أطفال يعملون في صناعة الجلد بالمغرب.. تُجّار صِغار

أطفال يعملون في صناعة الجلد بالمغرب.. تُجّار صِغار

04 أكتوبر 2015
تجارة الجلود تنشط في المغرب مع موسم الأضاحي (أرشيف/Getty)
+ الخط -


كأنهم أضحوا تجاراً بالفطرة.. لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة، لكنهم فطنوا إلى أن هناك تجارة يمكن أن يجنوا منها أرباحاً كبيرة في موسم الأضحى وما بعده. ففي الأعوام الأخيرة، أضحى لافتاً لجوء الأطفال إلى التنافس من أجل استغلال الموسم تجارياً الذي يمتد لفترة طويلة بعد العيد، حيث يسعى الأطفال إلى بيع الجلود، لكي تدر عليهم عائداً كبيراً.

ولا يقتضي منهم ذلك أي رأس مال يبذلونه من أجل شراء الجلود، بل يكتفون بطرق أبواب المنازل، والإلحاح في طلب الجلود التي تتوفر عليها الأسر. هم يعولون على المزاج الجيد للأسر في ذلك الموسم، التي يجزل فيه الناس العطاء لكل سائل، خصوصاً إذا كان طفلاً.

لايسألونهم عن السبب الذي يدفعهم إلى التنافس من أجل الحصول على الجلود، فالجميع يعلم أنهم يقومون ببيعها، كي يحصلوا على بعض المال الذي يعينهم على تلبية بعض الحاجيات الملحة.

في السنوات السابقة، كانت الأسر تحرص على الاحتفاظ بالجلود، التي كانت الأمهات تعملن على استعمال صوفها من أجل صناعة الجلابيب المغربية الرجالية أو أغطية يلجأ إليها في الليالي الباردة طلباً للدفء، ولكن الأطفال غيروا هذه المعادلة.

والأطفال ليسوا سوى حلقة بسيطة في سلسلة من المتدخلين الذين لا يهمهم سوى جلد المواشي. فهذا إبراهيم الصوفي، الذي يبلغ الثانية عشرة من العمر، يؤكد أنه يأخذ الجلود التي يجمعها إلى إحدى الساحات غير بعيد عن الحي الذي يقطن فيه في الدار البيضاء، حيث يبيعها للتجار الذين تجمعوا هناك.

لا وقت لدى الصوفي كي يقدم تفاصيل أكثر عن النشاط الذي يمارسه، فلا يريد أن يلهو عن جمع الجلود، لأن أقرانه يجدون من أجل الحصول على عدد أكبر من الجلود. هو يعول على سخاء الجيران كي يجمع عشرة جلود ليجني 10 دولارات.

فيروز الصقلي، التي تهتم بمسار تلك الجلود، تؤكد أن الوسطاء الذين يتلقونها من الأطفال والشباب في الأحياء الشعبية، يحملونها في شاحناتهم، حيث يسلمونها لصناع اتخذوا من إحدى المجارز القديمة في الدار البيضاء، مركزاً يجمعون فيه ما توفر لديهم من جلود قبل أن يحملوها إلى المدابغ المعروفة في المغرب.

اقرأ أيضاً: المغرب يخصص 5 مليارات دولار للمناطق الفقيرة

فضل أولئك الأطفال الاستفادة من الصناعات التي ترتهن لتلك الجلود، حيث تتزود هذه المصانع بالمادة الأولية الخام. وكأن التجار الكبار في الجلود، اكتشفوا أن براءة أولئك الأطفال كفيلة أن تجلب لهم عدداً كبيراً منها، مادامت الأسر تستجيب لهم دون كثير تفكير.

وقد دأبت الفيدرالية المغربية لصناعة الجلد، على حث الأسر على الاعتناء بسلامة الجلود والحرص على تمليحها بعد الذبح ووضعها في الظل. تلك عملية تحافظ على صلاحيتها من أجل استعمالها في صناعة الأحذية، خصوصاً إذا سلمت من العيوب التي قد تفسدها أثناء الذبح.

وذهبت الفيدرالية في تقديراتها إلى أن حسن التعامل مع الجلود بعد الذبح، يساعد على الحفاظ على عشرات الآلاف من فرص العمل التي يوفرها قطاع صناعة الجلد في المغرب، ثم إن الحفاظ على تلك الجلود يجنب المستثمرين مشاكل استيراد المادة الأولية التي تصل أسعارها في بعض الأحيان إلى مستويات ترفع من تكاليف الإنتاج وتقلص من هامش أرباح المصنعين.

ويضحي المغاربة بأكثر من خمسة ملايين رأس من الغنم والماعز، التي يغذي جزء من جلودها صناعات الدباغة الحديثة والصناعات التقليدية وصناعة الأحذية والحقائب والألبسة، هذا ما يدفع الفيدرالية إلى الإلحاح على الحفاظ على اعتبار أن جلد كبش واحد يساعد على صناعة حذاء أو خذائين، ما يتيح عرضاً مهماً للسوق المحلية ويساهم في التصدير. هذا ما يبرز الدور المهم الذي يقوم به أولئك الأطفال دون أن يدركوا ما يسدونه من خدمات جليلة لصناعة بلدهم.

عندما تسأل أطفال الحي عن الهدف من جمع الجلود، قلّما يستفيضون في الجواب، فهم منشغلون بالحصول على أكبر عدد منها.. ذلك يخدم الكبار الذي يتطلعون إلى ما سيراكمونه منها في المصانع والمدابغ، وإن كان الكثير من الصناعيين يؤكدون أن عدداً من الحرف التي تعتمد على الجلود تتراجع بسبب الاستيراد، إلا ما كان من صادرات بعض المنتوجات مثل الأحذية التي تمكن صناع مغاربة من الحصول على سمعة جيدة فيها عبر العالم.


اقرأ أيضاً: الفقر في المغرب يقذف بالأطفال إلى خدمة المنازل

دلالات

المساهمون