلكلوري جاء في الرسم أيضاً. رسومات العمل ساهمت في جعله واحداً من المسلسلات المميزة في تاريخ الأنمي، لكنها في الوقت نفسه خففت من شعبيته لدى جمهور الأنمي الذي يبحث عن نوع آخر من الرسم المعتاد. رسومات "مونونوكي" جاءت ثنائية الأبعاد وتبدو وكأنها مرسومة على قماش لتعمق الشعور بالحكايات القديمة، مع تعمد إظهار الصنعة الفنية التي لا يمكن أن ينسى المشاهد معها أن ما يراه هو رسومات متطورة قليلاً عن التشكيل الياباني القديم. مع ذلك، لا تخفف الصنعة الفنية الواضحة من الرعب النفسي والمشاعر الحادة في الأنمي، إنما على العكس تزيد منها، خصوصاً مع كثرة المشاهد التعبيرية التي تحاول عكس ما يدور في النفس البشرية المذنبة، ويزيد من ذلك الموسيقى الكلاسيكية التي تذكر بحقبة الإقطاع والساموراي الدموية في اليابان، منذرةً المشاهد بالرعب النفسي القادم. الفن التشكيلي التقليدي لم يكن فقط في رسم العالم الخاص في الأنمي وشخصياته، ففي الأماكن نفسها يتم استغلال المساحات على الجدران والأبواب لعرض رسومات كلاسيكية مدهشة.

الشعور بالذنب

جنباً إلى جنب مع حكايات الذنب والأسى، تحدث حكايات "مونونوكي" وسط بيئة من المحرمات، مثل بيوت الدعارة واستغلال النساء المديونات والإجهاض الإجباري، وأبعد من ذلك علاقة غرامية بين أخ وأخته، وعنف طبقي وجندري. يمكن القول إن أغلب أحداث الأنمي تدور وسط بيئة كهذه، وإن لم تكن يعوض عنها بمشاهد غير معتادة مثل التبول. تزيد هذه الخلفية من حدة الرعب والشعور بالذنب لدى المشاهد لارتباط الأرواح المخيفة بالذنوب البشرية، وعادةً ما تكون هذه القصص في الأصل تحمل عبرة لحض الناس على الاستقامة. في الأنمي لم يكن هذا الهدف، لكنه جزء مهم من روح العمل الذي لا يستهدف جمهوراً واسعاً. ليس على صعيد الحكاية فحسب، بل يمتلئ الفن التشكيلي الياباني بالمشاهد الجنسية المنفرة والقاسية أحياناً، ليكون العمل بهذا يحمل روح الفنون الكلاسيكية اليابانية لفترة إيدو، مع ذلك فإن "مونونوكي" يعتبر عملاً طليعياً بالنسبة لفن الأنمي.

المساهمون