"روبوت" لدمج الأطفال اللاجئين

"روبوت" لدمج الأطفال اللاجئين

28 مايو 2016
يفترض ألا تقلّ مدة برامج الرعاية عن عامين(فرانس برس)
+ الخط -

حتى عام 2015، استقبلت ألمانيا نحو مليون لاجئ، من بينهم عدد كبير من الأطفال، يعاني معظمهم من مشاكل نفسية في ظل كل ما شهدوه في بلادهم، والرحلة الشاقة والمصاعب التي واجهتهم من أجل الوصول إلى ألمانيا، أملاً في حياة جديدة وأكثر أماناً. صحيح أن بعض هؤلاء لم يحالفهم الحظ في عيش الحياة التي حلموا بها، بسبب مكوثهم في مراكز اللجوء المكتظة والخيام الباردة، إلّا أن الدولة الألمانية تسعى إلى مساعدة هؤلاء الأطفال بشتى الوسائل.

يحظى الأطفال اللاجئون بمعاملة خاصة. وتحاول الدولة إيجاد الوسائل الأنسب للتعامل معهم من أجل تأمين إندماجهم في المجتمع، خصوصاً أنهم الأكثر قدرة على التكيّف في المجتمع. من هنا، تخصّهم الدولة والمؤسسات الاجتماعية بالاهتمام. وعادةً ما يعيّن متخصّصون لمساعدتهم على تجاوز معاناتهم والتأقلم مع حياتهم الجديدة. هؤلاء يتحدثون مع كل طفل بشكل منفرد ومطوّل، ويساعدون الأطفال الذين لا يرافقهم أحد من أفراد أسرهم، ليكونوا قادرين على الاستعداد لجلسة الاستماع أمام محكمة الأسرة. ويعمل مركز مساعدة اللاجئين وغيره من المؤسسات الإنسانية الأخرى على توفير محام خاص لكل لاجئ، حتّى يتمكن من الدفاع عن حقوقه على أكمل وجه.

إلى ذلك، يتوجه معظم الأطفال إلى صفوف خاصة لتعلّم اللغة الألمانية ما يساعدهم على الاندماج. ويفترض أن يبقى هؤلاء الأطفال في برامج الرعاية لمدة سنتين. لكنهم في الغالب، يبقون عاماً واحداً بسبب عدم وجود أماكن شاغرة، ويخضعون لساعات تعليم إضافية حتى يتمكنوا من التعبير عن كل ما يخطر ببالهم في حياتهم اليومية، ما يجعلهم أكثر قدرة على التأقلم، فلا يشعرون أنهم غرباء بسبب اللغة.

وكانت وزارة التعليم الألمانية قد أطلقت مشروعاً لتعليم أطفال اللاجئين اللغة الألمانية، على أن يستمر لمدة ثلاث سنوات. وتطوّع 150 ألف مواطن ألماني للمساعدة في تعليم أطفال اللاجئين اللغة الألمانية، بحسب وزارة التعليم. وتبلغ كلفة المشروع 2,2 مليون يورو. بناء على هذا المشروع، سيحصل أبناء اللاجئين، والذين يبلغ عمرهم خمس سنوات، على كتب تناسب أعمارهم لتعلّم اللغة الألمانية. أما الأطفال حتى سن الثانية عشرة، فيحصل كل واحد منهم على صندوق فيه كتب وألعاب.

وأعلن رئيس رابطة معلمي اللغة الألمانية هاينز بيتر ميديغز أن ألمانيا ستكون بحاجة إلى 20 ألف أستاذ للّغة الألمانية لتعليم 325 ألفاً من أطفال اللاجئين. ووظّفت السلطات الألمانية نحو 8500 مدرس عام 2015 لتعليم اللغة الألمانية، ووافقت المدارس الألمانية على استقبال نحو 200 ألف طفل من اللاجئين، بالإضافة إلى تجهيز 8264 صفاً خاصاً.




كذلك، عمل باحثون في جامعة "بيلفيلد" على برمجة روبوت "ناو" الشهير، لنقل المهارات اللغوية وبعض العادات البسيطة لأطفال اللاجئين، خصوصاً أولئك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 4 و5 سنوات.

وأطلقت الحكومة الألمانية برنامجاً خاصاً بقيمة 12 مليون يورو يهدف إلى توفير الرعاية والتأهيل، وإيجاد بيئة مناسبة لدمج الأطفال اللاجئين والقصّر في المجتمع الألماني. ويعمل القائمون على البرنامج على تأهيل الأطفال ودمجهم في المجالات المختلفة في المجتمع.

من الناحية النفسيّة، تقدّم بعض المؤسسات الاجتماعية والخيرية مساعدة للأطفال المصابين بصدمات نفسية، خصوصاً الهاربين من الاضطهاد والصراعات في بلدان مثل سورية والعراق وأفغانستان. مثلاً، يهدف مشروع رواة بلا حدود إلى مساعدة الأطفال الذين يعيشون في المخيمات على الشعور بالاستقرار من خلال الفنون والألعاب وسرد القصص.

وتحصل الولايات الألمانية على 350 مليون يورو كإعانات مالية تتعلّق بشؤون الأطفال اللاجئين الذين قدموا إلى ألمانيا من دون عائلاتهم. ويفترض أن تقدم الحكومة الاتحادية فائض الميزانية في مجال رعاية الأطفال حتى عام 2018، بهدف تحسين دور الحضانة وزيادة قدراتها الاستيعابية.

في السياق، يقول أستاذ علم النفس الألماني أندرياس مات شلاغر إن التجارب المؤلمة التي عاشها هؤلاء الأطفال مخيفة، بالإضافة إلى الوضع في بعض مخيمات اللجوء، والتمييز والعزلة، ما يستدعي توفير جميع الطاقات لمساعدتهم في الاندماج في المجتمع كأفراد فاعلين وصالحين. تقول فرح (10 سنوات)، وهي تصف لحظات قضتها في القارب للوصول إلى ألمانيا: "كنت خائفة. ظننت أنني سأموت. أردت أن أحتضن أمي لكنها كانت تحمل أخي الصغير. بكيت كثيراً". تعيش فرح في أحد مخيمات اللجوء في مدينة كولن. وتسعى الدولة إلى مساعدتها على تجاوز الخوف.

المساهمون