الأزقة الضيقة..ملجأ باعة المغرب الجائلين سعياً وراء الرزق

الأزقة الضيقة..ملجأ باعة المغرب الجائلين سعياً وراء الرزق

08 يوليو 2015
الأزقة الضيقة للهرب من حملات حكومية لإخلاء الشوارع الكبيرة(Getty)
+ الخط -
يعود باعة جائلون في الدار البيضاء خلال رمضان لاحتلال المناطق الاستراتيجية في المدينة، حيث يعرضون جميع أنواع السلع التي يكثر عليها الطلب، لكن هذا العام أخليت بعض الشوارع الرئيسية من أجل تسهيل حركة المرور نزولاً على رغبة أصحاب المحلات الذين يعتبرون أن الباعة الجائلين يشكلون نوعاً من المنافسة غير المشروعة لهم. فهربوا إلى الأزقة الضيقة لعلها تسعهم.
يمكنك المرور من زقاق "أيت يفيلمان" بدرب السلطان بالدار البيضاء، بسلاسة كبيرة، حيث اختفى الباعة الجائلون تقريباً، من الزقاق الذي تعدت شهرته الدار البيضاء. هو جزء مما يطلق عليه الناس "قيسارية الحفاري"، التي تفرعت في الأزقة المجاورة، لتتحول إلى أهم سوق للباعة الجائلين.
قبل أكثر من شهرين، قررت السلطات المحلية في المدينة، إخلاء الشوارع الكبيرة من الباعة الجائلين وأصحاب الفراشات. ظن الكثيرون أن ذلك الإجراء لا يعدو أن يكون نوعاً من "الحملة" المحدودة في الزمن، التي يفترض الإذعان لها لبضعة أيام، كي تعود الأمور إلى ما كانت عليه في السابق. غير أن تلك السلطات أبدت الكثير من التصميم في إخلائها، فما كان يظنه هؤلاء "حملة"، تحول إلى إجراء تريد له السلطات المحلية، أن يدوم، فهي تسعى إلى إخلاء الشوارع التي تعتبر شرايين رئيسية للمرور بالعاصمة الاقتصادية من كل أولئك الباعة. وتراهن على أن تفرض ذلك الأمر الواقع، فلا عودة لما كان عليه الوضع قبل ثلاثة شهر تقريباً.
عندما زارت "العربي الجديد"، زنقة أيت يفيلمان، وجدتها شبه خالية من الباعة الجائلين. الكثيرون حملوا بضاعتهم كي يعرضوها في الأزقة المجاورة الضيقة، غير أن ثمة من غادر ذلك المكان آملاً أن تغمض السلطات عينها عنهم في الأيام التي تسبق رمضان، لعلهم يعودون إلى ذلك الزقاق.
في أحد الأزقة الضيقة، يعرض محمد حمدي أحذية صينية، أكد أن الأمور لم تعد كما كانت، فقد كانت له رقعة في زقاق أيت يفيلمان، على مدى 10 سنوات، تمكن من كسب ثقة بعض الزبائن الذين يأتون إليه. فقد اليوم الكثير منهم، خاصة بعدما علم الناس بإخلاء الزقاق من الباعة الجائلين.

واتجهت السلطات إلى العديد من الأماكن التي اشتهرت بوجود الباعة الجائلين، لإعادة تهيئة أرصفتها وشوارعها. هذا ما تجلى في سوق القريعة، حيث تجرى الأشغال من أجل إصلاح الشوارع التي تخترقها.

اقرأ أيضا: (فيديو): ماذا يعني مؤشر التضخم؟

ويحاول الباعة الجائلون التكيف مع الوضع الجديد، حيث ينتشرون في رمضان بالعديد من الأزقة. ففي هذا الشهر ينضم باعة جدد إلى جيش الباعة القدامى، حيث تظهر أنواع جديدة من المنتجات التي يكثر عليها الإقبال مثل الفواكه والأجبان..بينما يلجأ البعض إلى تغيير أنواع المنتجات التي يبيعها في هذا الشهر.
هذا حال رضوان العبدي، الذي كان في الأيام العادية يبيع "سندويتشات الكفتة" للأشخاص الذي يأتون إلى سوق القريعة. لكنه في هذا الشهر يتحول إلى بيع التمور والأجبان والعصائر. هو يؤكد أن الدخل الذي يحصل عليه في رمضان يكفيه بالكاد لمواجهة النفقات الأساسية.
ورغم قرار إخلاء الشوارع الرئيسية من الباعة الجائلين، إلا أنه يتجلى أن السلطات تغض الطرف عنهم في شهر رمضان. هذا ما يؤكده العبدي، الذي يعتبر أن هذه الفترة حاسمة بالنسبة للعديد من الباعة الذين ترتفع إيراداتهم، بحكم زيادة طلب الأسر.
وحذر المكتب الوطني للسلامة الصحية للأغذية من شراء منتجات لا تتوفر فيها شروط الجودة والسلامة. نداء تشاطره جمعيات حماية المستهلك. فقد أكد رئيس الفيدرالية المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، لـ"العربي الجديد"، على أنه يفترض إنجاز حملات عبر وسائل الإعلام من أجل تفادي شراء المنتجات الغذائية من الباعة الجائلين.
وكانت آخر دراسة أنجزتها وزارة الصناعة والتجارة، حول الباعة الجائلين، خلصت إلى أن عددهم في المغرب يصل إلى 276 ألفاً، يتحملون مسؤولية أسر تصل عدد أفرادها إلى 1‪.‬38 مليون شخص. واعتبرت الدراسة، رقم مبيعات هذا القطاع غير الرسمي يصل إلى حوالى 4.5 مليارات دولار، وتوصلت إلى أن ذلك النشاط يشكل حرفة بالنسبة لنحو 60% من مزاوليها.
في المغرب طُرحت فكرة إفراد أسواق نموذجية للباعة الجائلين، لكن في انتظار أن يتجسد هذا المشروع، يواصل الكثيرون التشبث بالأزقة والشوارع التي يبحثون فيها عن لقمة العيش.

اقرأ أيضا: بقال الحي..ملاذ الأسر المغربية الفقيرة

المساهمون