هزلها جدّ وجدّها جدّ!

هزلها جدّ وجدّها جدّ!

06 فبراير 2015
الارتباط برجال تخلوا عن امتيازهم وإرثهم الذكوري.. "حظ"(فرانس برس)
+ الخط -

"هزلها جدّ وجدّها جدّ!". تضمّ هذه العبارة لبّ عدم التكافؤ بين النساء والرجال في ما خص الزواج. تعني ببساطة أن الرجل هو الحاكم بأمره في الزواج وفي فسخه، لكن الأفظع أن بإمكان الرجل فسخ الزواج وببساطة "هوّي وعم يمزح" (أقلّه لدى الطائفة السنية).

لا تختلف الطائفة السنية في لبنان كثيراً عن غيرها من الطوائف الأخرى في ما خص قوانين الأحوال الشخصية. لا تتوحد هذه الطوائف على سنّ الحضانة، ولا طريقة فسخ الزواج، ولا إجراءات النفقة والولاية والوصاية. لكنها جميعاً تتوحد عند شيء واحد: المساومة على حقوق النساء لا سيما حقّهن بالمساواة.

في مراجعة لحوالى 243 حالة طلاق في المحاكم الشرعية والروحية، تبين أن التمييز بحق النساء ممنهج وعابر للطوائف. هذا ما جاء في دراسة أطلقتها "هيومن رايتس ووتش" في شهر يناير/كانون الثاني 2015 تحت عنوان: "غير متساويات، وغير محميّات: حقوق النساء تحت مظلة قانون الأحوال الشخصية الديني في لبنان".

عدم رفع سن الزواج إلى 18 سنة بين جميع الطوائف، وتركه لـ"حسن تقدير القاضي" هو أيضاً من أشكال التمييز الصارخ بحق النساء والفتيات. ما هو هذا المجتمع الذي يشجّع على أن تنجب الفتيات أطفالاً؟ ناهيك عن تعدد الزوجات خصوصاً لدى الطوائف السنية والشيعية. وعلى الرغم من أن الطوائف المسيحية لا تسمح بتعدد الزوجات، إلا أن الرجال في هذه الطوائف الذين لا يمكنهم فسخ زواجهم، يمكنهم ببساطة تحويل دينهم للإسلام، والزواج من أخرى من دون الحاجة إلى فسخ عقد الزواج الأول. الأمر طبعاً مستحيل على النساء، حيث يجب عليهن أن يفسخن عقود زواجهن أولاً. أضف إلى ذلك أنه لدى هذه الطوائف المسيحية، فإن تهديد الزوج بقتل زوجته ليس سبباً كافياً للإسراع بفسخ الزواج!

تعقيدات الأمر عينها أيضاً في ما خص الحضانة، حيث أن هذه الإشكاليات بعمقها مشتركة بين جميع الطوائف. هذا مجرّد جانب من المشكلة. في لبنان، كما في العديد من البلدان العربية الامتياز الذكوري سيّد الموقف. في مجتمعنا ليس هناك من ضمانات لحماية النساء. الإصلاح من داخل الطوائف قد يكون أحد الحلول على المدى القصير، مع كل تعقيداته ودهاليزه. هذا ما بدأته "شبكة حقوق الأسرة" حين قامت بتجزئة قوانين الأحوال الشخصية، وبدأت بمعركة الحضانة من داخل الطوائف عام 2011. استطاعت حينها رفع سن الحضانة إلى 12 سنة وتوحيدها بين الصبيان والبنات لدى الطائفة السنية. الحل المستدام الآخر يقضي بتوجيه بوصلة العمل النسائي نحو إقرار قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية. حينها فقط، لا تبقى النساء رهينة "حظ" الارتباط برجال تخلوا بقرار عن امتيازهم وإرثهم الذكوري.

*ناشطة نسوية

المساهمون