تونس: منع الاتجار بسيارات المغتربين يثير غضب التجار

تونس: منع الاتجار بسيارات المغتربين يثير غضب التجار

04 ابريل 2018
السيارات الجديدة ما تزال تحظى بالإقبال(فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -


أثار قرار الحكومة التونسية، منع الاتجار في السيارات المستعملة، التي يوردها تونسيون مقيمون في المهجر، استياء تجار هذه النوعية من السيارات، متهمين الحكومة بالتضييق على تجارتهم لصالح وكلاء السيارات الجديدة، الأمر الذي نفته الحكومة، مشددة على أن قرارها جاء في ضوء تمتع هذه السيارات بإعفاء جمركي لاستخدامها بشكل شخصي وليس بغرض التجارة.

وفي هذه الأثناء دشن نشطاء وتجار للسيارات المستعملة، حملة لمقاطعة السيارات الجديدة تحت عنوان "دعها تصدأ"، إلا أن وكلاء استبعدوا تضررهم من هذه الحملة.

ويجيز القانون التونسي لكل عائلة مقيمة في المهجر التمتع بتوريد سيارتين بإعفاء جمركي، ما يمكن الراغبين في اقتناء سيارات عبر السوق الموازية من استغلال هذا الامتياز الجبائي لجلب العربات والمركبات بمختلف أصنافها.

وإزاء الارتفاع غير المسبوق لأسعار السيارات الجديدة، نتيجة تراجع سعر الدينار مقابل عملتي اليورو والدولار، يلجأ التونسيون بشكل مكثف إلى السوق الموازية والسيارات المستعملة، غير أن قرارات الحكومة بمنع الاتجار في رخص التوريد الممنوحة للمهاجرين يعرّض السوق الموازية ومعارض السيارات المستعملة إلى الاندثار، بحسب محمد أمير صاحب أحد معارض السيارات.

ويقول أمير في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة تحيزت لحساب وكلاء بيع السيارات الجديدة على حساب السيارات المستعملة التي تخضع للضرائب، وتوفر مركبات بأسعار معقولة تحد من تداعيات توريد العربات الجديدة على مخزون العملة في البلاد.

ويضيف أن الإجراءات الحكومية الأخيرة حرمت التونسيين من اقتناء عربات بأسعار تتماشى وقدراتهم الشرائية، فضلا عن حرمان التونسيين في المهجر بالتمتع بامتيازات جبائية حصلوا عليها منذ عشرات السنين.

ويرى أن "السيارات الجديدة ستصدأ ولن تجد مشترين، بسبب ارتفاع أسعارها بأكثر من 30% في السنتين الماضيتين"، مشيرا إلى أن السوق الموازية توفر 25% من احتياجات السوق من السيارات.


في المقابل، يقول هيثم الزناد الناطق الرسمي باسم الإدارة العامة للجمارك، إن الامتياز الجبائي لتوريد العربات والأمتعة المعفية من الرسوم الجمركية حصري للتونسيين بالخارج في إطار العودة النهائية إلى أرض بلدهم.

ويضيف الزناد لـ "العربي الجديد" أن الإجراءات الحكومية الجديدة جاءت لتطبيق روح القانون، باعتبار أن الإعفاء الجمركي هو ملك شخصي للتونسيين المقيمين في المهجر، ولا يمكن السماح باستغلاله من قبل تجار السيارات المستعملة.

ويشير إلى أن بيع استغلال الإعفاء الجمركي من قبل التجار شهد توسعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، ما دفع الدولة للتدخل لفرض القانون، مؤكدا أنه لا نية للتضييق على أي طرف كان.

وتشهد السوق التونسية توريد ما بين 60 و70 ألف عربة سنوياً من قبل وكلاء البيع، إلى جانب نحو 20 ألف سيارة من جانب السوق الموازية.

وعلى خلاف ما ذهب إليه صاحب معرض بيع السيارات المستعملة محمد أمير، بأن السيارات الجديدة ستصدأ ولن تجد من يشتريها بسبب ارتفاع أسعارها، تشير البيانات الرسمية إلى أن التونسيين يقبلون على تغيير عرباتهم بشكل مكثف بما في ذلك الأصناف الرفيعة.

وتستقبل السوق التونسية سنوياً نحو 100 ألف سيارة جديدة، بالرغم من الأزمة الاقتصادية، التي تمر بها البلاد، وتوفر المصارف التجارية العديد من القروض الميسرة لشراء السيارات الجديدة والقديمة على حدٍ سواء.

وفي مقابل اتهام تجار السيارات المستعملة للحكومة بالتحيز لصالح وكلاء المركبات الجديد، يقول مهدي محجوب الناطق باسم وكلاء البيع، إن الحكومة لم تقدم لهم أي خدمة بالحد من نشاط السوق الموازية، مؤكدين أن قطاع السيارات أكبر المتضررين من سياسة الحكومة التي ترفع سنوياً من الضرائب المفروضة على العربات وتقليص الواردات بنحو 20% هذا العام.

ويؤكد محجوب في حديث لـ"العربي الجديد" أن القطاع المنظم لا يستنزف رصيد العملة الصعبة، بل يساهم في دفع الاقتصاد عبر الجباية ودعم اتفاقيات تصنيع مكونات العربات مع المصنعين.

وتسارعت وتيرة هبوط احتياطات النقد الأجنبي في تونس، منذ 2017، بفعل ارتفاع عجز ميزان التجارة وهبوط أسعار صرف الدينار التونسي مقابل الدولار واليورو.

وتقلّصت الاحتياطات بنحو 300 مليون دولار في نهاية الأسبوع الأول من مارس/ آذار الماضي، لتستقر عند 4.6 مليارات دولار من 4.9 مليارات دولار في نفس الفترة من فبراير/ شباط، حسب بيانات البنك المركزي.

ويقول محجوب إن السوق الموازية للعربات لا توفر لخزينة الدولة أي مداخيل، فضلا عن تفشي ظاهرة توريد السيارات المغشوشة المعطوبة، التي تهدد سلامة سائقها، لافتا إلى أن الإقبال على شراء السيارات الجديدة، دليل على ثقة التونسيين في خدمات وكلاء البيع بالرغم من تداعيات تراجع الدينار على الأسعار.

وطالبت الشركات الموردة للسيارات منذ ما يزيد على سنتين بتعديل برامج التوريد ومنحها الاستقلالية التامة في الكميات الموردة وفق قانون العرض والطلب، معتبرة أن تحرير سوق السيارات سيخلق نشاطاً في السوق ويحد من المضاربة في سوق السيارات المستعملة، وفق محجوب.

دلالات