أنا زلاتان (22)..كابيلو الرجل الذي تشعر أنك ميت بجواره

أنا زلاتان (22)..كابيلو الرجل الذي تشعر أنك ميت بجواره

06 سبتمبر 2015
+ الخط -


يستكمل "العربي الجديد" تقديم سلسلة مقالات (عصير الكرة) عن أفضل وأبرز ما كتب حول أسرار الساحرة المستديرة وعالم نجومها، وندخل معاً إلى الكتاب الخاص بالنجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش.

"إبرا، تعال إلى هُنا"، فابيو كابيلو، ربما المدرب الأكثر نجاحاً في العشر سنوات الماضية كان يُناديني، فكرت: "ما الذي فعلتهُ الآن؟"، كل القلق الذي عرفتهُ منذ طفولتي عاد إلي في تلك اللحظة، كابيلو يجعل أي لاعب يتوتر، روني يقول إنهُ عندما يمر كابيلو من أمامك في الممر، فإنك تشعر بأنك ميت بطريقة ما، وهذا صحيح، كابيلو عادة يأخذ قهوته ويمر بك من دون أي يلقي عليك أي نظرة وهذا الأمر يكون مُخيفاً بحق، في بعض الأحيان عندما يبتعد يقول "Ciao" (وداعاً)، وفي بعض الأحيان لا يقول أي شيء، يختفي فقط، وكأنك لم تكن موجودا هُناك، قلتُ مسبقا بأنه في إيطاليا عندما يقول المدرب للاعبين اقفزوا، فإنهُ لا أحد يمتثل لهذه الأوامر لكن هذا الأمر لا ينطبق على كابيلو، عندما يظهر، تجد كل لاعب يقف باعتدال فوراً قبل أن يتحدث كابيلو حتى، وأنا أعرف أحد الصحافيين الذي سأله بشأن هذا الأمر: "كيف يمكنك أن تحصل على كل هذا الاحترام من لاعبيك؟".

كابيلو أجاب "أنت لا تحصل على الاحترام، يجب أن تأخذه"، وهذه إجابة أتذكرُها جيداً.

عندما يغضب كابيلو، من الصعب جداً أن تنظر إلى عينيه وفي حال منحك فرصة وأنت لم تستغلها، فيجب عليك أن تبدأ ببيع قطع الـ Hot Dogs في خارج الملعب من أجل أن تعيش، يجب ألا تذهب إلى كابيلو بمشاكلك فهو ليس صديقك ولا يتحدث مع اللاعبين، ليس بهذه الطريقة، إنهُ أشبه بذلك الرقيب الحديدي، وليست إشارة جيدة على الإطلاق عندما يطلبك، لكن من جهة أخرى: أنت لا يمكنك أن تتوقع ما سيحدث معه، قد يكسرك، وقد يقوم ببنائك لتكون عظيماً، أتذكر أنهُ في إحدى الحصص التدريبية عندما بدأنا نقوم بتمارين حيازة الكرة، فجأة كابيلو أطلق صافرته: "اخرجوا من هُنا، اخرجوا من الملعب فوراً، لقد كنتم بطيئين، لقد كنتم مُجرد هُراء".

خرجنا ولم نتدرب في ذلك اليوم بعد ذلك، كان الأمر غريباً وشعرنا بالتشتت، لكن بالتأكيد، كابيلو كانت لديه نظرة خاصة: كان يريدنا أن نأتي مثل المقاتلين في اليوم التالي وبالتأكيد أحببت طريقته، لأنني كما قلت، لستُ معتاداً على أسلوب اللين والهدوء، أحب الأشخاص الذين يملكون القوة والمواقف، وأعتقد أن كابيلو آمن بقدراتي "ليس عليك أن تعمل على تطوير أي شيء فيك، أعلم من أنت، وأعلم ما أنت قادر على فعله" قال كابيلو ذلك الكلام لي، وهذا أعطاني بعض الأمان، ارتحت بعض الشيء، فلقد كانت هُناك جبال من الضغوط عليّ، الصحف بدأت تكتب وتُشكك في صفقتي، قالوا إنني لم أسجل ألا أهدافاً قليلة، والجميع كان يسأل: "كيف يُمكن لزلاتان أن يحجز مكاناً أساسياً في فريق مثل هذا؟".

"هل زلاتان جاهز لـ "إيطاليا"؟"، كتب الصحافيون هكذا، لكن مينو أجابهم: "هل إيطاليا جاهزة لـ "زلاتان""، بقوة هكذا، وأعتقد أنهُ كان محقاً لأنه يجب عليك أن ترد في بعض الأحيان بقوة، أتساءل دائماً: هل كنت سأفعل ما فعلت من دون مينو؟ لا أعتقد ذلك، لو كنتُ قد وصلت إلى اليوفنتوس كما كنت قد وصلت إلى أياكس: الصحافة كانت ستأكلني، في إيطاليا، هناك جنون بكرة القدم وإذا كنا في السويد نتحدث عن المباراة بيوم قبلها ويوم بعدها، فإنهُ في إيطاليا يستمر الحديث طوال الأسبوع، يستمرون بالكتابة فقط، وكلاعب سيتم تقييمك طوال الوقت، أحياناً للأعلى وأحياناً للأسفل وقبل أن تعتاد على هذا الأمر، ستكون الأمور صعبة عليك.

لكن أنا لدي مينو، كان أشبه بجدار دفاعي لي وكنت أتصل به في كل وقت، أياكس؟ ما كان ذلك حقاً؟ مُجرد مدرسة صغيرة مقارنة بما أعيشهُ الآن، في التدريبات فقط، عندما أريد أن أسجل، لا يجب علي أن أتخطى تورام وكنافارو فقط، بل يجب عليّ أن أسجل في مرمى بوفون، لم تتم معاملتي بلطف من أي شخص لأنني جديد، بل على العكس.

كابيلو كان لديه مساعد اسمه أيتالو غالبياتي، غالبياتي كان رجلاً كبيراً في السن، كنتُ أدعوهُ العجوز، لقد كان رائعاً، هو وكابيلو كانا يمثلان الشرطي الجيد والشرطي السيئ، كابيلو يخبرك بالأمور الصعبة والسيئة، بينما غالبياتي يتكفل بالبقية، وأتذكر أنهُ بعد أول حصة تدريب لي، كابيلو أرسلني إلى غالبياتي "هاي أيتالو، امنح هذا الفتى وقتاً صعباً"، أتذكر أن بقية الفريق ذهبوا ليستحموا بعد التدريبات، وأنا كنتُ منهكاً تماماً، وتمنيت لو أنني ألحق ببقية اللاعبين لأستحم، لكن من الجانب ظهر حارس مرمى جاء من فريق الشباب وفهمت الأمر حينها: أيتالو يريد أن يدربني على بعض التسديدات، بدأ برمي الكرات عليّ من كل جهة، كانت تأتي بشكل عرضيات، تمريرات، كرات طولية، ون - تو، من كل الزوايا، كنت أستقبل الكرة وأسددها فوراً ولم يكن يفترض أن أترك منطقة الجزاء، لقد كانت منطقي كما يقول أيتالو "هذه منطقتك، يجب أن تسجل الأهداف منها، استمررت بالتدرب". لم يكن هناك أي حديث عن الراحة أو الاسترخاء، الأمر كان جدياً، وبنسق عالٍ.

"التقط الكرة، بقوة، أظهر الإصرار والرغبة"، أيتالو كان يصرخ عليّ، ولقد أصبح هذا الأمر مثل العادة، لقد اعتدت على هذه التدريبات، في بعض الأحيان يأتي ديل بييرو وتريزيغية ليتدربان على نفس التدريب لكن عادة كنت وحيداً، كنت أنا وأيتالو فقط، وكانت أشبه بـ 50-60 أو حتى 100 تسديدة على المرمى، وفي بعض الأحيان كان يأتيني كابيلو في التدريبات، ويتحدث كما هو دائماً، عن رغبته في إخراج قواعد الطريقة الهولندية من داخلي وإرساء قواعد الطريقة الإيطالية وإحراز الأهداف.

لقد كان ذلك الأمر قد بدأ بالفعل يتدرج بداخلي، لقد تحدثت مع فان باستن ومع مينو، لكنني لم أشعر بأنني فعلاً هداف كبير، على الرغم من مركزي في الهجوم، لقد كنت أشبه بذلك الفتي الذي يجب عليه أن يتعلم كل شيء، حركاتي وخدُعي التي كنت أقوم بها في منزل أمي ما زالت في عقليتي.

فهمت الأمور جيداً، لن يشكرك أحد على مهاراتك أو لعبة الكعب التي تقوم بها إذا خسر فريقك، لا أحد يمكن أن يهتم حتى إذا سجلت هدف الأحلام، وفريقك لم يتمكن من الفوز، شيئاً فشيئاً أصبحت مقاتلاً وقوياً في أرض الملعب، هذا لا يعني أنني تخليت عن كل تصرفاتي، لم أكف أبداً عن ذلك القانون: استمع لهذا، لا تستمع لذاك، على الرغم من قوة كابيلو وسطوته.

أردت تعلم اللغة الإيطالية كثيراً، وفعلت ذلك، لكن بطريقة أخرى، في غرف الملابس وفي الفندق وفي كل مكان كنت أتعلم وأركب الجمل بكل سهولة، تعلمت بسرعة، وكنتُ مغروراً وغبياً بما فيه الكفاية لأتحدث حتى وإن كانت الجمل بقواعد خاطئة، حتى أمام الصحافيين كنت أبدأ باللغة الإيطالية ومن ثم أبدأ بالإنجليزية، وأعتقد أن هذا وجد التقدير، كان يقولون: انظروا لهذا الفتى، ربما لا يستطيع، لكنهُ يحاول، لقد فعلت ذلك بالاستفادة من كل شيء حولي، بالاستماع وبعدم الاستماع.

تغيرت في فترة قصيرة من الناحية البدنية والذهنية، أتذكر المباراة الأولى لي مع اليوفنتوس، لقد كانت في الـ 12 من سبتمبر/أيلول، ضد نادي بريشيا ولقد بدأت تلك المباراة من الدكة، في المنصة كانت عائلة انييلي هُناك، يركزون خاصة عليّ: هل يستحق المال الذي دفعناه؟ بعد الشوط الأول دخلتُ في مكان نيدفيد. كان من أتباع مينو أيضاً، لقد حصل على الكرة الذهبية لأفضل لاعب في أوروبا في العام الماضي، ولقد كان ربما أكثر مدمن تدريبات رأيتهُ في حياتي، نيدفيد كان يجري على الدراجة لنحو ساعة قبل بداية التدريبات، وبعدها يجري لنفس الفترة تقريباً، لم يكن من السهل استبداله، بالتأكيد، ربما لن يلومك أحد إذا كنت مباراتك الأولى سيئة، لكن هذا لن يساعدك أيضاً، أتذكر أنني بعدها دخلت، ركضت في الجهة اليسرى بالكرة، وتمت محاصرتي من قبل مدافعين، لقد كانت وضعية تبدو مُغلقة، لكنني أسرعت من بينهم، وجدت الفرصة وسجلت أول هدف لي، وسمعت أصوات الجماهير تردد: "إبراهيموفيتش، إبراهيموفيتش"، لقد كان ذلك قوياً، ولم يبد بأنه سيكون النداء الأخير.

بدأ الجميع بعد ذلك الهدف يناديني باسم "إبرا"، وفي الواقع موجي هو من بدأ هذا الاسم، وبعضهم كان يناديني "فلامينغو" أحياناً، أتذكر أن وزني كان بسيطاً في ذلك الوقت، كنتُ نحيفاً جدا، كان طولي يبلغ 196 في حين أن وزني كان فقط 84 كيلوغراماً، كابيلو رأى بأن ذلك قليل جداً، لذلك سألني "هل تدربت مسبقاً في صالة الألعاب؟"، قلت له: "أبداً"، لم أفعل ذلك طوال مسيرتي"، وهو ما اعتبره المدير الفني الإيطالي فضيحة، لهذا أخبر مدرب اللياقة بأن يضغط عليّ في تدريبات اللياقة، وفي ذلك الوقت بدأت لأول مرة أقلق بشأن ما أكله، حسنا، ربما أكلت الكثير من الباستا، وهذا الأمر ظهرت نتائجهُ لاحقاً، لكن بشكل عام كل شيء كان صحيحاً في اليوفنتوس، كسبت بعض الوزن، وأصبحت أقوى وأثقل، في أياكس يجعلونك تفعل ما تريد، وهذا أمر غريب بالنظر للمواهب المتواجدة هُناك، لكن في اليوفنتوس، نأكل قبل وبعد التدريبات وفي أيام المباريات نسكن في فندق نتناول فيه 3 وجبات في اليوم.

لكنني تجاوزت المعقول ووصلت إلى 98 كيلوغراماً، أصبحتُ زائد الوزن وشعرت بأن هذا كثير جداً، أدركت بأنني أحتاج للقليل من التدرب بالكرة والكثير من الجري، لكن بشكل عام، تحولت إلى أقوى، أسرع وأفضل كلاعب، تعلمت كيف أكون عديم الرهبة من النجوم الكبار بالفريق، نعم، أنت لا يمكنك أن تقف على الجانب، كابيلو علمني ذلك وجعلني أفهمه جيداً: النجوم يجب ألا يخيفوك، إن من يجب أن يفعل هو العكس، يجب أن يحفزك وجودهم فقط.

أصبحت تماماً مثل كابيلو، لا يهتم بمن هم الآخرين، أمام كابيلو لا يهم هل اسمك زمبروتا أو نيدفيد، إذا لم تقدم عملاً جيداً في التدريبات، فإنك سوف تسمع شيئاً بشأن الأمر، كابيلو لم يخرج أياكس مني فقط، بل جعلني ذلك الرجل الذي يأتي إلى النادي ويطلب بأن لقب الدوري يجب أن يتم تحقيقه، مهما كلف الأمر، وهذا ساعدني كثيراً، لا شك في ذلك، غيرني هذا الأمر كلاعب كرة قدم، لكن هذا أيضاً لم يجعلني أكثر هدوءاً.

اقرأ أيضاً

أنا زلاتان(1)... غوارديولا اشترى فيراري واستعملها كـ "فيات"!
أنا زلاتان(2)...عندما صرخت بوجه غوارديولا "أنت تخاف من مورينيو"!
أنا زلاتان (3).. سرقة الدراجات والطفولة القاسية
أنا زلاتان(4)..بدون الكرة لكنت مجرماً..وعندما قررت تقليد محمد علي
أنا زلاتان (5)...عندما صرخت "كلكم حمقى، وكرة القدم حماقة"
أنا زلاتان (6)... عندما تعلمت تقليد مهارات البرازيليين
أنا زلاتان (7).. رحلة الصعود للفريق الأول مع مالمو
أنا زلاتان (8).. ما الذي حدث في هذه الحياة؟
أنا زلاتان (9)... الدرجة الثانية ونقطة التحوّل
أنا زلاتان(10)...الهدف الذي أذهل أياكس لدفع 85 مليون كراون!
أنا زلاتان(11).. مواصلة التألق قبل الرحيل لأياكس
أنا زلاتان(12).. البداية مع السويد ومواصلة رحلة التمرد
أنا زلاتان (13).. نهاية رحلة مالمو ووداع بطريقة سيئة
أنا زلاتان(14)..المراوغة التي ذهبت بمدافع ليفربول لشراء الهوت دوغ!
أنا زلاتان (15)..عندما طردني كومان" اذهب إلى بيتك"!
أنا زلاتان (16).. عندما قذفني ميدو بالمقصات.. فصفعته!
أنا زلاتان (17).. مهمّة هيلينا المستحيلة!
أنا زلاتان(18)..عندما أهنت فان غال.."أأستمع لك أم لفان باستن"!
أنا زلاتان (19)...ما يفعلهُ كارو بالكرة..أستطيع فعلهُ ببرتقالة
أنا زلاتان (20).. هدف الكونغ فو المذهل في إيطاليا
أنا زلاتان (21).. حينما قفز كومان جنوناً..بسبب هدفي المارادوني!

المساهمون