"بريكست" بلا اتفاق يهدد الاقتصاد البريطاني بتراجع الاستثمار والركود
وكان مجلس العموم البريطاني رفض قبل شهرين اتفاق الانسحاب بأغلبية ساحقة، وطلب من ماي التفاوض مجددا مع المفوضية الأوروبية للتوصل إلى اتفاق أفضل.
إلا أن قادة الاتحاد الأوروبي رفضوا طلباتها واعتبروها مستحيلة، وحذر عدد من النواب أنه في حال لم يحدث اختراق خلال الساعات الـ24 المقبلة، فإن هزيمة ثانية للاتفاق في البرلمان هي "أمر حتمي".
وفي حال لم يوافق مجلس العموم على اتفاق، ولم يتم التفاوض على إرجاء بريكست أو لم يتم إلغاؤه، فسيتعين على بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي بعد 46 عاما من العضوية في 29 آذار/مارس دون اتفاق ما سيتسبب في مشاكل هائلة للجانبين.
الانعكاسات الاقتصادية
كذا، يوجد سبب ثان، وهو أن المستثمرين يحتاجون إلى معرفة العلاقة التجارية المستقبلية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي لا تغطيها اتفاقية الانسحاب (التي لم يوافق عليها أعضاء البرلمان، على أي حال).
وأظهرت أبحاث نشرت يوم الاثنين ان الأرقام الرئيسية التي تظهر سوق عمل بريطانياً قوياً تظهر انحساراً، وتدفق الوظائف في الشركات يبيّن نمطا يرتبط بظهور الركود.
وظل الجنيه الإسترليني تحت ضغط قبل اقتراعات مهمة في البرلمان بشأن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتعرض الإسترليني لضغوط من جديد مع توجيه برلمانيين من أنصار الانفصال الأوروبي تحذيرا لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من رفض البرلمان اتفاق الانسحاب من الاتحاد للمرة الثانية. ونزل الإسترليني لفترة وجيزة عن أقل مستوى في ثلاثة أسابيع 1.2945 دولار في التعاملات الآسيوية ثم عوض معظم الخسائر.
ومن جهة أخرى، أعلنت وكالة "موديز" للتصنيف الائتماني أن سيناريو "بريكست" من دون اتفاق، قد يضر صناعة السيارات في العالم.
وأشارت الوكالة إلى أن إنتاج بريطانيا من تلك الشركات مرتبط بشكل كبير بالاتحاد الأوروبي، والوصول إلى "بريكست" بلا اتفاق سيؤدي إلى آثار سلبية، اهمها وقف تجارة السيارات الخالية من الرسوم الجمركية مع دول الاتحاد.
ولفتت الوكالة إلى أن السيارات المصنعة بالمملكة المتحدة والتي سيتم تصديرها للاتحاد الأوروبي قد تواجه تعريفات سيارات بنسبة 10 في المائة، بما يتماشى مع الضرائب التي تدفعها الدول غير الأعضاء بالكتلة.
ونص اتفاق ماي مع الاتحاد الأوروبي على إنشاء "شبكة أمان" (باكستوب بالإنكليزية) لمنع عودة حدود فعلية بين أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا من أجل حماية اتفاقات سلام موقعة في 1998 والمحافظة على السوق الأوروبية الموحدة.
ويعد هذا الحل الخيار الأخير الذي يمكن اللجوء إليه في نهاية المطاف بعد الفترة الانتقالية في حال لم يتم إيجاد تسوية أفضل بحلول منتصف 2020 بين لندن وبروكسل.
وتقضي هذه الآلية المثيرة للجدل بإنشاء "منطقة جمركية موحدة"، وفق "فرانس برس" تشمل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لا تطبق فيها أي أنظمة للحصص أو رسوم جمركية على السلع الصناعية والزراعية.
وستتمتع أيرلندا الشمالية بوضع خاص إذ ستبقى ملتزمة بعدد محدود من قواعد السوق الأوروبية الموحدة خاصة في ما يتعلق بالمعايير الصحية لعمليات المراقبة البيطرية.
وإذا طبقت "شبكة الأمان"، يفترض أن يتم اتخاذ قرار مشترك لإلغائها مع ضرورة إيجاد علاقة تجارية أخرى تستثني الرقابة الجمركية على الحدود مع أيرلندا.
وتريد المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي "منطقة للتبادل الحر وتعاونا أوسع بين مختلف القطاعات عندما يكون الأمر في مصلحة الطرفين".
وعلى هذه الشراكة التي يمكن أن "تتطور مع مرور الوقت" أن تحترم "سلامة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي" وكذلك "السوق الداخلية البريطانية". كما يجب أن تعترف "بتطوير المملكة المتحدة لسياسة تجارية مستقلة"، وهي نقطة حاسمة لمؤيدي بريكست الذين يرون فيها المصلحة الرئيسية لمغادرة الاتحاد.
وسيبدأ العمل لوضع "أنظمة متكافئة" للمؤسسات المالية البريطانية "ما إن يصبح ذلك ممكنا". وتسمح هذه "الأنظمة المتكافئة" للخدمات المالية خارج الاتحاد الأوروبي بالقيام بأعمال في الاتحاد وفق بعض الشروط، وخصوصا معايير مراقبة مماثلة.