خطف باكستانيين مقابل فدية

خطف باكستانيين مقابل فدية

26 نوفمبر 2017
بعد الإفراج عنه (فرانس برس)
+ الخط -
تزداد جرائم خطف المواطنين بهدف الحصول على المال في باكستان، وتكمن خطورتها في ضلوع مسؤولين وموظفين أمنيين فيها. وباتت مدن آمنة نسبياً، كالعاصمة إسلام أباد، والمدينة المجاورة لها راولبندي، والتي تُعرف بالمدينة العسكرية بسبب وجود معظم مراكز الجيش ومقر الجيش الباكستاني، تشهدان جرائم مماثلة.

وكشفت السلطات ضلوع مسؤولين وموظّفين في الأمن الباكستاني في هذه الجرائم، ما يجعل المواطن أكثر قلقاً. ويفترض أن تتصدّى قوات الأمن للعصابات المتورّطة في قضايا الخطف، إلا أن ذلك لن يكون ممكناً في حال كان كبار المسؤولين أنفسهم ضالعين في تلك القضايا. يقول أحد سكان مدينة راولبندي، محمد عامر، إن نسبة خطف المواطنين ارتفعت إلى حدّ مقلق جداً، وكلّ من يمكنه دفع فدية معرض لخطر الخطف. ويذكر أن أحد أقاربه اختطف وأفرج عنه في مقابل مليون روبية (نحو 100ألف دولار). وحين أُفرج عنه، اكتشفت الأسرة أن الخطف كان بالتواطؤ مع مسؤول في الشرطة الباكستانية تولى التفاوض مع الأسرة نيابة عن الشرطة، وكان يحثّ على دفع الفدية بدلاً من اللجوء إلى حلول أخرى، بحجة أن الرهينة قد يتعرض للخطر.

رغم معرفة الحقيقة، اختارت الأسرة الصمت خوفاً على أفرادها الآخرين، خصوصاً أنّه لدى الرجل نفوذ في الحكومة والشرطة والأوساط الشعبية. وكشفت شرطة مدينة كراتشي أنّ مسؤولاً كبيراً كان ضالعاً في قضية خطف نجل القيادي في حزب الشعب الباكستاني والعضو في البرلمان الإقليمي، غلام مرتضى بلوش. وأوضحت أنه خلال عملية إطلاق سراح الرهينة، قُتل خمسة مسلحين من الذين خطفوا الرهينة بهدف الحصول على فدية، أحدهم ضابط في الشرطة عمل في مدينة شكار بور قبل نقله إلى مدينة كراتشي. وتؤكد الشرطة أنها تتحقق في إذا ما كان الضابط ضالعاً في عمليات خطف أخرى.

وفي أغسطس/ آب الماضي، أعلنت الشرطة الباكستانية اعتقال مسؤول في الأمن الباكستاني، بسبب خطفه تاجراً مشهوراً يدعى سليم راجبوت بهدف طلب فدية. لكن السلطات الباكستانية أفرجت عنه قبل أن يحصل المسؤول على مبتغاه. ويقول مسؤول أمني آخر في الشرطة، ويدعى طارق دارغو، إن المتّهم، وهو مسؤول أمن منطقة تيبو سلطان اعترف بالجريمة، مؤكداً أنه ساعد عصابة في خطف التاجر ليحصل من ذويه على 200 ألف دولار. لكن الشرطة أفرجت عنه خلال مداهمة ليلية.

ويوضح المسؤول أن الرجل اعترف بضلوعه في خطف تجار آخرين في وقت سابق، وقد أحيلت القضية إلى القضاء. ويعدّ الخطف بهدف الحصول على فدية تجارة رابحة في باكستان، وقد امتدت هذه الجرائم في الآونة الأخيرة إلى جميع المدن الباكستانية من دون استثناء، كما أنها باتت مصدر دخل كبير للجماعات المسلحة. ويهتم المسلحون بخطف مسؤولين أو موظفين في الحكومة بهدف الحصول على المال. وفي بعض الأحيان، يُختطف أطفال مسؤولين أو موظفين في الحكومة.

إلى ذلك، اختُطف محمد هارون (12عاماً)، نجل مسؤول في الأمن الباكستاني، على أيدي مسلحين مجهولين في منطقة حيات أباد في مدينة بشاور، مركز إقليم خيبربختونخوا شمال غرب باكستان، خلال عودته من المدرسة. وعاشت الأسرة في حالة من الحزن والأسى لثلاثة أسابيع، حتى لحظة الإفراج عنه، وقد دفعت نحو 50 ألف دولار للخاطفين. وصدمت العائلة حين اكتشفت ضلوع قريب لها، على صلة بجماعة مسلحة، في عملية الخطف. يقول الوالد لياقت خان إنّ "المشكلة لا تكمن فقط في خطف إبني، بل في ضلوع قريب لي في القضية"، لافتاً إلى أن الأحداث تؤكد أن الجريمة حصلت بالتواطؤ مع الشرطة.

ومؤخّراً، أعلنت شرطة مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة، اعتقال مسؤول فيها يُدعى محمد جهانكير، على خلفية خطف رجل وزوجته في منطقة ويسترج العسكرية في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وقد حُوّلت قضيته إلى المحكمة المحلية في المدينة للنظر فيها.

في هذا السياق، يقول المسؤول في الشرطة، الذي عُيّن محل جهانكير خان، ويدعى حاجي محمد طارق، أن المتهم وعدداً من رفاقه عمدوا إلى خطف أحد سكان مدينة راولبندي خالد لطيف وزوجته، بمساعدة اثنين من عناصر الشرطة، بهدف الحصول على المال. لكن أفرج عن الزوجين عندما حاول المجرمون نقلهما من سيارة إلى أخرى، بهدف الوصول إلى خارج المدينة. وما كان من الرجل المخطوف إلا أن صرخ، ليتجمع الناس وتأتي الشرطة.

استهداف الأغنياء
تُقلق جرائم الخطف الأغنياء في باكستان أكثر من غيرهم، إذ أنّهم قادرون على دفع فدية. ولأنهم كذلك، عادة ما تستهدفهم العصابات المسلحة. ويجد المواطنون أنفسهم في حيرة، في ظل ضلوع مسؤولين وموظفين في الأمن والشرطة في هذه الجرائم. ويأملون أن تتمكن الأجهزة الأمنية من الحد من هذه الظاهرة في وقت قريب.