عبد اللطيف الجواهري... قائد "المركزي المغربي" في مواجهة كورونا

عبد اللطيف الجواهري... قائد البنك المركزي المغربي في مواجهة كورونا

21 ابريل 2020
عبد اللطيف الجواهري (جلال المرشدي/الأناضول)
+ الخط -

عندما سئل عبد اللطيف الجواهري، أخيرا، حول مستقبله على رأس البنك المركزي في المغرب، أجاب بأن القرار يعود للعاهل محمد السادس، علما أنه كان يستعد لرفع لائحة تجديد أعضاء مجلس البنك إليه.

"بقاؤه على رأس المركزي المغربي يأتي بتجربة كبيرة ترجّح نجاحه في التعاطي مع أزمة كورونا وعند السعي إلى التعافي منها بعد ذلك"، كما يؤكد مصدر مصرفي فضل عدم ذكر اسمه، إذ يتصور أن ذلك الثمانيني، الذي اختير في العديد من المرات، أفضل محافظ بنك مركزي في المنطقة، خبر الأزمات جيدا، ما يجعل تجربته مطلوبة في الظرفية الحالية التي يهدّد فيها الفيروس الاقتصاد الوطني.

يتولى أمر البنك المركزي منذ سبعة عشر عاما، وحسب مراقبين يتميز بصراحته، يزاوج بين الأجوبة المباشرة، والرسائل المشفرة، فعندما أثيرت معه قبل الأزمة مسألة التوسع في عجز الموازنة والتضخم من أجل حفز النشاط الاقتصادي، أحال سائليه على التجربة التي عاشها المغرب في الثمانينيات من القرن الماضي، وعبر عن تخوفه من أن يسقط المغرب في فخ شروط صندوق النقد الدولي.

لم يكن يتحدث عن غير علم، فقد كان وزيرا للمالية عندما فرض صندوق النقد والبنك الدوليين، برنامجا للتقويم الهيكلي على المغرب في ظل نفاد الرصيد من النقد الأجنبي ووصول المديونية إلى حوالي 100 في المائة من الناتج الداخلي.

لا يمل من التذكير بتلك الفترة التي يشبه فيها شروط المؤسستين بشروط "الخزيرات"، في إحالة إلى شرط "الجزيرة الخضراء" التي فرضتها القوى الاستعمارية على المغرب، قبل الخضوع للحماية الفرنسية في بداية القرن الماضي.

لقد تولى تدبير تلك المرحلة الصعبة مع المؤسستين في 1983 عندما كان وزيرا للمالية، هو الذي قضى حياته في قطاع الصيرفة والمال، إذ التحلق بالبنك المركزي ولم يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر، قبل أن يلتحق بالحكومة كوزير مفوض لدى الوزير الأول مكلف بإصلاح الشركات الحكومية.

تولى بعد ذلك منصب وزير المالية في حكومتين، وعاد للقطاع المصرفي، حيث ترأس البنك المغربي للتجارة الخارجية قبل خصخصته، ثم إلى الصندوق المهني المغربي للتقاعد، الذي غادره كي يتولى أمر البنك المركزي منذ 2003.

لم يخضع لضغوط صندوق النقد الدولي عندما أعرب المغرب عن اعتزامه على تليين (تحرير تدريجي) سعر صرف الدرهم، فقد شدد الجواهري على ضرورة توفير شروط ذلك على مستوى استعداد الفاعلين، رغم تحقيق الأساسيات الاقتصادية من قبيل رصيد النقد الأجنبي، وبعد قرار المرحلة الأولى من التليين، عاد الصندوق للضغط من أجل المضي في التليين، إلا أن الجواهري شدد على أنه لا يشاطر الصندوق وجهة نظره، قبل أن يوسع نطاق سعر صرف الدرهم، فهو يؤمن بأن التعويم الكامل سيستغرق حوالي 15 عاما.

يأخذ عليه الكثيرون نزوعه المحافظ في السياسة النقدية، هذا ما يتجلى من سجال غير معلن بينه وبين المندوب السامي في التخطيط أحمد الحليمي، الذي يؤكد أنه يمكن للمغرب السماح بتوسيع مستوى عجز الموازنة وتبني تضخم "جيد"، ما يساعد على تنشيط الاقتصاد، مشيرا إلى أنه يمكن اللجوء إلى الدين الخارجي عوض الدين الداخلي المرتفع والذي يشكل عامل إزاحة للقطاع الخاص.

يشدد خبراء على أنه لا يجب التمسك بالهدف القاضي بحصر التضخم في حدود 2 في المائة، غير أن الجواهري رد عندما أثير أمامه ذلك الموضوع: "لا أتوفر على زر أضغط عليه من أجل توسيع الضخم"، مشددا على أن التضخم يضر بالقدرة الشرائية للأسر. ورغم ذلك لم يكف الجواهري في التقارير التي يرفعها للعاهل المغربي في الأعوام الأخيرة، عن التأكيد على ضرورة إحداث قفزة قوية في الاقتصاد الوطني، الذي تميز نموه بهشاشته وضعف توفيره لفرص العمل.

عندما زارت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، المغرب أخيراً، طُرح السؤال حول خط السيولة والوقاية الذي وضعته المؤسسة رهن إشارة المغرب، من أجل مواجهة الصدمات الخارجية، فنهاية سريان الخط المحدد في 3 مليارات دولار كانت مقرّرة في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، ومع إقرار الجواهري بأهمية الخط، إلا أنه اعتبر أن تلك الضمانة يجب أن يوفرها المغاربة أنفسهم، غير أن جائحة كورونا أجبرت المملكة على السحب من ذلك الخط.

دلالات

المساهمون